المفتي السابق : شيخ الاسلام بن تيمية كان أشعريا علي مذهب أهل السنة والجماعة وليس سلفيا جمعة : السلفيون هم الدائرة الأوسع التي تنبت منها الدماء البريئة التي تسيل من جراء الجهل بالدين من يعيب علي الاشعرية فقد أنكر منهج الوسطية وأصبح رجعيًّا وخالف هدي الله وشرع نبيه شن الدكتور علي جمعة، المفتي الأسبق للديار المصرية، هجوما علي الجماعات التي تحمل لقب "السلفية"، مؤكدا أن شيخ الإسلام "بن تيمية"، ليس "سلفيًا"، كما يزعم هؤلاء، بل هو "أشعري"، وهو مذهب أهل السنة والجماعة ومن يعيب علي الاشعرية، فقد أنكر منهج الوسطية وأصبح رجعيًّا يتصور أن الإسلام يصلح لعصر دون عصر، ويحاول أن يسحب الماضي على الحاضر ويكون بذلك قد خالف هدي القرآن والنبي صلي الله عليه وسلم، علي حد قوله . واسنكر جمعه كل من يرددون أنه ينتمي إلي مذهب ابتدعوه اسمه مذهب السلف، والسلف ليس مذهبًا، مستشهدا بما ورد في مجموع فتاوى بن تيمية في المجلد الثالث، وهو يحكي عن مناظرة صفي الدين الهندي، إمام الأشاعرة لابن تيمية في صفحة 187، إذ قال الصفي الهندي: قلت له أنتم ما لكم على الرجل اعتراض، فإنه نصر ترك التأويل وأنتم تنصرون قول التأويل، وهما قولان للأشعري. وأكد "جمعه" عبر صفحته الرسمية علي موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" أن نقل بنِ تيمية هذا وقبولُه له يدل على أنه كان أشعريًّا ورضي بذلك، ولكن دأب السلفيون المعاصرون في محاولة أخرى لاجتذاب الأشعري لآرائهم النصوصية، فكثيرًا ما يؤكدون فكرة الفصل الكامل بين الأشعري وأفكار المدرسة المنسوبة إليه، والحق أن الأشعري اقتنع تمامًا بنبذ الفكر الاعتزالي ولفكر النصوصي أيضًا، وصار منهجًا هو المقبول عند أهل السنة والجماعة إلى يومنا هذا". وتابع: ولذلك فإن الذي يعيب على الأشعرية ويعتبرها مانعًا من قبول العلماء ويرد بذلك ما عليه علماء الأزهر حتى في الفقه من أجل أنهم أشاعرة، قد جهل أنه بذلك أنكر منهج الوسطية وأنه صار بذلك رجعيًّا يتصور أن الإسلام يصلح لعصر دون عصر ويحاول أن يسحب الماضي على الحاضر وأنه بذلك قد خالف هدي القرآن وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم معًا . واضاف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد حذر الأمة من هذا الصنف من الناس الذين يتكلمون بغير علم، وفي الحديث: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ». وأوضح مفتي الديار المصرية الأسبق أن هؤلاء قد خطوا بمنهجهم المعوج بداية طريق التطرف ثم الإرجاف وهم الدائرة الأوسع التي ينبت منها الدماء البريئة التي تسيل من جراء الجهل بالدين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْه» . ورد جمعة على شكوى بعض الشباب مِن توجُّهٍ قال إنه بدأ يشيع في أوساطهم، يستعمل كلمة الأشعرية أو الأشاعرة وكأنها سبٌّ كفيلٌ بأن ينفر الناس من ذلك العالم الذي يوصف بالأشعرية، قائلاً: إن المذهب الأشعري هو مذهب أهل السنة والجماعة منذ نشأته وحتى يومنا هذا، وهو المذهب الذي يُدرس في الأزهر الشريف، والذي عليه جماهير أتباع الأئمة الأربعة، الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة". واختتم جمعه رسالته واصفا هذا الفكر الأشعري بأنه مبني على تلك الدراسة العتيقة والتأمل والنظر وإيجاد حلول للمشكلات الفكرية المعروضة على الساحة، قَبِله كل العلماء قبولاً تامًّا حتى رأينا أن المعتزلة انتهت أو كادت أن تنتهي في القرن الرابع الهجري، وما ذلك إلا بفضل أبي الحسن الأشعري الذي بنى كلامه على الكتاب والسنة وعلى صحيح المعقول. وكان أبو الحسن الأشعري في بعض الأحيان يعرض قولين في المسألة يمكن الأخذ بأحدهما، فكل واحد من القولين يعد حلاًّ مقبولاً للمشكلة، بحسب تعبيره قائلاً: "استقر اتباع المسلمين من أهل السنة والجماعة للمذهب الأشعري باعتباره هو المذهب العلمي الأدق والأوسع، ولقد ألف الأشعري نحو سبعين كتابا، منها كتاب صغير طبع عدة مرات في دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدَّكِّنْ بالهند، اسمه "استحسان الخوض في علم الكلام"، وهو لا يتعدى ثلاث عشرة صفحة أوضح فيها استنباط الأصول العقلية من الكتاب والسنة".