ألقى سامح شكرى وزير الخارجية كلمة أمام ممثلو قوى المعارضة الوطنية السورية في حضور الدكتور نبيل العربى أمين عام جامعة الدول العربية، وأحمد الجروان رئيس البرلمان العربي وأكد شكري، في كلمته، أن شعب مصر وسوريا كان وسيظل شريان العروبة وقلبها النابض، ويجب أن توحد جهودنا اليوم وغداً لمواجهة المخاطر العاصفة الذي تحيط بأمتنا العربية وتهدد مستقبلها، بل وتهدد بقاء دولها وشعوبها. وأضاف وزير الخارجية قائلاً : الحراك الشعبي السوري في مارس 2011، كان حراكاً سلمياً يتطلع للتغيير، إلا أن النهج الأمني العنيف، وعدم إدراك طبيعة المرحلة، أدي لازدياد حدة الاحتجاجات والمواجهات وسقوط الأبرياء، فتدهورت الأوضاع علي مدار السنوات الأربعة الماضية، وزادت التدخلات الخارجية في الشأن السوري بصورة غير مسبوقة، وسمح للميليشيات والمقاتلين الأجانب والسلاح بالعبور للداخل السوري للقتال في صف طرف أو آخر، فقضي علي الحراك السلمي، وتحولت الأوضاع إلي صراع مسلح بالوكالة، وتحولت الأراضي السورية ملاذاً آمناً ومرتعاً للإرهابيين من كل حدب وباتت سوريا رهينة لطائفية بغيضة تعمق أزمتها وتباعد بينها وبين الحل السياسى. ووقال إن فاتورة مأساة سوريا لم يتحملها سوي أبناء الشعب السوري، قتلاً وتدميراً وتهجيراً غير مسبوق في التاريخ الحديث، ورغم عبارات وحملات التعاطف من قبل المجتمع الدولي، لم تزل الأزمة قائمة، ولم يزل الشعب السوري يعاني، ولم تزل المصالح الضيقة والطائفية تتحكم في حاضر سوريا وتهدد بتدمير مستقبلها. وشدد شكرى على أن المجتمع الدولى حتى الآن لم ينجح في الخروج بتوافق حول صيغة تنفيذية للتسوية السياسية في سوريا بناءً علي الوثيقة الوحيدة المتفق عليها وهي وثيقة جنيف، ولست هنا في معرض الحديث عن أسباب ذلك، إلا أنه يتعين علينا الوقوف علي واقع الأمور علي الأرض، فالعملية السياسية جمدت لفترة طويلة، والعمليات العسكرية المتصاعدة أصبحت أكثر جذباً للجهود والإمكانيات الدولية والإقليمية علي حساب التسوية السياسية. وأشار شكي إلى دور بعض القوي والشخصيات الوطنية السورية علي تشجيع دور مصر وطلب دعمها ورعايتها لجهد سوري وطني خالص، وجاءت استجابة مصر لهذه الجهود تأسيساً علي حرصنا الطبيعي علي الحفاظ علي سوريا، واستجابةً لمتطلبات الأمن القومي العربي، ومن خلال البناء علي مصداقية سياسة مصر تجاه الأزمة منذ بدايتها. وقال الوزيرؤ "مصر لم تتدخل ولن تتدخل يوماً في شأن شعب عربي شقيق، فمصر لم تسع لتطويع الثورة السورية أو توظيفها تحقيقاً لمصالحها وأهدافها، وستظل دوماً علي استعداد لتقديم يد العون والرعاية لأشقائها العرب فعملية تقريب وجهات نظر قوي وشخصيات المعارضة الوطنية السورية التي بدأت في القاهرة فى يناير الماضي، أثمرت حتى الآن عن "نقاط عشر" تم التوافق عليها، وتطورت تلك العملية بالارتكاز علي جهودكم لنلتقي هنا اليوم في مؤتمر موسع يستهدف صياغة تصور يتأسس علي تلك النقاط التوافقية، ويتضمن رؤية واضحة لمستقبل سوريا، وصيغة تنفيذية لوثيقة جنيف، وبحيث يتم طرح هذا التصور علي الشعب السوري والمجتمع الدولي من أجل الحل السياسى". وحذر شكرى من سيطرة الطائفية وانتشار الفوضى والتنظيمات والميليشيات المتطرفة والإرهابية علي معظم الأراضي السورية، وهو أمر يهدد مستقبل المنطقة برمتها ولا يمكن السكوت عليه، أو القبول به باعتباره أمراً واقعاً. كما أن التجربة أثبتت أن مواجهة خطر تلك التنظيمات وإعادة توحيد الأراضي السورية، لن تتحقق دون التوصل لتسوية سياسية، تسوية مبنية علي وثيقة جنيف، تبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية، وتكتسب شرعيتها من الشعب السوري ومن الاعتراف الدولي بها باعتبارها صيغة توافقية مدعومة من قبل المجتمع الدولي، وبحيث تتمكن تلك الهيئة بمؤسساتها المختلفة من إدارة عملية عودة المهجرين وإعادة الاستقرار وإنفاذ القانون، وتتمكن من جذب الدعم الداخلي والخارجي مواجهة القوى المسلحة الرافضة للتسوية ولكى تتمكن هيئة الحكم من ممارسة السيادة على كافة الأراضى السورية.