«مصر بلد الأهرامات ولبنان بلد الجمال والجزائر بلد المليون شهيد وتركيا بلد المسلسلات».. هكذا اختصر المصريون بلد الخلافة العثمانية. بلد الأناضول وحاكمها الرائع «أردوجان» لم تجذب المصريين بحضارتها وديمقراطيتها الحديثة، بعد أن أصبح «نور وكريم وفاطمة» ممثلين ل75 مليون تركى على أرض «المحروسة» يطلون على أهلها كل مساء من نافذة التليفزيون. نور ومهند وسمر وميرنا وخليل ولميس وعاصى وكريم وفاطمة، كل دول هيلازموك طوال اليوم، استنتاج طبيعى من حجم الإعلانات التى احتلت مساحات بارزة على الطريق الدائرى والمحور وأهم كبارى القاهرة، تروج لقناة فضائية جديدة تعرض «التركى» طوال ال24 ساعة لتعيد مرة أخرى هوس الأفلام التركية الذى انتشر فى أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات بين شباب المدارس فى سينمات الدرجة الثالثة، قبل أن ينتقل الهوس بالمسلسلات إلى الأسرة المصرية. «46» مسلسلا تركيا مدبلجا عرضت فى مصر منذ 2008 وحتى الآن كان أولها «نور» وآخرها «فاطمة»، الأول صار بطله «مهند» أحد أهم نجوم الإعلانات فى مصر بعد أن خطف الأضواء من ممثليها، والثانى صارت قصته حديث الشارع المصرى رغم الأيام المصيرية التى تشهدها البلاد. البحث على الإنترنت هو السبيل الوحيد «لو فاتتك الحلقة»، تقولها إحدى المتابعات للمسلسلات التركية، ما يزيد عن 300 صفحة تطالعك فور بحثك عن كلمة «مسلسل فاطمة» على مؤشر البحث بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، يصل فى إحداها عدد الأعضاء إلى 239 ألفا. شائعة عن موت «كريم» بطل مسلسل «فاطمة» كانت الأبرز خلال الأسابيع القليلة الماضية، أطلقها بعض الشباب الغاضب من إعجاب البنات بجماله، فيما ردت «ألطف الكائنات»: «لسه المسلسل تصويره مخلصش». «موجة وهتخلص» تعلق بها الناقدة الفنية ماجدة موريس على هوس المصريين بالمسلسلات التركية، قبل أن تؤكد أن قواعد المنافسة الفنية فى العالم قائمة على الحرية «ولا يمكننا منعها»، لذا تطالب المسئولين عن صناعة الدراما فى مصر بتقديم أعمال ذات قيمة فنية عالية تعبر عن الشارع المصرى وهمومه لسحب البساط من «التركى». «محدش يقدر يهزم الدراما المصرية» يقولها السيناريست وليد يوسف مؤلف مسلسل «الدالى»، أول مسلسل مصرى يعرض فى تركيا فى شكل أجزاء، «التليفزيون المصرى الذى بدأ بثه فى ستينات القرن الماضى قادر على حماية صناعة الدراما فى بلادنا»، مشيرا إلى أن قوة المسلسلات التركية تعود إلى اعتمادها على جمال أبطالها واستخدام المناظر الطبيعية فى التصوير، بينما لا يرى فى الدراما المصرية سوى «مط وتطويل».