حينما نتحدث عن مصر سياسياً واقتصادياً في الوقت الراهن ينشط إلى عقلنا مباشرة حكم واقتصاد اسلامي فى ظل قبضة وهيمنة الإخوان المسلمين على مؤسسة الرئاسة وسيطرتهم على البرلمان "الذي حكم عليه بالبطلان" ومجلس الشورى والنقابات المهنية وهو ما يدفع البعض للتساؤل إلى أي من الأنظمة السياسية والاقتصادية ستتخذها الإدارة الجديدة للبلاد فى ظل حكم الإخوان؟ البعض من هؤلاء يرى طريق الامان يقبع في النظام الاقتصادي الاسلامي حيث أنه يقدم ضمن منظومته القواعد العامة لنظام اقتصادي متكامل وترى مجموعة أخرى أن الاقتصاد الرأسمالي هو الحل نظراً لقدرته على النهوض بالدول مثلما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في أعقاب الحرب العالمية بغض النظر عن المديونيات التي انتشرت في الآونة الأخيرة. ومن ثم يتضح مدى الارتباط الوثيق بين السياسة والأنظمة الاقتصادية، خاصة أن إعتماد القرارات السياسية يرجع لقوة النظام الاقتصادي حيث أن معيار قياس الدول حالياً باقتصادها وتطورها التكنولوجي والبحثي وبالتالي تتبارى الدول بتلك المقومات لإثبات قوتها وسطوتها في القرارات الدولية والتحكم بمصير الشعوب . وهذا ما تحاول "الوادي" كشفه خلال السطور التالية من خلال الوقوف على النهج المثالي لنظام سياسي واقتصادي متكامل يخرج بنا لبر الآمان في ظل الترابط العميق والوثيق بين السياسة والاقتصاد بل أصبح اداة الاقتصاد أكثر فاعلية في تكوين القرار السياسي. ولابد لنا ان نتعرف في هذا السياق على الأنظمة السياسية وعلاقتها بالنظم الاقتصادية فمن تلك الأنظمة السياسية النظام الرئاسي الجمهوري الديمقراطى، حيث يكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة. كما في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث يتمثل النظام فى نهج اقتصادي وسياسي ديموقراطى وقد لا يكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بل يمكن له اختيار رئيس حكومة آخر وهو ما تنتهجه مصر فى الوقت الراهن ويعد هذا النظام هو الأفضل من بين الانظمة حيث يحكم الشعب نفسه بنفسه سياسيا واقتصاديا قائماً على مبدأ المشاركة المكفولة، لكن إلى أين ستؤول مرجعية اقتصادنا ؟ وهناك أيضا نظام ثيوقراطي وهو حكم الدين بنظام اقتصادي بحت قائم على المرجعية الدينية وتمثل ذلك في الحكم الاسلامى بإيران حيث النظام الاقتصادي الاسلامى البحت وكذلك حكم الكنيسة بالفاتيكان ونظام أخر مثل النظام الشيوعي مثلما كان بالاتحاد السوفيتي في القرن الماضي وكذلك تشيكوسلوفاكيا حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي، حيث ان هذا النظام يقوم على التأميم المطلق لمؤسسات اقتصاد الدولة . ومن ضمن تلك الأنظمة أيضا النظام السلطوي وهو غياب تام للفرد في ظل وجود الحكومة بحيث تتوارى حقوق الفرد مقارنة بقرارات النظام مثلما كان شائعاً بألمانيا فترة حكم هتلر ومن ضمن الأنظمة النظام الملكي حيث يكون اقتصاده متنوع شئ ما معتمداً على الشكل المؤسسي تارة مثلما في البحرين والمغرب واقتصاد رأسمالي مثلما في المملكة المتحدة. كما أن هناك نظام اشتراكي قائم على أن تصبح كافة مؤسسات الدولة بين يدي الدولة تعمل لإنتاج وتوزيع المنتج . وقد أكد الدكتور سمير طوبار، أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق ورئيس اللجنة الاقتصادية السابق بمجلس الشعب إن انتهاج الاخوان لتحويل الاقتصاد المصري لاقتصاد اسلامي أمر في غاية الخطورة لانه سيعزل هذا الاقتصاد من تدفق استثمارات اجنبية فالاقتصاد المصرى لا يحتاج سوى بعض المعالجات الطفيفة حتى يزدهر وإعادة هيكلة بعض الادارات بما يناسب المتغيرات الجديدة . وفي المقابل أشار الدكتور شريف حسن قاسم، امين عام اتحاد النقابات المهنية واستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات إلي ضرورة الإهتمام بعلاج المريض طبقاً لنوع المرض فمجتمعنا ليس مريضاً كلياً الا أن بعض الإدارات والكيانات تحتاج لتدخل الحكومة بشكل صريح لان اغفال الدولة عن بعض تلك الكيانات والإدارات والتي تمس بشكل مباشر حياة المواطن آدى لتدهور الاقتصاد فيجب على الدولة ان تكون العمود الفقري لكافة احتياجات الفرد الأساسية من خلال الاسهام في القطاع الخاص ودعم الانشطة الراهنة وبدء أنشطة جديدة وتحديد حد ادنى وأعلى للاجور وتحديد نسبة الارباح بين البائع والمشتري ومن قبل ذلك أدوات الانتاج كل ذلك يسهم في نمو وازدهار الاقتصاد بغض النظر سواء أكان نظام اقتصادي اسلامي أو رأسمالي أو اشتراكي وأضاف "قاسم" ان الرأسمالية قد تكون حل ولا أعنى بذلك الرأسمالية المطلقة وغياب الرقيب بل الرأسمالية المستقلة دولياً والرقابية والتي من خلالها يحصل المواطن على حقوقه كاملة من الحكومة والدولة وليس هبة من الرأسماليين ونحن كمجتمع شرقى نتعارض مع هذا النهج بقولنا انه يعتمد على الربا فاقولها إن مفهوم الربا بمعناه الصحيح لا يتواجد مع الرأسمالية المستقلة التي تحمى حقوق المواطن من الرأسماليين المتطرفين . بينما طرح بعض الخبراء حلولا أخري للخروج من الوضع الحالي وخاصة أزمة الموازنة العامة والتي تحوى عجز 228 مليار جنيه وذلك عن طريق خلق مناخ الامان والاستقرار بما يضمن الحصول على قروض واستثمارات أجنبية بنحو 170 مليار جنيه لجانب رفع سعر تصدير الغاز من 1.5 دولار الى 6 دولارات بزيادة 400% بما يضمن ضخ ما يقارب 100 مليار جنيه وبالتالي سد عجز موازنة الدولة دون اللجوء الى الاقتراض الدولي مما يمنح التأميم التام لسيادة القرار . وبالتعرض للآراء الدولية حول الاقتصاد المصري نجد أن ميلانى ليوناردو الخبيرة الاقتصادية بمؤسسة جلوبال ايكونومى بالولاياتالمتحدة قالت ان استعادة الامن والامان واقتراض الإدارة الجديدة من صندوق النقد الدولى يرسخ فكرة الامن والاستقرار العالمى وقدرة هذا النظام على التعافي بما يضمن تعزيز ثقة المستثمرين. وعلى الصعيد نفسه قالت ناتالى هيو خبيرة الأسواق الناشئة وكبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة ساتش أند ساتش الدولية ان التوافق الوطني واجندة الادارة الجديدة المتمثلة فى الرئيس المصرى محمد مرسى وخطته للاقتصاد يعتمد كل الاعتماد على مدى التوافق الوطني الذى سيحققه لانه السبيل الوحيد للنهوض بالكيان الاجتماعى والاقتصادى على حد سواء. وفى رؤية للمعهد الملكي البريطاني للشئون الدولة لاقتصاد مصر يرى أن استمرار المستثمرين ورجال الأعمال فى الاقتصاد المصرى وحرصهم على ضخ استثمارات بالسوق هو بوتقة امل وثقة عالية بقدرة هذا النظام على الصمود والنهوض من علته ، مشيراً إلى دراسات مشتركة من جانب مؤسسة HSBC المصرفية والتي ترى ان اقتصاد مصر بعد 30 عام سيكون من أفضل الاقتصاديات على مستوى العالم بشرط إخضاع النظام للمحاسبة والعمل بشفافية . وبعد كل هذا العرض يبقي السؤال أين نحن كشعب من تلك الأنظمة والاراء ؟ وكذلك الحلول المقترحة من خبراء ومتخصصين ما هي متطلباتنا وطموحنا من الادارة الجديدة ؟ سؤال وجه لبعض الشباب تباينت إجابتهم على النحو التالي حيث قال إبراهيم سعد، 25 عام إن كل أملى ان تتوج مجهوداتى بعد دراسة دامت لاكثر 18 عام بإن اجد عمل فكل رجائي هو الاهتمام بالشباب وإيجاد فرص عمل لان الثروة البشرية هى أعظم الثروات فكيف لا تستغل . وأوضح أحمد عبد لله، مهندس إن عدم إيجاد فرص عمل لنا وانتهاك حقوقنا سواء حرية التعبير والفكر والاختيار يجب ان تكون على أولى أولويات الرئيس وإدارته وان احترام المواطن من أهم تلك الأولويات ووجوب أن يكون هناك قنوات اتصال مباشرة بين الحكومة والمواطنين حتى لا تبتعد تلك الإدارة عن فكر ومتطلبات المواطن مثما حدث فى عهد النظام البائد.