* {فحملتْه فانْتبذتْ بهِ مكانًا قصيًّا (22) فأَجاءَها المَخاضُ إلى جِذْعِ النَّخلةِ قالتْ يا ليْتَنى مِتُّ قَبْلَ هذَا وكنتُ نَسْيًا مَنْسيًّا (23) فنَادَاها مِنْ تحتِها ألَّا تَحزنِى قدْ جَعَلَ رَبُّكِ تحتَكِ سَرِيًّا (24) وهُزِّى إليكِ بجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عليكِ رُطبًا جَنِيًّا (25) فكُلِى واشْربِى وقَرِّى عينًا فإمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشرِ أحدًا فقُولِى إنِّى نَذَرْتُ للرَّحْمنِ صَوْمًا فلنْ أُكَلِّمَ اليومَ إِنْسيًّا (26) فأتتْ بهِ قومَها تحملُهُ قالوا يا مريمُ لقدْ جئتِ شيئًا فَرِيًّا (27) يا أُختَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرأَ سَوْءٍ ومَا كانتْ أمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأشَارتْ إليهِ قالوا كيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فى المهْدِ صَبِيًّا (29) قال إنِّى عبدُ اللهِ آتَانِىَ الكِتابَ وجَعلنِى نبيًّا (30) وجعلنِى مباركاً أيْنَما كنتُ وأوْصانِى بالصَّلاةِ والزَّكاةِ ما دُمْتُ حيًّا (31) وبَرًّا بِوَالِدتِى ولمْ يجْعلنِى جبارًا شقيًّا (32) والسَّلامُ علىَّ يومَ ولدتُّ ويومَ أموتُ ويومَ أُبْعثُ حيًّا (33) ذلكَ عيسى ابْنُ مريمَ قولَ الحقِّ الذى فيهِ يَمْتَرُونَ (34)}، صدق الله العظيم. آيات بينات من سورة «مريم» أتلوها، برجاء للمسرّة والفرح، فراراً من الهم والغم والغباء وتناحر الإخوة الأعداء، أستحضر بها جلال هذه الأيام، بين 25 ديسمبر 2012 و7 يناير 2013، التى نحتفل فيها بمعجزة ميلاد سيدنا عيسى، عليه وعلى نبينا محمد صلوات ربنا وسلامه، وصلاة وسلام عليك يا سيدة نساء العالمين؛ يا العذراء مريم ابنة عمران. * سنابك اللغة العربية: كان الشاب السويسرى يتصبب عرقاً وهو يتصارع مع اللغة العربية، التى يصر على الكلام بها معى، وأنا ألوّح له كلّ لحظة بسكة الخروج من مأزقه إلى اللغة الإنجليزية من دون جدوى. الشاب سويسرى من الجزء المتكلّم باللغة الفرنسية، لذلك فهو يفضّل الوقوع تحت سنابك اللغة العربية على أن يلجأ إلى اللغة الإنجليزية المنافسة، بل المنتصرة على الفرنسية فى دوائر التواصل العالمى، تمشياً مع تعصبه الفرانكفونى الذى لا ينفيه ولا يُخجله. يسألنى عن الإسلام أسئلة دقيقة، تكاد روحه تزهق معها وهو يكوّنها من مفردات لغته العربية المحدودة بشكل يمكّننى من فهم مقصده تقريباً، وحين أتدفق بالكلام وأنظر إلى عينيه التائهتين وفمه المشدود بالتوتر، وهو يحاول التقاط الفهم من كلامى، يتراجع تدفقى إلى نقطة الامتناع وألزم الصمت. تتقدم زميلته المغربية، التى نسيت اسمها لشدة ألفتى به، لتنقذ الموقف بالترجمة من العربية إلى الفرنسية. أتوجه إليها بالكلام فى محاولة لاستعادة الانبثاق، فألمح انكماشها المتزايد فى ثوبها القصير وهى تحاول شدّه وجذبه إلى ركبتيها فى حرج لا إرادى، هى دكتورة فى الأنثربولوجى، وهو لا يزال ساعياً لنيل الدرجة التى نالتها فى الحقل نفسه، وكلاهما مُهتم لكى يعرف متى وكيف ولماذا ارتديت الزى الشرعى الإسلامى، الذى صاروا يُطلقون عليه خطأً مصطلح «حجاب». أسرد بدهيات وأكرر مُسلّمات والدكتورة والباحث يسجّلان الأقوال كأنها العجائب. أنقل إليهما دهشتى من مجتمعات تتقبل علاقات الشذوذ الجنسى والتناسل من دون زواج ثم تستنكر رخصة أقرّها الإسلام، فى ظل ظروف طارئة، تبيح للرجل الزواج مثنى وثُلاث ورُباع بشرط العدل وإلا فواحدة، مفهوم؟ العدل المستحيل وإلا فواحدة!