حذرت الولاياتالمتحدة وفرنسا، اليوم الأحد، دمشق وحلفاءها من استغلال اتفاق الهدنة لتحقيق أهدافهم، وطالبتا بمفاوضات تحظى بمصداقية بين الحكومة والمعارضة في جنيف الإثنين. ورفضت الدولتان الداعمتان للمعارضة السورية "الخط الأحمر" الذي أعلنت عنه دمشق السبت، حيال مصير الرئيس بشار الأسد، نقطة الخلاف الجوهرية بين النظام والمعارضة التي تصر على رحيله. ووصل وفد الحكومة وعلى رأسها الممثل الدائم لسوريا في الأممالمتحدة بشار الجعفري، صباح الأحد، إلى جنيف غداة بدء وصول وفد الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة. ووفق مراسلة "فرانس برس" في جنيف، يفترض أن يلتقي موفد الأممالمتحدة إلى سوريا "ستافان دي ميستورا"، غدًا الإثنين، وفد الحكومة السورية على أن يلتقي الثلاثاء وفد المعارضة. وفي ختام اجتماع في باريس حول سوريا مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني والإيطالي، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم-من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه-- فإنهم واهمون". وأضاف "على كافة الأطراف احترام وقف الأعمال القتالية والتعاون في تسليم المساعدات الإنسانية واحترام عملية المفاوضات للتوصل إلى عملية سياسية انتقالية". واعتبر وزير الخارجية الفرنسي إيرولت أنه "لضمان مصداقية المفاوضات يجب احترام الهدنة ونقل المساعدات الإنسانية دون قيود أو عقبات"، مشيرًا إلى أن مفاوضات جنيف ستكون "صعبة" لكنها ستتطرق إلى "عملية سياسية حقيقية" في سوريا. وتختلف هذه الجولة من المفاوضات عن مبادرات سلام سابقة، وخصوصًا تلك التي عقدت في نهاية يناير الماضي ولم تستمر سوى أيام وباءت بالفشل، إذ تترافق مع اتفاق لوقف الأعمال القتالية يستثني الجهاديين، وسبقتها خلال الفترة الماضية قافلات مساعدات وصلت إلى 250 ألف شخص في عشرة مناطق محاصرة من أصل 18 في سوريا. وتضغط واشنطن وموسكو لإنجاح المفاوضات، ومن أجل فتح الطريق أمام ذلك رعتا اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي بدأ في 27 فبراير، كما عقدتا السبت اجتماعا للبحث في الانتهاكات التي لا زالت "محدودة"، فهما تدركان أن عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي الهدنة. وقال كيري، أن "أي انتهاك، وإن كان متفرقًا، لوقف الأعمال العدائية، يهدد العملية" السياسية، داعيا روسيا وإيران، حليفتا دمشق، إلى استخدام نفوذهمها على النظام السوري لاحترام الهدنة. وعلى اعتبار أن اتفاق الهدنة يستنثي تنظيم "داعش"، و"جبهة النصرة"، أعلن كيري أن "سوريا خسر داعش 3000 كلم مربع و(فقد) 600 مقاتل في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. والضغط سيتكثف". - مصير الأسد وقبل يومين كشف "دي ميستورا"، أن المفاوضات ستتركز على 3 مسائل هي تشكيل حكومة جامعة، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الأممالمتحدة في مهلة 18 شهرًا تبدأ مع انطلاق المفاوضات غدًا. إلا أن مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة أوكلاهوما "جوشوا لانديس" اعتبر أن جدول الأعمال الذي وضعه "دي مستورا" "ليس واقعيا"، ويعود ذلك تحديدًا إلى أن "الأسد أقوى من أي وقت مضى ولن يرحل إلى أي مكان". ويعتبر مصير الأسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع. ورفض "كيري" وإيرولت تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم والذي قال السبت، إن "دمشق لن تحاور أحدا يتحدث عن مقام الرئاسة وبشار الأسد خط أحمر"، مؤكدًا أن وفد بلاده لن يقبل "بأي محاولة لوضع هذا الأمر على جدول الأعمال". واعتبر "كيري"، أن تصريحات المعلم "تحاول بوضوح عرقلة المفاوضات"، ووصفها إيرولت ب"الاستفزازية". وقال كيري إن "الحقيقة أن رعاة الأسد وهما روسيا وإيران تبنتا مقاربة تقضي بوجوب وجود عملية انتقال سياسي وإجراء انتخابات رئاسية في الوقت ذاته". وبعد ساعات على إعلان المعلم أن الأسد "خط أحمر"، قال محمد علوش، كبير مفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات "نعتبر أن المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد أو بموته". وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافًا من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بدون أن يكون للأسد أي دور فيها.