رفض مجلس الوزراء اللبناني، اقتراح تقدّم به مدير الأمن العام اللبناني الشيعي عباس ابراهيم بشأن فرض تأشيرة دخول مسبقة على الخليجيين إلى لبنان. وتسبب الاقتراح، الذي تقدم به ممثل حزب الله الشيعي في وزارة الداخليه في انقسام بين الوزراء قبل ان يحسم المجلس بأغلبية كبيرة أمره ويقرر ابقاء الوضع على ما هو معمول به. لكن اقتراح ابراهيم لم يكن مفاجئا، إذ عبر عنه من قبل في مقابلات تلفزيونية لاقت استهجانا من قبل بعض الوزراء، الذين اعربوا عن استغرابهم من رغبة مدير الامن العام في فرض تأشيرة دخول مسبقة على المواطنين الخليجيين دون غيرهم. وقال مراقبون انه في الوقت الذي يسعى فيه مدير الامن العام اللبناني إلى فرض تأشيرات دخول مسبقة على الخليجيين، فإن جنسيات أخرى، لم يتحدث عنها اللواء ابراهيم، كالايرانيين على سيل المثال، لم ترد في اقتراحه. وقالوا ان هذا الاقتراح من شأنه ان يصيب صناعة السياحة، التي يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني بشكل كبير والتي تعد دول الخليج العربية أحد أهم مصادرها، في مقتل. وتساهم السياحة والقطاعات المرتبطة بها بنسبة 20 في المئة في الاقتصاد اللبناني ويعمل فيها زهاء 240 ألف فرد. وتراجع عدد الزائرين الأجانب للبنان العام 2013 إلى مليون و399 الف شخص من مليونين و300 ألف شخص في عام 2010 الذي كان صيفه آهر مواسم السياحة الناجحة في لبنان قبل الانتفاضة على الرئيس السوري بشار الأسد. ويساهم السائحون القادمون من دول مجلس التعاون الخليجي الست بالجزء الأكبر من دخل لبنان من السياحة. وبموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء اللبناني، بتاريخ 31 أكتوبر 2002 وتعديلاته "تمنح تأشيرة دخول وإقامة مجانية في مطار رفيق الحريري الدولي والمراكز الحدودية لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد حتى سنة لرعايا دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر وعُمان)، إضافة إلى رعايا المملكة الأردنية الهاشمية القادمين للسياحة، وكذلك أفراد عائلاتهم والخدم والسائقون المرافقون لهم"، علما بأن مبدأ المعاملة بالمثل ليس مطبّقا تجاه اللبنانيين، باستثناء الأردن. ويبدو ان مدير الامن العام اللبناني يحاول جاهدا تجنب الدخول في "المقايضة"، التي لوح بها عدد من نواب البرلمان المنتمين إلى تيار المستقبل، وفرض تأشيرات مسبقة على دخول الإيرانيين إلى الأراضي اللبنانية مقابل فرض تلك التأشيرات على الخليجيين (العرب) لعلمه أن أحد أسباب بقاء رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي في منصبه ما يقرب من ثلاثة أعوام كانت الحفاظ على التأثير الايراني المتجذر في لبنان، والذي يعد السماح للايرانيين بالدخول دون الحاجاة للحصول على تأشيرات مسبقة إلى الأراضي اللبنانية أحد أوجهه. ونجى ابراهيم من محاولة اغتيال في هجوم انتحاري وقع عند نقطة تفتيش في سهل البقاع الشرقي كان يستهدف موكبه في 20 يونيو/حزيران. وأشارت وثيقة وقعت بيد الاستخبارات العسكرية اللبنانية أن كتائب عبدالله عزام تسعى الى اغتيال ابرهيم منذ حوادث عبرا، لانها تعتبره الرأس المدبر الذي أدار من وراء الكواليس عملية القضاء على ظاهرة الشيخ الفار أحمد الأسير. وكان اللواء ابراهيم نجح باطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز، في أكتوبر في مقابل اطلاق سراح طيارين تركيين كانا قد تعرضا للخطف في لبنان. وحمل عباس ابراهيم اولى الرسائل من قطر الى نظام بشار الأسد، في مارس قبل ان يدخل في وساطة مع الجماعات المتشددة في سوريا لاطلاق سراح راهبات معلولا. وكانت صحيفة الاخبار اللبنانية، القريبة من حزب الله، قد كشفت، بعد ايام من عملية التبادل في اعزاز، عن العلاقة الوثيقة التي تجمع اللواء عباس ابراهيم بالنظام السوري، وقالت انه حين نجح ابراهيم، في اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، قال مسؤول سوري بارز (لم تسمه) في جلسة خاصة "أعطينا اللواء اكثر مما طلب لانجاح الصفقة. أردنا ان نعبر له شخصياً عن لفتة امتنان لوقوفه الى جانب سوريا في أحلك ظروفها". وأضافت الصحيفة "حين تُكشف وثائق التاريخ، سيتبيّن ان دور المدير العام للامن العام كان اكبر من تجلياته في لحظات الخطر الكبير على سوريا... كان ابراهيم ينقل رسائل أمنية بين رئيس مكتب الامن القومي السوري اللواء علي المملوك وعواصم اوروبية". ويبدو ان مقترح ابراهيم بفرض تأشيرات دخول مسبقة على الخليجيين يلقى معارضة شرسة، لا تنحصر فقط داخل اطار رفض مجلس الوزراء، ولكن أيضا تمتد إلى القوى السياسية وأعضاء بارزين في مجلس النواب. ويقول مراقبون انه من غير المستبعد ان يكون النظام السوري هو من يقف وراء هذا الاقتراح، مستغلا التفجيرين الانتحاريين الاخيرين الذي استهدف احدهما موكب ابراهيم في منطقة ضهر البيدر، بينما وقع الاخر في فندق في وسط العاصمة بيروت، في التقليص من حرية الحركة للخليجيين داخل الاراضي اللبنانية بزعم الحفاظ على الأمن. ويعاني لبنان من سلسلة تفجيرات استهدفت الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، وعدة مناطق اخرى، واوقعت عددا كبيرا من القتلى والجرحى، قالت جماعات متشددة انها جاءت انتقاما من مشاركة حزب الله في "الحرب الذي يشنها النظام السوري على شعبه".