ما حدث في إحتفالات ذكري ثورة 25 يناير في 25 يناير 2014،هي نهاية للثورة كما عرفناها علي مدار الثلاثة أعوام الماضيه،الثورة بمعناها الكرنفالي والتحرري من أي سلطه، فما حدث في هذا اليوم لا يمت بصلة الي الثورة أو مطالبها بل هي جموعً شعبيه كبيره تبحث عن الخلاص والاستقرار مهما كان الثمن أو التضحيات. والحق يقال لم تخذل تلك الجموع الثورة علي مدار الثلاثة أعوام الماضيه، فهي أصطفت خلف الثورة في جميع محطاتها الصعبه بدءً من أحداث يناير مما أدي الي الاطاحه بمبارك و مرورا بنوفمبر مما ضغط وقتها علي المجلس العسكري لتسليم السلطه سريعا و إنتهاءً بأحداث يونيو والاطاحة بمرسي لاحقاً. ولكن الثورة أجهدت تلك الجموع و شتتهم مع كل محطه مهمه،فبعد الاطاحه بمبارك و فرحة الشعب بنصره و أمتلاء قلوبهم بالامل،رأوا الثوار يهتفون بسقوط العسكر و إقالة شفيق مما صدم تلك الجموع الحالمه و حولها الي جموع مقاومه للثوره و ظهر ذلك في أحداث فض الميدان في يوليو و أحداث العباسيه،ولكن سرعان ما أصطفت تلك الجموع خلف الثورة مجددا مع بداية ظهور فشل المجلس في إدارة البلاد و ظهور صفقةً مابين المجلس أنذاك و الاخوان،و ظهر ذلك الاصطفاف جليا في أحداث محمد محمود الاولي. و للأسف خذلت الثوره الشعب بالانقسام الذي ظهر في دعم أي مشروع بديل للسلطه الحاكمه و لكن في نهاية المطاف نجح الضغط في جعل طنطاوي يخرج للشعب في خطاب ظهر فيه مرتبكا واعدا بأنتخابات رئاسيه قبل 30 يونيو،و مرة أخري شعرت تلك الجموع بأنها أتمت مهمتها و كفايه ثورة بقي. و وصلت الثورة الي محطه مهمه بل أهم محطة علي الاطلاق و هي الانتخابات الرئاسيه،و لكن سقطت الثورة في هذا الاختبار أيضا فلم تفرز قيادة أو مرشح يلتفوا حوله،و تركت الثورة الجموع في حيره و شعور كبير بالخيبه فأستثمر البعض صوته في حمدين و غامر الاخرين و أنتخبوا أبو الفتوح و لكن الاغلبيه أرتأت أن بعد تفتت الثوره و ظهور ضعفها التنظيمي أن الاستثمار الافضل سيكون بين الاخوان أو الدوله القديمه القوتين الاكثر تنظيما و إستقراراً و تمويلا، فذهبت جُل الاصوات الي مرسي و شفيق. و فشل الاخوان في إدارة البلاد و ظهر مشروعهم التسلطي الفاشي و تصدت لهم الثورة،و سرعان ما لحقها الشعب الي أن أطاح بالاخوان و نبذهم علي المستويين السياسي و الاجتماعي. إذن الشعب لم يخذل الثورة قط و لكن الثورة هي التي خذلته،فلا داعي لسب الشعب و إتهامه بالجهل و عداوة الحريه،الشعوب بطبيعتها باحثه عن الاستقرار و لقمة العيش ثم يأتي في أخر أولوياتها الحريه و الديموقراطيه و هذا ليس حال الشعب المصري فقط لكن كل شعوب هكذا،و مع فشل الثوره في تحقيق أي أستقرار أو نجاح ملموس و مع تزايد حالات العنف من جانب الاخوان،فلا يلومن أحد الشعب ببحثه عن المخلص الحكيم الذي تمثل لهم حتي الان في صورة السيسي. و لكن ما يزال يبعث الامل في قلبي،أن 25 يناير قد تكون توفت-رحمها الله- و لكن الجذوة الحقيقيه لشعلة الثورة و التمرد التي أشعلتها 28 يناير في القلوب لم و لن تنطفئ، فما أحدثه ذلك اليوم من تغيير في تكوين الشعب المصري لن يذهب سُدي،لأنه اليوم الذي أختبر الشعب فيه قوته و عرف أن الامر و السلطه ببساطه بيده يعطيها لمن يشاء و يأخذها ممن يشاء وقتما شاء.عرف الشعب يومها أن السلطه مهما كانت قوتها و بطشها لا تقدر علي مواجهة الشعب،28 يناير حُفرت في الوعي الجمعي للشعب المصري كبيرهم و صغيرهم و لن تُمحي بأي قوة أو أستبداد من أي السلطه و أظن أن الاحداث السابق ذكرها في الثلاثة أعوام الماضيه تثبت ذلك. يظل لي رسالتين الي السلطه و الثوار فالي الثوار و حاملين الهم العام علي رءوسهم لا تهنوا و لا تحزنوا فالوطن يدين لكم بالكثير و كل ما وصلنا اليه من تطور مذهل في طبيعة الشعب المصري يعود الفضل فيه إليكم،و لا داعي من الدعوات الانتحاريه للنزول و التظاهر لأن الاحداث لا تسنسخ، قد تتكرر و لكن بنسق مختلف فلا تكونوا من الحالمين الذين يكسرهم التاريخ لأنه لم يفهموه جيدا،و لا تتحدوا الشعب فالوقوف ضد تلك الجموع هو الانتحار بعينه فلا داعي الي ذلك أعماركم غاليه علينا و سنحتاجها قريبا،و تذكروا أن لا ثورة بدون شعب فاصطفوا أنتم هذه المره مع الشعب و أتركوه لخياره و أعملوا علي توعيته و ستفاجأوا بقدره الشعب علي تصحيح مساره و خصوصا و جذوة 28 يناير ما زالت في قلبه. أما السلطه،لا ترقصوا كثيرا علي أنغام هتافات تلك الجموع،فهي نزلت لترمي اليكم سلطه أعيت من قبلكم، أملين فيكم الخير،و تذكروا أن الحرب علي الارهاب ستفقد رونقها مع الوقت و ستكونون أنتم في مواجهة الشعب-شعب 28 يناير-،فكفاكم صخبا و تطبيلا فما هو أتً أسوأ و لن يمنع عنكم غضب الشعب الا نجاحكم و أرساءكم لأُسس دوله ديموقراطيه و أي شيئ غير هذا فلن يؤدي الا لهبة عارمة ضدكم أسوأ مما سبق لأنكم أنتم من رفعتم سقف التوقعات و الاحلام للشعب ،فأحذروا و قد أعذر من أنذر..