تسببت المخاوف من مشروع سد النهضة، وتأثيره على حصة مصر من مياه النيل، في إعادة التفكير لاستكمال مشروع قناة "جونجلي" لنقل مياه بحر الجبل لري الأراضي الزراعية في مصر والسودان، والتي تقدر بحوالي 13 مليار متر مكعب من المياه. وأكد خبراء أن استكمال مشروع "قناة جونجلي"، الذى توقف منذ اندلاع الحرب الأهلية فى السودان عام 1983، يعد الحل الأفضل لتحقيق الأمن المائي لمصر، والقضاء على مشكلة سد النهضة بأثيوبيا. وقال اللواء أحمد عبد الحليم، عضو المجلس المصري للشؤن الخارجية، ل"الوادي" إن اضطراب الأوضاع السياسية والتنموية واشتعال الحرب الأهلية بالسوادان التي بدأت منتصف التسعينات وانقاسامها، قد عطل مسيرة استكمال مشروع "قناة جونجلي" بين مصر والسودان إلى جانب عدم صلاحية الأرض، كما أن المنطقة التى سيقام عليها المشروع مأهولة بالقبائل، التى قد تتأثر بهذا المشروع، ناهيك عن الاضطرابات وسوء الأوضاع السياسية. وعن تأثير الاضطرابات في السودان على المشروع قال الدكتورعبد الفتاح مطاوع، رئيس قطاع نهر النيل السابق، أن الحرب التي اندلعت في السودان أدت لمقتل عدد كبير من الخبراء والعاملين بالشركة الفرنسية، التي كانت تتولى أعمال الحفر في "قناة جونجلي" وكان ذلك سببا رئيسيا في توقف المشروع نظرا للظروف الأمنية هناك. وأضاف مطاوع أن حجم الخسائر الاقتصادية التي تعرضت لها مصر اثناء تلك الفترة كانت تقدر بما يقرب من 150 مليون دولار، بما يعادل الآن مليارات الدولارات ، مشيرا أن الدولة يمكن أن تطرح حلولاً أفضل مثل إنشاء سد عالي آخر إلى جانب السد العالي يتم الاستفادة منه كمشروع اقتصادي هائل يوفر لمصر أكثر من 90 مليار متر مكعب من الماء، وتوليد الطاقة الكهربائية واستيرادها بشكل كبير، وعلى إدارة الدولة أن تحدد أولوياتها حتى تستطيع الخروج من الأزمة بشكل فعال، موضحا ان هذا المشروع يؤكد التكامل بين المصالح، والغايات بين البلدين "مصر والسودان". بدوره ثمن الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصاد ورئيس مركز الدرسات الاقتصادية، قيمة مشروع قناة جونجلي، مؤكدا أن مصر ستزيد حصتها من المياه حوالي 25 % من حصتها الاساسية وهي 55.5 مليار متر مكعب ، أي بما يعادل 13 مليار متر مكعب،على الأقل سنويًا. وأضاف جودة أن هذا المشروع سيعود بالنفع على القطاع الزراعي، وزيادة حجم الأراضي الزراعة في مصر بنسة 1.5 مليون فدان، بالاضافة الى الاستثمار الزراعي، بما يوفر نحو 3 مليون فرصة عمل على الاقل، مشيرًا إلى تحقيق حد الأمان المائي وبغض النظر عن سد إثيوبيا ومخاطره على مصر. واقترح "جودة" اشراك دول "السعودية والامارات والكويت والبحرين، لتمويل مشروع "قناة جونجلي"، مشيرًا إلى ان ذلك سيعود عليهم بالفائدة والاستثمار الزراعي، في أراضي تقدر مساحتها نحو نصف مليون فدان. الجدير بالذكر أن مشروع "قناة جونجلي" لنقل بعض من مياه بحر الجبل شمالا لري الأراضي الزراعية في مصر والسودان، بدأ شقها عام 1983 ولم يكتمل بسبب الحرب الأهلية التى اندلعت فى السودان ، وفى اعقاب أزمة دول حوض النيل ، وشروع أثيوبيا فى بناء سد النهضة ، اقترح الخبراء والمسؤولون السابقون استكمال المشروع لتفادى أضرار الأزمة.