الأخ «صلاح عبدالمقصود»، وزير الإعلام، ذكر كلاماً عجيباً فى معرض تعليقه على أخونة الإعلام قال فيه: «يا ريت عندى إخوان فى وزارة الإعلام، كنت فضلتهم واديتهم الأولوية فى التعيين؛ لأن أنا عندى حكم قضائى يقول إن الإخوان المسلمين هم أجدر الناس بشغل الوظائف العامة. وربنا بيقول (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)، أنا لو عندى إخوان فى ماسبيرو لأعطيتهم الأولوية فى التعيين للكفاءة والأمانة». ذلك كلام وزير الإعلام الذى لم يتمتع بمسوغات لكى يعتلى هذا المنصب، سوى انتمائه لجماعة الإخوان؛ حيث عاش حياته صحفياً مغموراً لا يسمع عنه أحد، عدا إخوانه ممن كانوا يعملون معه فى «صحف العشرات»، أى الصحف التى لا يقرأها سوى بضع عشرات من المصريين! خرج ذلك الوزير، فى زمن الاستوزار بالجماعة، يحدثنا عن الكفاءة والأمانة، وأنهما لا تتوافران إلا فيمن هو «إخوانجى»، وليته استفاض فى شرح نظريته أكثر ليوضح لنا وجه الكفاءة فى الصحيفة الناطقة باسم الحرية والعدالة، وقناة التليفزيون الإخوانية! الصحيفة والقناة اللتين لا يتابعهما حتى الإخوان أنفسهم، بسبب افتقارهما للقواعد المهنية المتعارف عليها وغرقهما فى الدعاية، بل انظر إلى ما هو أدهى، انظر ما أصاب قناة «الجزيرة مباشر مصر» فى نسختها الإخوانية، إننى أستطيع أن أراهن أنه لو أجريت دراسة علمية حول معدلات مشاهدتها مؤخراً سوف تثبت أنها تراجعت كثيراً، لدرجة أنها أثّرت على القيمة المهنية لقناة الجزيرة الأم، بعد سنين طويلة من تسيد الخريطة الإخبارية الفضائية فى العالم العربى. وكأنه مكتوب أن الإخوان إذا دخلوا مشروعاً إعلامياً أفسدوه وطرحوه أرضاً! والسبب فى ذلك بسيط يرتبط بأن الإخوان الذين يشهد لهم الأخ صلاح عبدالمقصود بالكفاءة لا يفهمون فى كتاب الإعلام سوى فصل الدعاية؛ فهم لا يجيدون سوى تزيين آرائهم وسياساتهم وأدائهم الركيك للناس، بالحق وبالباطل. فالإعلام الناجح يعتمد على الاستقلالية والمهنية، وهما عملتان نادرتان فى الوجدان الإخوانى، فكيف تتحقق الاستقلالية وكل «إخوانجى» يرى فى نفسه تابعاً مطيعاً للمرشد العام، بمن فيهم وزير الإعلام نفسه. والدليل على ذلك أنه يرى أن إعلام الإخوان هو إعلام «موسى عليه السلام»، الذى وصفته إحدى ابنتى نبى الله «شعيب» ب«القوى الأمين»، و«عبدالمقصود» يسترشد فى هذا الوصف بكلام مرشده الذى سبق أن وصف الإعلاميين بأنهم «سحرة فرعون»، أما المهنية فجوهرها الدقة والمصداقية والموضوعية، ولست أدرى كيف يحققها من يعيشون على «الكذب» وخداع الناس. نصيحة للأخ الوزير، إذا كنت تؤمن حقاً بالقاعدة القرآنية «إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ»، فتقدم باستقالتك فوراً؛ لأن تصريحك هذا يدل على أنك تفتقر إلى كل من كفاءة الرؤية وأمانة الكلمة!