كتب - وائل الغول وهانى عبد الراضى في أعقاب ثورة يوليو وفي الحقبة الناصرية خرجت التشريعات بتحديد نسبة 50% من أعضاء مجلسي الشعب والشورى للعمال والفلاحين لضمان تمثيلهم لهذه الطبقات والدفاع عن حقوقها، واليوم بعد ثورة 25 يناير ظهرت مطالب من بعض القوى السياسية، و على رأسها جماعة الإخوان المسلمين التى طالبت على لسان المتحدث الرسمى بإسم الجماعة محمود غزلان بإلغاء تلك النسبة التى فرضها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لعدم وجود ممثلين حقيقين للعمال أو الفلاحين فى البرلمان. وقوبلت فكرة الإلغاء، انقساماً بين القوى اليسارية بين القبول من ناحية و الرفض من ناحية أخرى، فمنهم من يرى أنها أصبحت غير ممثلة بشكل حقيقى للفلاح أو العامل وأخر يرى ضرورة تعديل معنى الفلاح و العامل وإعاده تعريف كل منهم بشكل واضح و دقيق. فى إطار هذا، قال سيد عبد الغني "عضو الهيئة العليا للحزب الناصري": " إن هذه النسبة لم يفرضها عبد الناصر ولكنه كان إختيار الأغلبية الحقيقية لتمثيل أنفسهم وذلك كان تعبير عن مرحلة تحرير الأغلبية الكاسحة من الفلاحين والعمال، ولابد أن يمثلوا في البرلمان ، والحديث عن إلغاء هذه النسبة شئ غريب لأنها مهمة جداً للمشروع الحضاري الذي نحن بصدد تنفيذه". وأضاف عبد الغني: " المشكلة الحقيقية كانت في نظام مبارك والسادات الذي شوه الطبقة العاملة وجعل رجال الأعمال واللواءات وغيرهم يستغلون هذه النسبة لدخول البرلمان ورغم ذلك فإن هذه النسبة أفرزت قيادات جيدة مثل عبد المجيد الخولي- فلاح - ، وأبو العز الحريري – عمال ". وأكد على أن موقف الحزب الناصري لم ولن يتغير حول نسبة العمال والفلاحين ، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى إلى إلغاء النسبة تعتبر الحزب الوطني الجديد ولكن برداء ديني ولهم نفس المشروع الاقتصادي الذي يدعم المستثمرين ولا ينحاز للأغلبية من أبناء الشعب المصري ، طبقاً لوصفه. وعلى النقيض، عبر أحمد طنطاوي " أمين العمل الجماهيري بحزب الكرامة " عن موافقة الحزب على إلغاء هذه النسبة قائلاً:" إنها كانت في ظرف تاريخي معين بعد سنوات طويلة من تهميش العمال والفلاحين فكان ذلك بمثابة رد إعتبار لهم، ولكن هذا المفهوم تم تجريفه بعد ذلك من معناه الحقيقي وانتهى تقريبا فأصبح عضو مجلس الشعب عن العمال هو رجل أعمال أو لواء شرطة سابق ولمجرد الحيازة أو أنه بدأ حياته عضو في نقابة فيدخل بهذه الصفة". وأكد طنطاوي أن إبقاء النسبة ليس مناسباً في هذه الفترة، مبرراً ذلك بأن المرحلة الراهنة يجب أن تعطى فيها الأولوية للكفاءة، خاصة وأن تركيبة المجتمع تغيرت فلم يصبح العمال والفلاحين يمثلون هذه النسبة من المجتمع والأغلبية الأن من المتعلمين، مشيراً إلى أن هذا لا يحط من قدر العامل والفلاح. في حين قال هيثم شرابي " عضو الأمانة العامة لحزب التجمع ": " إن هذه النسبة قد وجدت حتى يكون هناك تمثيلاً للعمال والفلاحين يراقبون القوانين والتشريعات، ورغم ذلك فإن كل التشريعات التي خرجت في ظل هذه المادة كانت ضد العمال والفلاحين مثل قانون قطاع الأعمال وقانون المال والمستأجر وغيرها فلا معنى لوجود نسبة 50% عمال وفلاحين وجميع التشريعات ضد العمال فالمطلوب الأن هو إعادة رسم المنظومة كاملة وألا تكون كل التشريعات تصب في مصلحة رجال الأعمال والمستثمرين بغض النظر عن بقاء النسبة أو إلغائها وفي حالة بقائها أن يكون هناك مراقبة قوية على الصفة، وألا يكون بإمكان غير العامل أو الفلاح الحصول عليها ، لأن ما حدث في السنوات الماضية جعل العامل الحقيقي غير قادر على نزول الانتخابات مادياً فلم تفرز الانتخابات ممثليين حقيقيين عن العمال والفلاحين". في حين قال مصطفى الجمال القيادى بحزب الإشتراكى المصرى أن عبد الناصر عندما فرض نسة ال 50% للعمال و الفلاحين فرضها بسبب عدم وجود مشاركة سياسية فاعلة من قبل المواطنين، مضيفاً: " مرتزقة العمل السياسى فرضوا تعريفات ظالمة لمعنى الفلاح و العامل"، مضيفاً بأن الفكرة فى وقتها لم تكن سيئة ، إلا أن السوء كان فى التطبيق، مشيراً إلى أن إلغاء النسبة لم يعدلاً ، إلا في إعادة تعريف معنى العامل والفلاح، مستنكراً الإجراءات التى يتم اتخاذها من قبل البعض لإنتحال الصفة. وشدد الجمال على أهمية وجود تميز إيجابى للعمال والفلاحين فى البرلمان بالإضافة إلى المرأة والشباب والأقباط وسكان العشوائيات. وأشار عصام شعبان "القيادى بالحزب الشيوعي المصري" إلى أن ليس من حق أحد إلغاء النسبة، مؤكداً أن المشكلة ليست فى النسبة ولكن المشكلة الحقيقية فى التعريف الحقيقى للفلاح والعامل، مستنكراً أن يمثل الفلاحين شخص يمتلك مئات الأفدنة أو يمثل العمال صاحب مصنع أو شركة كبرى غير المهتمين إلا بمصالحهم الخاصة، مطالباً بوجود تعريف محدد وواضح لمعنى لفظ عامل أو فلاح. وهاجم شعبان حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بسبب عدم إهتمامهم داخل البرلمان بمشاكل العمال أو تحقيق مطالبهم بل أنهم أصدروا قوانين تجرم إعتصامات وإضرابات العمال، واصفاً الطرح الذى تقدم به الإخوان بإلغاء النسبة بأنه يصب فى مصلحتهم للتخلص من الإزعاج المستمر لهم من قبل العمال و الفلاحين. في سياق متصل، أكد مدحت الزاهد " عضو الأمانة العامة لحزب التحالف الشعبي الإشتراكي " أن القضية لا تنحصر فى إلغاء النسبة، موضحاً أنها تتمثل في تمكين العمال والفلاحين من الحصول على حقوقهم فى التنظيم وإنشاء نقابات مستقلة تعبرعنهم و تدافع عن حقوقهم. ووصف الزاهد النص الخاص بنسبة ال 50%عمال وفلاحين، ب "الديكوري"، نتيجة لسياسات النظام السابق وإستغلاله السيئ لعدم دقة النص، مضيفاً: " وجدنا لواء شرطة يرشح نفسه كعامل، كما وجدنا أحد أغنياء الريف يمثل الفلاحين". وأكد الزاهد على أنه لا يوجد تمثيل حقيقى للعامل والفلاح فى البرلمان الأن، مطاباً بإطلاق الحريات النقابية وضمان حقوق العمال الإجتماعية والاقتصادية، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي من وجود نسبة تمثيل للعمال والفلاحين هو الدفاع عن حقوقهم وتمثيلهم بشكل حقيقى. كما نادى الزاهد بإدخال تعديلات جوهرية حقيقية على طبيعة النظام السياسي، بحيث لا تتعارض مع مبدأ التمييز الإيجابى للعمال والفلاحين، موضحاً أن هذا يكتمل بتعريف واضح وصحيح للعامل والفلاح فى إطار منظومة متكاملة تكفل عدم إستغلال النسبة بشكل سيئ كما حدث سابقاً من أركان نظام مبارك، طبقاً له.