تابعت 18 منظمة حقوقية تداعيات العملية الإرهابية التي أودت بحياة 16 ضابط وجندي مصري بمنطقة شبه جزيرة سيناء، وتسجل المنظمات الموقعة إدانتها المطلقة لهذه العملية الإجرامية، مؤكده على أن التصدي للأنشطة الإرهابية المتزايدة في منطقة سيناء ومعاقبة مرتكبيها، يستوجب البدء بالقاهرة أولاً، ومراجعة جذرية للسياسات الفاشلة في مكافحة الإرهاب في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، وبشكل خاص في سيناء منذ عام 2004، والتي أدت إلى تعاظم مخاطر الإرهاب في مصر، إلى درجة أنه صار يتطلع لإقامة إمارة إسلامية منفصلة في شبه جزيرة سيناء. وأشارت المنظمات الموقعة في بيان لهم اليوم أن مسار الحملة الجارية في أعقاب العملية الإرهابية الدموية الأخيرة في سيناء لا يشير إلى أن القائمين على حٌكم البلاد في رئاسة الجمهورية أو أجهزة الأمن العسكرية والمدنية قد استوعبوا دروس الفشل، وجاري اختزال هذه الحملة في أعمال الردع المسلح والأمني تحت رآيات ودعاوى الثأر والانتقام، مع الإغفال التام للعوامل السياسية والاقتصادية والتنموية والدينية، التي ساهمت في خلق بيئة حاضنة للإرهاب، وفي تفاقم الظاهرة الإرهابية ونموها السرطاني في شبه جزيرة سيناء. وأضافت المنظمات إن المطلوب ليس الثأر لضحايا العملية الإرهابية مع السماح باستمرار الإرهاب و أسبابه، بل القضاء على الإرهاب و بواعثه. وساعد أيضًا على النمو السرطاني للإرهاب في سيناء، الإهدار غير المحدود للحقوق الآدمية للمواطنين في سيناء، والإهانة الفظة للأعراف السائدة في المجتمع البدوي، خلال الحملة الأمنية الوحشية التي تواصلت لعدة سنوات منذ عام 2004، في أعقاب العملية الإرهابية الأولى في سيناء. وأوضحت المنظمات إن الفشل هذه المرة ينذر ليس بمزيد من النمو السرطاني للإرهاب في سيناء فحسب، بل بامتداده لمناطق أخرى في مصر، خاصة في ظل التماثل الكبير بين الخطاب الديني في سيناء وفي بقية البلاد، بما في ذلك الجمعية التأسيسية للدستور، وفي ظل نزوع بعض الأطراف السياسية لدفن الرأس في الرمال، بإلقاء مسئولية العملية الإرهابية الأخيرة على أطراف خارجية أو فلول نظام مبارك! لقد أبدى بعض المسئولين دهشتهم لقيام المجموعة الإرهابية بمهاجمة الجنود المصريين الصائمين في شهر رمضان وقت الإفطار، لكن أحدًا لم يندهش لقيام جموع المسلمين الصائمين في رمضان قبل ذلك بأيام، بمهاجمة ونهب منازل الأقباط في دهشور! إنه ذات الخطاب الديني في سيناء، كما في دهشور، وقبلها اطفيح وإمبابة، وغيرها من المدن والقرى والأحياء التي شهدت جرائم عنف طائفي لم يدفع أحدًا من مرتكبيه ثمنه، مثلهم في ذلك مثل مرتكبي جرائم الإرهاب المتوالية في سيناء على مدار أكثر من عام كامل. وشددت المنظمات الموقعة على أن مسئولية الأحزاب السياسية التي تنطلق من مرجعيات دينية، لا ينبغي أن تقتصر على حدود الإدانة والشجب السياسي للجرائم الإرهابية، بل يتعين عليها أن تقوم بدحض المرتكزات الفقهية التي تستخدم كغطاء لإضفاء المشروعية على الجرائم الإرهابية، وهو ما تقاعست عنه هذه الأحزاب قبل الثورة و بعدها. وتخشى المنظمات الموقعة من أن سلوك وخطابات بعض الأحزاب الدينية الساعي لبناء مرتكزات الدولة الدينية في مصر، يمنح دعمًا ورواجًا أكبر لخطابات الغلو والتطرف ويفاقم من مخاطر الإرهاب. كما خشىت المنظمات الموقعة أن تكون القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية بالعفو عن عدد من المدانين في جرائم إرهابية مماثلة سابقة، قد تحمل في طياتها إشارة إيجابية للجماعات الإرهابية. لقد كان يتعين على رئيس الجمهورية أن يأمر بإعادة محاكمة هؤلاء الأشخاص، طالما كانت محاكماتهم محاطة بالمطاعن، بحيث يمكن التوصل إلى المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم، إذا لم يكن قد ارتكبها المعفو عنهم. مثلما كان وما يزال يتعين على رئيس الجمهورية أن يأمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة، لمحاسبة ومعاقبة مرتكبي جرائم التعذيب المحتملة التي استهدفت انتزاع الاعترافات عنوة من قبل الأشخاص المشمولين بهذا العفو. وجددت المنظمات الموقعة التأكيد على أن احترام القواعد القانونية والإجرائية ومعايير حقوق الإنسان في تعقب العناصر أو الجماعات الإرهابية، يشكل ضمانة أساسية ليس فقط لحماية حقوق المشتبه بهم في ارتكاب الجرائم الإرهابية، بل أيضًا من أجل كشف الحقيقة، والتوصل إلى الأطراف الضالعة فعليًا في تلك الجرائم، وإنزال العقاب العادل بحقها، وهو ما يقتضي بالدرجة الأولى إحداث قطيعة فعلية مع سياسات وممارسات نظام مبارك في مكافحة الإرهاب، وليس تكريسها والبناء عليها. وحثت المنظمات الموقعة على مراجعة خطة الدولة للتنمية في سيناء، بما ففي ذلك المخصصات المادية لها في ميزانية الدولة، بما يساعد على تعزيزها، وضرورة تعديل "المرسوم بقانون رقم 14 لعام 2012 بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء"، بحيث يمكن تمثيل مواطني سيناء بشكل وعدد مناسبين في مجلس إدارة "الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء"، و تبني سياسات جديدة تنهي التعامل مع سيناء باعتبارها مجرد مشكلة أمنية، بما في ذلك إلغاء حق الفيتو الذي يحظى به ممثلو وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة على القرارات التي تصدر عن هذا المجلس.