هكذا قال عنها الحجاج بن يوسف السياسى والقائد العسكرى الأموى الذى عرف باستبداده ودمويته وقد أجمع المؤرخون على أنه كان من أشد الولاة ظلماً.. حكم مكة وتسبب فى قتل أكثر من 66 ألف شخص، وأطلقوا عليه اسم المبيد، ثم تم نقله إلى العراق ولم يسلم أهل العراق من بطشه وظلمه وطغيانه، وقد كان يكره أهل العراق الذين خطب فيهم قائلا مقولته الشهيرة: «يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق»، وكانت ولايته على العراق التى دامت 20 عاماً هى الأكثر ترويعاً فى تاريخ الدولة الأموية. كان الحجاج رغم بطشه وظلمه حافظاً للقرآن يقرأه كل ليلة، وكان إذا خالفه أحد فى الرأى قال عنه: «كافر». والغريب فى أمر الحجاج هو حبه الشديد لمصر وأهل مصر، حتى كتب فى وصيته لطارق بن عمر قائلا: «لو ولاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل، فهم قتلة الظلمة وهادمى الأمم، ما أتى عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب».. ووصف أهل مصر بالقوة والصبر وقوة التحمل، فلا أحد يستضعف قوتهم، لأنهم إذا قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل لا يريدونه ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه. وقد قال عن أهل مصر: «إنهم خير أجناد الأرض، فاتقوا فيهم ثلاثاً: 1- نساءهم، فلا تقربهن بسوء وإلا أكلتك كما تأكل الأسود فرائسها، 2- أرضهم، وإلا حاربتك صخور جبالهم، 3- ودينهم، وإلا أحرقوا عليك دنياك».. ووصف مصر بأنها «صخرة فى جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله».. وليكن قول الحجاج عبرة لمن يخيل له عقله المريض أنه قادر على إيذاء مصر وجلب الضرر لأهلها وأرضها، ومهما كان حجم وقوة المفسدين الطغاة هم فى غفلة وهذيان عن هزيمتهم الساحقة، فمصر وأهل مصر فى حماية الله دائما وأبدا، والله يمهل ولا يهمل.. فوصول الإخوان للسلطة بالحيلة والتزوير فى ظل غياب القضاء وحضور الميليشيات وارتكاب أفظع جرائم التزوير، يجعلهم يقتربون من نهايتهم المفجعة، ولم ولن تحكم مصر بهذا الدستور الإخوانى الذى هو خارج سيادة القانون، فالنص الذى كتبه الإخوان على أنه دستور مصر خلا من الدستورية المحكمة وتضاربت مواده بحيث تسلب بالشمال ما تمنحه باليمين، لتحصل السلطة الإخوانية على ما تريده من قوانين وسياسات تعسفية غير منصفة وغير عادلة. وعلينا أن ننتبه جيداً إلى أن الديكتاتورية تقع فى صلب الفكر الإخوانى الذى يفرض نفسه وإن وصل الأمر للسلاح والدم، وسرعان ما انكشف أمر المشروع الإخوانى بوصفه مشروعاً ديكتاتورياً عارياً.. فلقد استخدم الإخوان شباب الثورة ثم عزلوهم وألقوا بهم جانباً، واستخدموا القوى الديمقراطية والقومية وقفزوا على ظهرهم إلى السلطة، وحين تمكنوا ووصلوا لمبتغاهم صادروا الثورة ونسبوها لهم واعتبروا الثوريين و60 بالمائة من الشعب المصرى مجرد قلة من الخونة والكافرين.. وأقول أنا وبشكل شخصى للإخوان: لقد ذاب الثلج وبان الذى تحته، فأنتم تدفعون المصريين للعنف الدموى فى حرب طائفية أهلية القاتل فيها مقتول والمنتصر فيها مهزوم، فبين الأخ وأخيه لا منتصر ولا مهزوم.. نحن أمام أزمة غابت فيها وعنها حسابات العقل والمنطق والضمير.. وما علينا الآن إلا الترقب والانتظار، وأن نهيئ أنفسنا لما هو قادم من صراع محموم تكلفته ستكون باهظة الثمن وهى الدم المصرى بكل الأحوال، وليرحمنا الله جميعاً ويلطف بنا وبأرض مصر.. مقولة لابن رشد: «التجارة بالأديان هى التجارة الرائجة فى المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل، فإذا أردت أن تتحكم فى جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف دينى».