لإفلات من العقاب وتصاعد جرائم الفساد وإهدار الأحكام القضائية، كانت تلك أبرز النتائج التى يرى حقوقيون أنها ستترتب على إقرار قانون تحصين المسئولين الذى أعلن مجلس الوزراء أمس تكليفه لوزارة العدل والاستثمار والعدالة الانتقالية بإعداده، مؤكدين رفضهم للتبريرات الحكومية التى أعقبت التكليف بإعداد القانون، بأنه يستهدف تشجيع المسئولين على اتخاذ الاجراءات والتحكم في اليد المرتعشة للمسئولين الذين يحجمون عن اتخاذ قرارات خوفا من المسائلة، ليؤكد الحقوقيون " المسئول اللى يخاف يتحاسب أو يصدر قرار يروح" . ووصف طارق زغلول المدير التنفيذي بالمنظمة المصرية لحقوق الانسان القانون بأنه يدخل ضمن قائمة القوانين سيئة السمعة ويسعى لتقنين الفساد الحكومي وحماية للفاسدين، وأنه يشجع على ارتكاب الجرائم وتصاعد الفساد مادام الافلات من العقاب متاحا عبر القانون. وأضاف زغلول "هذا القانون يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين وسيكون من اليسير فى حالة إقراره الطعن في دستوريته، ومن غير المقبول اقرار مثل تلك القوانين بعد ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيو وكل تلك الدماء التى سالت". وربط محمد الباقر عضو جبهة طريق الثورة بين قانون تحصين المسئولين وقانون المزايدات والمناقصات الذي سمح بالتعاقد بالأمر المباشر بترخيص من المسئول المختص، والذى حمله مسئولية تصاعد جرائم الفساد الحكومى، وفى حالة إقرار قانون التحصين بناءا على حسن نية المسئول، فمن الممكن أن يبرر المسئول فساده وإهداره لأموال الدولة بأنه كان متعجلا عند إصدار قرار الامر المباشر ، ومن ثم يصبح خارج إطار المحاسبة ويفلت من العقاب. وأضاف الباقر أن السلطة التنفيذية تواصل جورها على السلطة القضائية التى يجب أن تكون هي الفيصل في حالات تقصير وفساد المسئولين، معتبرا أن تلك السياسات هي استمرار لسياسات النظام القديم في زي جديد عبر " حكومة مدنية برتبة تقوم بتنفيذ تعليمات السلطة العسكرية ، حيث أًقرت سبع قوانين مقيدة للحريات وداعمة للفساد في الوقت الذي يفترض فيه أنها سلطة انتقالية ، وأن المجالس التشريعية هي المخولة بإصدار القوانين". واستطرد الباقر " المسئول الذي يخشى اتخاذ قرارات خوفا من المسائلة والمحاسبة هو مسئول في المكان الخطأ، وحكومة الإخوان كانت تردد مثل تلك التبريرات". وقال محمد زارع المدير التنفيذي لمؤسسة الإصلاح الجنائى أن الدولة تواصل ضرب الأمثلة السيئة فى أحترام العدالة والقضاء، وأن القضاء هو الحصن الأخير للمواطنيين فى مواجهة فساد المسئولين ولا يجب أن يتم تحصينهم عبر هذا القانون، الذي سيدعم تصاعد الفساد وافلات المفسدين من العقاب. وأضاف زارع " ماذا تعني حسن النية لتكون مبررا للتغاضى عن الفساد، المسئول الذي يخطئ يجب أن تتحمل الدولة مسئولية إختياره وأن يتحمل هو مسئولية فساده، فما معنى اختيار الدولة لمسئول فاشل ثم تحصينه من المحاسبة، وكأنها قررت أن الوضع الطبيعي هو أن يفسد المسئول فلا تتم محاسبته". وأكد زارع رفضه لدعوى الحكومة بأن الهدف هو تشجيع المسئولين على اتخاذ القرارات المناسبة، " المسئول الذى لا يستطيع اتخاذ قرار يروح، فالمسئول يجب أن يسأل، فهذا القانون دعوة للفساد واستغلال المناصب".