يتطوع بأحد قوافل الإغاثة الطبية الذاهبة إلى الحدود السورية التركية، بغرض إغاثة اللاجئين السوريين هناك، وما إن تسنح له فرصة الالتقاء مع أحد أفراد الجيش الحر، إلا ويعرب عن أمله الانضمام إلى "مجاهدي الجيش السوري الحر". هذه طريقة من عدة طرق سلكها بعض الشباب المصري للالتحاق بصفوف الجيش الحر، في مواجهة نظام بشار الأسد هناك، كما حكى لنا أحد عناصر هذه القوافل، هذه الشريحة من الشباب كما وصفهم الباحث في الحركات الإسلامية الدكتور كمال حبيب، وكيل مؤسسي حزب البناء والتنمية الذي أكد أنهم يعانون من بعض المشكلات الاجتماعية، مثل فقد الهوية، وفراغ، ومن ثم يحتاج الشاب أن يعبر عن نفسه فيتجه إلى "الاستشهاد". حبيب أكد ل "الوادي" أن هذا الاتجاه ينذر بعودة الفكر الجهادي للمجتمع المصري، مشيرًا إلى ان سفر مصريين لحمل السلاح بسوريا يذكرنا بحقبة القتال في أفغانستان ضد الروس، والتي كما أوضح حبيب أسفرت عن تكوين جيل من التكفيريين، أضروا بالمجتمع المصري. وفي ظل تأكيد حبيب على أنه مؤيد تمامًا لثورة الشعب السوري، أوضح أيضًا أن هذه التشكيلا من السهل أثناء قتالها أن تكون علاقة مع تنظيمات دولية، ومن ثم تشكل تهديداً واضحاً على الأمن القومي لمصر، مؤكدًا على أن ثورة سوريا يجب أن يقوم بها أهلها كبيقية ثورات الربيع العربي. ورغم رفض أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في مصر لمبدأ الذهاب لسوريا بغرض الجهاد ومن أبرز منظريها، وهو الدكتور ناجح إبراهيم، إلا أن عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد كان قد أعلن - مثنيًا – عن "استشهاد ثلاثة من أعضاء الجماع بسوريا على يد قوات بشار الأسد"، ومدح عبدالماجد خلال تصريحاته فعل هؤلاء الشباب في مساندة الثورة السورية. وهذا ما استدعى تسائلا، هل "يجاهد" هؤلاء الشباب ضد نظام، أم مع طائفة ينتمون إليها، كما أنه يطرح علامات التعجب حول نفس طريقة الإدارة الامريكية في إدارة الملف الأفغاني، حين سمح للشباب العربي أن يذهبوا لأرض الجبال "للجهاد" ضد الروس، هي نفسها الطريقة في إدارة الملف السوري، وهذا ما أكده الدكتور كمال حبيب، حيث حذر مما أسماه "المخطط الأمريكي - الإسرائيلي" يهدف لتقسيم الوطن العربي على أساس طائفي. وعن مدى إفادة عناصر الشباب المنضم للجيش الحر، أكد الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي بالجماعة الإسلامية أن سفر شباب مصريين للجهاد في سوريا يمثل عبئًا على الثوار السوريين، موضحًا أن الثورة السورية لا تحتاج دعم بشري، بل تحتاج إلى قوافل إغاثية، وأسلحة لدعم قصور ثوار سوريا في التسليح، وتحتاج أيضًا لدعم إعلامي كبير في مواجهة إعلام بشار. وأضاف ناجح أن هؤلاء الشباب لا يحسنون القتال لعدم خبرته بها، كما أنه لا يعرف الجغرافيا العسكرية، كما حذر أيضًا من تدويل القضية، وتدخل المذاهب المختلفة في سباق لإرسال شباب ينتمون إليها للقتال في سوريا، وتصبح سوريا أرض لصراع طائفي، تمتد نيرانه للمنطقة كلها. واستدعى ناجح التجربة الأفغانية وكيف أنها أثرت تأثيرًا سلبيًا على المجتمع المصري بعد رجوع "الأفغان العرب" لأوطانهم، حيث انتشر الفكر التكفيري، الذي يكفر المجتمع لا يرى حلا غير التغيير بالقوة. وبرز مصطلح الأفغان العرب في وسائل الإعلام في السبعينيات من القرن الماضي ليطلق على أجناس من الشباب العربي العائد من باكستان وكان له ارتباط ما بالقضية الأفغانية وشارك في أعمال عنف في بعض الدول العربية مثل مصر والجزائر وليبيا واليمن، ثم تطور ليشمل كل من شارك في الحرب الأفغانية بأي صورة. جمال نصار رئيس المركز الحضاري للدراسات المستقبلية، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أكد أن الثورة تحتاج لما هو اكبر من المجاهدين، واوضح ان تجربة هؤلاء الشباب لا تستحق الرصد لأنها ليست ظاهرة، مؤكدًا في الوقت ذاته على ضرورة دعم الثورة السورية في مواجهة نظام بشار الأسد.