«السعد والنحس» ارتبطا دائما بوجهها، فإذا أنجبت المرأة ولدا يقولون: «وشها حلو علينا» وإذا أنجبت بنتا يقولون: «إيه الوش النحس ده».. اختارت أن تمتهن أقدم مهنة عرفها الإنسان «الداية».. القاسم المشترك فى أى عملية ميلاد جديدة تشهدها «الدويقة». سنية محمد «داية الدويقة» المرأة الوحيدة التى يتم استدعاؤها فى الساعات المتأخرة من الليل، فتدخل كل البيوت وتعرف أسرارها. كانت البداية مع زلزال 92 والذى هدم بيتها فى الدرب الأحمر وأدى إلى تشريد عائلتها بالكامل، فلم تجد سنية مفرا من اللجوء إلى الدويقة، خاصة أنها فقدت كل ما تملك فى هذا الزلزال مما اضطرها للبحث عن مهنة تستطيع التكسب منها. بحثت كثيرا ولم تجد أفضل من مهنة الداية خاصة أن داية الدويقة القديمة قد ماتت وخلت وظيفتها فى المركز الطبى ومع أول مولود تقوم بتوليده بدأت علاقتها بأهل الدويقة التى تحولت بعد شهور إلى علاقة ود وصداقة كبيرة، ف«سنية» أصبحت العامل المشترك فى أى محنة أو أى مشكلة تطرأ على أحد من أهالى الدويقة. ذاع صيت سنية فى الدويقة ليس فقط ك«داية» ولكن كسيدة الأزمات الأولى، فهى «ست بميت راجل»، هناك هى الوحيدة التى تتمكن من النزول إلى أسفل الجبل فى أى وقت من الليل، خاصة للمستشفى الموجود هناك والتى كانت تؤمن نقل المرضى إليه لانتشار البلطجية، فلا أحد يستطيع من غير أهالى المنطقة النزول إليه دون المرور على الحاجة سنية التى تؤمن وصوله إلى المستشفى بسلام.. «أنا الوحيدة لما حد يتعور ولاّ يجرى له حاجة اللى أقدر أنقله للمستشفى عشان كدة بيقولوا عليا قلبى ميت». مرت الحياة ب«سنية» فى الدويقة بسلام إلى أن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث وقع جزء من الجبل على بيتها وهدمه تماما لم تعِ سنية ما تفعل خاصة أنها لثانى مرة يُهدم بيتها، لكن تلك المرة لن ترحل إلى أى مكان آخر فهى اعتادت على أهالى الدويقة ولم تعد تعرف لها أهلا غيرهم، كما أن كل أبناء الدويقة الآن أصبحوا أولادها «أنا اتولد على إيدى كل شباب الدويقة الصغير.. أسيبها إزاى؟». تقضى يومها جالسة أمام المركز الطبى، وحولها الأطفال فى انتظار صراخ إحدى السيدات لكى تلبى نداءها مسرعة: «حاضر جاية أهو».