أصدرت مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية بالتعاون مع المبادرة المصرية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، تقريرا تحت عنوان"الاستقطاب والعنف المجتمعي فى مصر: مزيد من التضييق على النساء فى المجال العام". وتناول التقرير حالة الإستقطاب السياسية التى شهدتها الأشهر القليلة قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسي، والتي مازالت تداعياتها مستمرة حتي الآن، مقترنة بتزايد وتيرة العنف المجتمعي بدرجة مقلقة. وتناول التقرير تأثير الخطابات المختلفة للهئيات الحكومية ووسائل الإعلام على تفاقم الممارسات التى تستهدف النساء، موضحا أن حالة الاستقطاب وما اقترن بها من عنف مجتمعى واسع النطاق كان له عواقب وخيمة على طيف واسع من المنتمين الى جماعات سياسية أو طائفية أو مذهبية، إلا أن بعدها النوعي أوضح ان لازلن يتعرضن لاشكال من الانتهاكات ذات الخصوصية مثل الاعتداءات والتحرشات الجنسية او استباحة ضرب النساء والاعتداء جسدياً عليهن. وأكد التقرير ان وتيرة الانتهاكات النوعية تتصاعد بزيادة وتيرة العنف ضد النساء والذي برز بشكل فج خلال العامين الماضيين، مشددا على أن تمييز هويات المواطنين أصبح مقدمة مبررة للاعتداء عليهن، كما ركز على العنف المجتمعي وعلى الانتهاكات التى تعرضت لها النساء وتحليل الخطاب الاعلامى والتمييزي تجاههن. و جمع التقرير شهادات من نساء تعرضوا لطائفة متنوعة من الانتهاكات وعدد من المحافظات التى شهدت أحداث عنف مثل "الإسكندرية وبورسعيد وبنى سويف والمنيا وأسيوط" فى الفترة من نهاية يونيو 2013 حتى بداية سبتمبر 2013 . وقال التقرير "أن الشهادات التى تم جمعها تنوعت بين العقاب الجماعي للمجموعة التى تنتمي اليها النساء وذلك من خلال تدمير للممتلكات او طرد من المنازل، وكذلك رصد التقرير وجود حالات متكررة من الاعتداءات البدنية على النساء بالضرب واستخدام العنف الجنسي كوسيلة لعقابهن، وهي الممارسة التى تفاقمت خلال السنوات الماضية ولازالت مستمرة. وأكد التقرير أن تدمير الاملاك والممارسات الترهيبية والاعتداءات اللفظية والبدنية كانت على خلفية المظهر، وأن النساء فى المحافظات تعرضن لاعتداءات لفظية وبدنية مختلفة اما لكونهن مسيحيات او منتقبات، موضحا أن تلك الاعتداءات تؤثر على حرية حركتهن الى حد اضطرار بعض المسيحات فى القري لارتداء الحجاب اتقاءً لهذه التهديدات. ورصد التقرير بعض الحالات التي تعرضت خلالها النساء لانتهاكات، منها فى محافظة بنى سويف، حيث كانت النساء المنتقبات يتعرضن لاعتداءات لفظية، نظراً لاعتبارهن من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وفى نفس المحافظة رصد التقرير أن مهاجمى الكنائس ممن رفعوا شعارات مؤيدة للرئيس المعزول قد قاموا باحتجاز عدد من الراهبات بمدرسة الفرنسيسكان ولكن لم يتم التعدي جنسياً عليهن كما نشر فى بعض الصحف. ورصد التقرير حادثة اخري بقرية "بنى أحمد" بمحافظة المنيا، حيث شملت المتاجر والبيوت التى أحرقت على خلفية اعتداءات طائفية واسعة لسيدات قبطيات معيلات، أجبرن على الدخول فى صلح عرفى مجحف برعاية رموز من الجماعة الإسلامية. وقال التقرير" "إن إحراق البيوت والمحلات فى هذه القرية جري على خلفية الاختلاف على الاستماع لاغنية بالمقهي، بينما كان بعض مسيحيى القرية يريدون الاستماع الى اغنية "تسلم الأيادى" وكان بعض مؤيدى مرسى يريدون الاستماع الى اغنية "مصر اسلامية" ولان القرية ذات اغلبية مسيحية، فإن بعض مسلمي القري المجاورة جاءوا لمساندة مسلمي القرية وهاجموا بيوت ومتاجر مملوكة للأقباط وفى أأأثناء الهجوم على أحد المنازل اضطرت سيدة وابنتها للقفز من الدور الثانى الى الأرض الزراعية للهروب من بطش المجموعات المعتدية". وأكد التقرير أن معدلات العنف والتحرش الجنسي تجاه السوريات على وجه الخصوص تزداد بشكل خطير، ما يجعل حركتهن فى الشارع أمراً صعباً. واتجه التقرير الى تحليل الخطاب الاعلامي المختلفة للاطراف المتنازعة، سواء كانت من المحسوبة على التيارات الإسلامية او المؤيدة للحكومة الحالية المدعومة من الجيش. وقال: "إن الاعتداءات التي استهدفت النساء بالضرب او التحرشات او بسرقة الممتلكات لم تكن لتحدث بشكل تلقائي نتيجة للأزمة السياسية ولكن وسائل الإعلام لعبت دورا فى تحريض المواطنين على مواجهة بعضهم البعض، ولم يخلُ بالقطع من البعد النوعي واستهدافا نوعيا للنساء سواء كن سوريات او مسيحيات او غير محجبات او منقبات او ثبت انتمائهن الى التيار الإسلامي". وأضاف التقرير أن التمييز امتد إلي المنتقبات، كما ساهم الخطاب الإعلامى الذى ادعي انه يحارب الإرهاب فى رسم صورة نمطية عامة عن النساء المنتميات الى هذا المشروع السياسي وساوي بين جميع المنتمين الى هذه الجماعات والمتعاطفين معهم. وانتقد التقرير موقف المجلس القومى للمراة، قائلا: "انه اتخذ موقفاً واضحاً من الأحداث عن طريق الشكر المتكرر الذى قدمته السفيرة ميرفت التلاوي لوزارة الداخلية او حتى من خلال مؤتمر نساء مصر ضد الارهاب". وتناول التقرير الترهيب الجنسي الذى تتعرض له الإناث، والذى جاء نتيجة لتأجيج الخطاب ضد النساء من كلا المعسكرين، مشيرا الى أنه خلال فترة المظاهرات ضد الرئيس المعزول محمد مرسي بداية من يناير 2013 حتى يونيو 2013 قامت الرئاسة فى أواخر يونيو باستغلال البيانات والإحصاءات التى تصدرها المجموعات التى تعمل ضد التحرش، حيث قامت بنشرها كدليل على سوء سمعة وخلق المتظاهرات، كما قام مجلس الشورى ذو الأغلبية الاسلامية بتحميل المتظاهرات مسئولية الاعتداءات الجنسية عليهن. وقال التقرير ان الخطابات الرسمية وخطابات الإعلام المختلفة ساهمت فى إنتاج خطاب تمييزى أدى الى رسم صورة ذهنية نمطية تسهل استهداف النساء على أساس هويتهن التى يعبر عنها مظهرهن الخارجى، بما يجعل أى امراة عرضة للتصنيف الفورى، ومن ثم للعقاب بناء على انتمائها الى احد الاطراف المتصارعة دون الاخر.