يتناول المخرج الشاب، كريم العدل فى فيلمه الثانى «مصوِّر قتيل» عن سيناريو للمخرج عمرو سلامة، حالة أحمد صقر «إياد نصار» المصوّر الشهير الموهوب المصاب بمرض نفسى يجعله يتصور أنه يرى المستقبل أو يرى ما سوف يحدث قبل فترة من وقوعه، ومن ثم يبنى شهرته على تلك الانفرادات بتصوير الحوادث قبل أى مصور آخر، ومن بينها جرائم السفّاح الذى قتل تسعة من أصحاب السوابق وبنات الليل، وتكون العاشرة مريم، زوجة المصوِّر، دون أن تتمكن الشرطة من القبض على القاتل! ولا يكترث السيناريو بتفسير السبب الذى جعل أحمد يرى ما سيحدث لهؤلاء الضحايا بالتحديد دون غيرهم.. فجأة، يقرر أحمد التوقف نهائياً عن التصوير لأنه «زهق من تصوير الموت» مما يتسبب فى تعطيل نشر كتابه «صور حقيقية» فما زالت تنقصه الصورة الأخيرة. يتعامل أحمد مع زوج شقيقته، مفتش المباحث عثمان ببرودة يرجعها عثمان إلى غضب صِهره من عجز الشرطة عن الوصول إلى قاتل مريم رغم مرور عام ونصف على الحادثة، وهو سبب ساذج يحاول به الفيلم تبرير قرار عثمان بإعادة فتح ملف القضية القديمة بشكل شخصى بعد أن تم حفظها ونُسبت إلى سفاح مجهول. يزور عثمان أهالى الضحايا، فيفاجأ بأن مريم كانت تزورهم بعد كل حادث!! تزداد شكوكه فيقرر مراقبة أحمد ورصد تحركاته. من جانب آخر يَشْغلنا الفيلم، الذى تفوح منه رائحة الاقتباس -كتابةً وإخراجاً- بخيوط ثانوية، لا ضرورة لها، عن كاميرا قديمة يدّعى متسول نصاب أنها كاميرا أثرية.. يشتريها أحمد وينشغل بها ويشغلنا معه دون جدوى درامية سوى ما يتصوره صنّاع الفيلم من أن ذلك يزيد من جرعة التغميض والتشويق. يدفع السيناريو بالطبيبة النفسية خديجة «درَّة» فى طريق أحمد، نعرف لاحقاً أنها صديقة قديمة لزوجته مريم وأنها كانت تراسلها وتُطلعها على بعض شكوكها فى صلة زوجها بجرائم القتل المتكررة، ينساق أحمد وراء خديجة التى أوهمته بقدرتها على علاجه نفسياً، تطلب منه مساعدتها فى تصوير أوجه الفساد والإهمال فى مستشفى الأمراض العقلية لنكتشف أنه كان نزيلاً بها فى سنوات صباه بعد إصابته بارتجاج فى المخ تعافى منه لفترة ثم حدثت له تغيَّرات عقلية ونفسية تصور معها أنه يستطيع قراءة المستقبل، لدرجة أنه علم بموعد موْت والده قبل يوميْن من الوفاة.. نتابع هذه الأحداث -مع غيرها- عن طريق الفلاش باك، ومن بينها أنه فى إحدى نوبات قراءته للمستقبل، رأى زوجته تخونه مع صديقه الحميم معتز «عمر السعيد» فيقتلها، ليعيش تحت وطأة تعذيب الضمير، وهذا يفسر سر صمته وتوتره الدائم، بعد ذلك، يشتبك مع خديجة؛ لأنها أدركت أنه القاتل.. يَهِمُّ بقتلها.. يتراءى له أنه قد طعنها بالفعل وسكينه مخضبةٌ بالدماء، ثم يرى أنه بعدها سَوف يُقْتل.. فيتوقف.. منتظراً رصاصة الرحمة والخلاص، نعود إلى الواقع فى المشهد التالى لنرى السكين بيضاء بغير دم.. وعثمان يباغته برصاصة تودى به، ليستكمل الكتاب صورته الأخيرة، صورة المصوِّر القاتل.. قتيلاً!! هكذايصل الفيلم إلى قمة التشوش.. ويترك المتفرج فى حيرة من أمر الرجل، هل هو السفّاح؟ أم أنه كان يعلم الغيب؟ولا يعلم الغيب إلّا الله، وهل هى حالة نفسية؟ أم حالة بيولوجية؟أم هلاوس بصرية؟ أسئلة تظل إجاباتها غائبة، ربما بقصد إثارة فضول المُشاهدالمُشتَّت أصلاً!! فنياً، لعب مونتاج سلافة نور الدين دوراً رئيسياً فى بناء الفيلم وبذلت جهداً ملموساً فى ضبط إيقاعه سواء فى مشاهد المطاردات أو فى الجزء الأخير عن طريق المونتاج المتوازى، حيث يتم الانتقال بشكلٍ لاهث بين ثلاثة أماكن.. استوديو التصوير حيث نتابع مطاردة أحمد لخديجة، ومنزل الشقيقة التى تروى لزوجها تاريخ أخيها المرضى، ثم عثمان فى طريقه للحاق بأحمد، يصاحب المشاهد طوفان من موسيقى هانى عادل الزاعقة التى تناثرت فوق الشريط فى محاولة بائسة لخلق حالة من التوتر الزائف.. وإن كان مدير التصوير، عبدالسلام موسى، أكثر توفيقاً فى التعبير درامياً عن الحالة النفسية للمصور المريض وحالة الانقسام التى يعانيها من خلال الإضاءة المعتمة ولقطات السلويت مما أضفى نوعاً من الكآبة على معظم المَشَاهد، كثف ذلك، الأداء المرهف المقتصد لإياد نصار بتفهّمه العميق لطبيعة الشخصية وقدرته على ضبط الانفعالات الداخلية والخارجية والتحكم فى حركته الجسدية. فى «مصوِّر قتيل»، تبدو بجلاء اجتهادات المخرج الشاب لتقديم عمل يعتمد على عنصرى الإثارة والتشويق، لكن السيناريو المرتبك، كان كفيلاً بتبديد جهوده.. والذين معه!!!