كان النشاط الأساسي لغالبية المصريين حتى القرن التاسع عشر هو الزراعة والحرف اليدوية في المدن، وكان نمط الإقطاع الشرقي يجعل الأرض ملكًا للدولة، ويعتمد في استغلالها على طبقة الوسطاء والملتزمين. وقد صدرت عدة لوائح خلال القرن التاسع عشر تبيح حق الملكية، والتأجير، والانتفاع، والتوريث، وإنهاء الحظر على انتقال الفلاحين، والسخرة الزراعية، المعروفة منذ عصر المماليك. أما الحرفيون فقد كانوا العمود الثاني للإنتاج السلعي والخدمي، وكانوا في بداية القرن التاسع عشر منظمون في 64 نقابة، لكل منها شيخ، هو الوسيط بينها وبين السلطة. أدى نظام احتكار الخامات والتسويق، في عهد محمد علي إلى جانب جمع الحرفيين للعمل في المصانع الحربية والمدنية، التي ضمت ثلاثين ألف عامل- من 2.8 مليون نسمة تقريبا- يتعاملون بشكل من أشكال الأجور، علاوة على جمع الأطفال عنوة للتدريب الحرفي، أدى كل ذلك لانهيار الطوائف الحرفية. ولكون مشروع محمد علي قائم على الاحتكار، والعمل أشبه بالتجنيد الصناعي أو السخرة، بدون قواعد للأجور، ثم انهيار المشروع ككل، فلا يمكننا الزعم بنشوء "طبقة عاملة" مصرية، بالمعنى الحديث في عصره. فلم تسنح الفرصة بانتعاش الطوائف الحرفية من جديد، كما أن الخديوي سعيد قد ألغى صلاحيات الشيوخ، في جمع الضرائب والقضاء والتأديب رسميًا. وقد استُخدم عدد ضخم من العمال في المشروعات العامة، وتوالت العصور والازمان إلى أن وصلت لفترة حكم مبارك الذي ساهم في القضاء على العمالة الماهرة وتضييق الخناق عليها تمهيدا لانقراضها. "حسن حمد الله" استطاع ان يصنع ما عجز عن صنعه نظام سابق حكم الدولة بالحديد والنار فزاد الفجوة بين الطبقات وانهارت الصناعة والحرفة اليدوية فاصبحت نادرة ندرة الابتسامة بين شفتي الحزين ففكر ببساطة وبدون تعقيد في كيفية حماية العامل البسيط صاحب الأيدي الماهرة من الانقراض ووضع أهدافا اذا تم تحقيقها يستطع أن ينال جائزة من جوائز الدولة التشجيعية. عم حسن صنع الله كهربائي سيلسيون يبلغ من العمر 45 عاما اراد ان ينشئ جمعية خيرية بمنطقة الخليفة بالقاهرة والتي تضم أكبر عدد من العمالة الماهرة في مختلف الحرف اليدوية منها أعمال الرخام والجرانيت والسيراميك وأعمال النقش على النحاس والمعمار والارابيسك. والهدف من هذه الجمعية هو انشاء صندوق للزمالة خاص بالمعماريين وأصحاب الحرف الدقيقة يلبي حاجاتهم وطموحاتهم لإنشاء أكبر تجميع لعمال وصنايعية مصر حيث ستتمثل خدمات الجمعية في عمل معاشات لكبار السن واصحاب العجز المفاجىء بسبب المرض أو اصابات العمل مع توفير الرعاية الصحية لاسر أعضاء الجمعية من المشتركين. عم حسن ابتعد عن مشاكل الدولة والروتين من الحصول على المعاشات والاعانات الحكومية التي لا تغني ولا تسمن من جوع بالاضافة إلى الهموم السياسية التي تعيشها البلاد الآن في البحث عن رئيس يحمل هموم وطموحات المصريين. وقال لابد أن نتحمل المسؤولية بعيدا عن الحكومة مهما كانت التحديات والمساهمة في حل المشكلات التي يعتبرها البعض بسيطة إلا أنها تمثل للملايين من الاسر المصرية الفقيرة مسألة حياة أو موت ففي الجمعية نساهم في زواج بنات الاعضاء والمساعدات العينية في المصاريف المدرسية بالاضافة إلى حل مشاكل البطالة لبعض أعضاء الجمعية بالقدر المستطاع وذلك بالتنسيق مع شركات المقاولات العامة والخاصة. وأضاف عم حسن أن اختياري للفكرة جاء عن طريق شقيقي وهو يعمل نجار تعرض لظلم شديد ولم يستطع أن يحصل على حقوقه من صاحب العمل لأنه عامل باليومية. ووجدت ان تلك المهنة وهؤلاء العمال "مهدور حقهم". وبعد أحداث الثورة زادت العملية سوءا فقد تضرر معظم العاملين في الحرف اليدوية والذين يعتمدون على أفكارهم وابتكاراتهم اليدوية لتطوير أعمالهم والتي تضررت نظرا لتوقف حركتي البيع والشراء، بالاضافة إلى توقف حركة السياحة وخاصة في مناطق القلعة او السيدة عائشة أو الحسين أو في المساجد المحيطة والتي كانت من أهم الأسباب لتوقف مصدر دخلهم وتحويلهم إلى عناصر بطالة موقوتة والذهاب إلى تجارة المخدرات وأعمال البلطجة وذلك في مقابل توفير الطعام والدواء لذويهم. ويؤكد عم حسن أن قرار تأسيس الجمعية سيلقى قبولا ورواجا كبيرا بين أوساط الحرفيين خاصة وان من أهم أهدافها المساواة بين الصنايعي والموظف وذلك في جميع الحقوق والواجبات بما يساهم في طمأنة الصنايعي على مستقبله هو وأسرته. وحول ضمانات نجاح الجمعية التأسيسة في تحقيق أهدافها يقول الحاج حسن ان النجاح يتوقف على المشاركة الجادة والفعالة لجميع اعضائها وعلى مدى قدرة وكفاءة الإدارة ومدى إخلاصها ونزاهتها من قبل الادارة بالاضافة إلى مخاطبة جميع الجهات المعنية الحكومية والغير حكومية للدعم والمساعدة مثل مخاطبة الوزارات والهيئات والمؤسسات وشركات المقاولات العامة والخاصة وسنخاطب ايضا البنوك ورجال الاعمال والجمعيات الخيرية والاحزاب وكل ذلك في اطار الالتزام الكامل بالاسس والقواعد القانونية وبوضوح وشفافية 100%. وبالفعل لقد واجهنا العديد من الصعوبات أهمها حينما طرحت الفكرة قوبلت بعدم المصداقية بين الناس واللامبالاه عند آخرين وبدأنا خطوة تلو الاخرى بتعريف الناس البسيطة من ابناء الطبقات الشعبية بأهمية التكامل والتوافق بين تلك الطبقات العمالية المنسية وأصحاب الايدي الماهرة بالإضافة الى نبرة التخوين الى بدأت بالتلاشي ووصلت إلى المشاركة في العمل العام من قبل عدد من المشككين في أفكار الجمعية من الأساس، ومن ناحية اخرى فقد تم وضع معايير في اختيار المؤسسين في تلك الجمعية منها التمتع بالوعي المناسب والنزاهة وحسن الخلق والسمعة الطيبة وأن يكون موضع ثقة لدى زملائه بالإضافة إلى الكفاءة والقدرة على ادارة ومعالجة الازمات مع تجميع مشايخ الصنايعية في جميع الحرف اليدوية للتشاور والمشاركة في عمل الجمعية. كما ستتقدم الجمعية فور تأسيسها بالحصول على حصة من العقود للمقاولات المطروحة على الشركات الكبرى لكى تكون باسم جمعية المعماريين بالخليفة بالإضافة إلى الحصول على حصة من العمالة المصرية الموجهة لحركة التعمير في ليبيا، مع اقامة معرض للسلع المعمرة سوف تباع بالتقسيط بدون فائدة لأعضاء الجمعية.