كما شهد الاستفتاء على الدستور تباينا للآراء والمواقف، شهدت مواده أيضا، ومنها المادة "64" التى تنص على أن "الإضراب السلمي حق وينظمه القانون"، حيث رآها البعض مقيدة للتعبير عن الرأي وتهدر حقوق العمال، فيما أيدها البعض الآخر ورآها مناسبة منعاً للفوضى. نهال عبد الفتاح، إحدى العاملات بمصلحة التأمينات، رأت أن المادة "64" تهدف لوضع قانون ينظم الإضراب، ولن يكون في مصلحة العامل، حسب توقعها، وإنما سوف يكون في مصلحة الحاكم والسلطة التنفيذية، معتبرة الدستور الجديد وما سيعقبه من قوانين مثله مثل سابقة، فالعامل مازال يعاني ويجاهد ليحصل على حقه، والدولة في وادٍ بعيد عنهم تماماً. وأكدت نهال عبد الفتاح، أن النظام السابق كان يسرق الدولة في وجود القوانين المفصلة وفقاً لرغبته ويهيئها كما يريد، مشيرة إلى أن الهدف من وراء تلك المادة، وما يخلفها من قوانين، هو منع العمال من الانقلاب على الحكومة لأخذ احتياطاتها، وامتصاص غضبهم قبل حدوث أي عمل احتجاجي. أما أحمد إبراهيم، أحد العاملين بالعلاقات العامة بجامعة طنطا، فقال إن هذه المادة تقيد الموظفين بقانون يلزم العامل بالحصول على إذن من مديريه قبل أن يتظاهر ويطالب بحقه، لأن الإضراب هو أداة ضغط ناجحة للحصول على الحقوق المهدرة. وأضاف أن إبلاغ المدير ورئيس العمل بالإضراب، يسمح لرئيس العمل بتدبير المكائد وإلصاق التهم، ويتخذ إجراءات تعسفية ضد العمال حتى يحافظ على منصبه، مشيراً إلى أن القانون سيكون مقيدا ولن يحافظ على الحقوق، ولن يقف في صف العامل، فمن الممكن مثلاً، أن يتم السماح بالإضراب بشرط الإخطار كتابيا وموافقة المدير المسؤول، وفي هذه الحالة لن يتم الإضراب وإذا تم تنظيمه دون إخطار سيتعرض العامل للعقوبة. وقال أحد مديري التسويق بإحدى شركات الأدوية الكبرى، رفض ذكر اسمه، إن الإضراب القانوني لابد أن ينظمه القانون، ويخضع لثلاث مراحل قبل التصعيد، فإن تخاذلت إدارة الشركة أو المصنع عن تنفيذ مطالب عمالها ينتقل العامل إلى مرحلة أكبر من التصعيد، ويقترح أن تبدأ مطالب العمال بحوار مع الإدارة، وتقديم الطلبات مكتوبة، وينتظر العمال فترة لتبحث الإدارة مطالبهم. يقوم بعدها العمال والموظفين بتنظيم اعتصام سلمي أمام أبواب الشركة أو المصنع بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية، كنوع من التصعيد، وإن لم تستجب الإدارة لطلبات ممثلي العمال في المرحلة الأولى، يحق للعمال تنظيم إضراب عن العمل كمرحلة أخيرة للتصعيد، على حد قوله. ويضيف المصدر أنه لابد من استحداث هيئة تكون مهمتها الفصل في حالات الإضراب، ويكون لها الصلاحيات التي تساعدها على اتخاذ أي قرار منصف للعمال إذا كانوا على حق، أو منصف لإدارة الشركة إذا كان العمال يبالغون في طلباتهم. واتفقت معه فاطمة محمد، مدرسة لغة عربية، بقولها "الدستور كله ألغاز والمادة معناها إني هنتظر قانون يعطيني أذن للمطالبة بحقي، وفي حال وقوع ظلم وضرر في العمل انتظر موافقة المدير، وبهذا يكون هو الخصم والحكم بما يضاعف من الظلم، أمر غير مقبول طبعاً"، مضيفة أنه لا يوجد عامل في الدولة يضرب دون حق، ولا أظن أن هناك عاملا يضرب من أجل التخريب فهذا أمر مستبعد تماماً، لأن العامل يخاف على عمله ويراعي ضميره أمام الله قبل كل شيء. ويخالف الدكتور محمود الحلواني، أستاذ جامعي، كل ما تقدم بقوله إنه يؤيد نص تلك المادة، ويرى أنها تؤكد على حرية العاملين في التعبير عن مطالبهم بالوسائل المشروعة، ومنها الإضراب كما يحدث في الدول الديمقراطية. وأضاف الحلواني، أنه لابد أن يقيد القانون عملية الإضراب حتى لا يتحول إلى فوضى وإضرار بمصالح الدولة.