كشفت دراسة حديثة لمركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أن الكثير من السيدات المصريات ، وخاصة في الريف لا يزلن تفضلن الاستعانة بالقابلة أو "الداية" عن الولادة على يد طبيب أو طبيبة في المستشفى. وأرجعت الدراسة هذا السلوك الى العادات والتقاليد التى لا تسمح بكشف المرأة على رجل غريب حتى لو كان الطبيب ، أو بسبب ضيق ذات اليد وعدم القدرة على تحمل مصاريف الولادة فى المستشفى، مشيرة الى أنها قد تعود أيضا الى الموروث الشعبى الذى يؤمن بالمثل القائل "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب "،باعتبار أن الداية قامت بهذه العملية مرات عديدة، ولديها خبرة كافية فى هذا المجال ، غير عابئات بالمخاطر التى قد تتعرض لها المرأة أثناء الولادة إذا تطورت حالتها وساءت ولم تستطع الداية التعامل معها . وحكت إحدى السيدات اللاتي استطلع البحث حالاتهن إن تجربتها مع الداية لم تضرها بل وفرت لها نفقات الولادة فى المستشفى، فالفارق بين داية وأخرى الخبرة ودرايتها بالمخاطر الفجائية التى قد تحدث أثناء الولادة والقدرة على التصرف معها قائلة: "الداية" التى تعاملت معها لا تزال علاقتى بها جيدة فهى التى قامت بتوليدى لأن زوجى صعيدى لا يسمح بأن تظهر زوجته على رجل غريب . فيما قالت حالة أخرى وهي "ربة منزل " 31 سنة من منطقة الوراق أن حالتها ازدادت سوءا أثناء الولادة ولم تتمكن الداية من إنقاذها ، لأنها كانت تحتاج لعملية قيصرية ، فاضطر الزوج لإحضار الإسعاف لينقذ زوجته وجنينها ، ولولا تدخل الأطباء لتوفيت هى والمولود ، وبعدها قررت زينب الاستعانة بالطبيب فى كل أمورها النسائية . وأكدت "ناهد" -ربة منزل- "32 سنة" أنها تعرضت لأزمة على يد إحدى الدايات عندما تسببت الداية فى خروج رجل الجنين أولا قبل رأسه مما أدى لوفاته ، وتضيف: بعد فترة من الزمن استطعت تجاوز هذه الأزمة ، خاصة أن ذلك المولود كان الأول بالنسبة لى وقررت أن أتابع عند طبيب متخصص حتى لا تتكرر مأساة الداية . وتتذكر سهام " ربة منزل " 29 سنة بألم شديد حكايتها مع الداية قائلة : "هناك بعض الأفعال الخاطئة التى تصر عليها الداية إيمانا منها بأن ذلك فى مصلحة الأم والجنين فلا مانع لديها من أن تقسو على المرأة أثناء الولادة فتتسبب فى حدوث ألم شديد وإصابات بالغة لا تذهب آثارها إلا بعد فترة طويلة وهذا ما حدث معى فقد لجأت إليها لأن دخل زوجى البسيط لا يسمح لى بمتابعة حملى عند لطبيب . تقول حكمت شعراوى "داية" بمنطقة منشية ناصر إنها حصلت على دورات تدريبية كثيرة لتجنب المشاكل المحتملة عن عملية الولادة وذلك بجمعية نهوض وتنمية المرأة ، إلا أن المرأة قد تتعرض لمشاكل نفسية تؤثر على عملية ولادتها كأن يسئ زوجها معاملتها رغبة منه فى إنجاب الولد إلا أنها تحاول تهيئة الظروف للمرأة بمتابعتها فى فترة الحمل مع إعطائها مجموعة من النصائح ولكن إذا استوجبت الحالة دخول المستشفى تفعل ذلك وبدون تردد لأن هناك حالات كثيرة تستدعى إمكانيات المستشفى. أما هند حسن "أصغر داية بمصر" والتى تبلغ من العمر- 26 عاما –فتقول: إن الداية لابد أن تكون خبيرة بشكل كاف حتى تتمكن من إجراء عملية الولادة بأمان تام ، فمثلا أن تدرك أن الطفل إذا كان أقل من (2) كيلو يكون ضعيفا للغاية وأكثر من 4 كيلو يكون بحالة غير طبيعية كما أن إصابة الأم بالسكر يؤثر على طفلها بل قد يؤدى لتسمم الحمل. الدكتورة مها مسعد أستاذ النساء والتوليد بقصر العينى توضح أن هناك نوعين من الدايات ، النوع الأول يطلق عليه "Midwife" وهى حاصلة على دورات تدريبية مختلفة تمكنها من التصرف فى المواقف المختلفة التى تتعرض فيها المرأة أو الطفل لأى مشاكل أثناء الولادة ، وهناك داية أخرى تمارس المهنة ب"البركة" وهنا تكمن المشكلة الكبرى لأنها قد تتسبب فى إصابة المرأة بنزيف أو حمى النفاس أو قطع للمثانة أو سقوط الرحم وغيرها من المشاكل المختلفة ، لذلك ولتجنب ذلك ينبغى أن يتم استخدام أدوادت معقمة أثناء الولادة ، كما يجب أن تتم تلك العملية فى عيادة حتى يمكن انقاذ المرأة إذا تعرضت لأى مشاكل ، إلا أن الأمر يتطلب وعيا من المرأة حتى لا تضر نفسها وجنينها. ويؤكد دكتور إلهامى عبد العزيز أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن انتشار الدايات فى الماضى كان لأسباب نتعددة تأتى فى مقدمتها قلة عدد الأطباء وزيادة قدرة المرأة على التحمل أما الآن فهناك تقنيات حديثة لتسهيل عملية الولادة فتقلص الاحتياج للداية إلا أن هناك دواعى قد تدفع الأمهات للجوء لها منها قلة التكاليف بالإضافة إلى عادات المجتمع الرافضة لأن تكشف امراة على رجل خاصة فى المناطق الريفية ، كما أن المفهوم السائد لدى الكثير من الأسر بأن الداية أفضل من غيرها لأن هناك المئات من الأطفال الذين خرجوا للحياة على يديها إلا أن الخطورة تكمن فى أن هناك بعض الدايات اللاتى يمارسن تلك المهنة دون وعى أو دراية بكيفية إنقاذ المرأة إن تعرضت لمخاطر أثناء الولادة .