أتى حكم المحكمة الدستورية أمس كالرياح التي لا تشتهيها السفن والذي يقضي بعدم دستورية 5 مواد بتعديلات قانوني مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية ليقلب موازين الانتخابات البرلمانية القادمة، فبعد أن مررت جماعة الإخوان المسلمين مشروع الدستور الذي ترأس لجنة وضعه المستشار حسام الغرياني رئيس المجلس الأعلى للقضاء بنسبة 63% انتظارا منهم لخوض الانتخابات بكل قوتهم، وبعد أن كلف الاستفتاء وفقا لمصادر فى وزارة المالية، أن المبالغ التى تم صرفها إلى الضباط والأمناء والأفراد والقضاة، كمكافأة لهم وحدهم، تعدت مبلغ ال310 ملايين جنيه، هذا بخلاف المبالغ التى تم تخصيصها إلى قوات الجيش المنوط بها حماية اللجان، بالإضافة إلى أوراق الطباعة، والصناديق، وتكاليف النقل والمشرفين من العمال والموظفين، وبذلك يكون إجمالى تكاليف الإشراف على الاستفتاء الدستورى نحو المليار جنيه. يبقى مصير الانتخابات البرلمانية حتى الآن غير معروف كما قال الدكتور جمال حبريل أستاذ القانون الدستوري ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشورى "إن الانتخابات البرلمانية التي من المفترض أن تُجرى في الشهر الجاري يمكن أن تؤجل حتى تعديل المواد المحكوم بعدم دستوريتها من قبل الدستورية والتي ستعود إلى مجلس الشورى لتعديلها ثم عرضها مرة أخرى على المحكمة الدستورية للبت في دستوريتها, الأمر الذي يمكن أن يؤجل انتخابات البرلمان لأجل غير مسمى. وعن شرعية تأجيل الانتخابات قال جبريل إن تأجيلها ليس به أي عوار قانوني أو دستوري وليست به أية مخالفات وأضاف جبريل في تصريحه ل"الوادي" أنه من المفترض أن تنتهي أزمة كافة المواد المطعون في دستوريتها بسهولة، مشيرا إلى أن تقسيم الدوائر الانتخابية هو الأمر الذي سيستغرق وقتا طويلا لأن منطوق الحكم الذي ينص باعادة تقسيم الدوائر على نحو منضبط بحيث يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات التزاما بالمادة 113 من الدستور. وعن أزمة المادة المختصة بتعريف العامل قال عبدالمنعم الجمل أمين عام مساعد اتحاد العمال أن تعريف العامل والفلاح كان ينبغي أن يكون نصا في الدستور وليس مادة داخل قانون، مشيرا إلى أن نص تعريف العامل بالدستور نصا عائما وغير واضح على الإطلاق، مؤكدا أن الاتحاد كان قد اعترض من قبل على تعريف العامل المنصوص عليه في المادة حيث أنه يتعارض مع نص المادة 229 من الدستور، الذي يعرف الفلاح بأنه "يعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة او الصناعة او الخدمات". وأضاف أننا أكدنا على أن التعريف الأصلي للعامل والذي كان موضوعا منذ ثورة يوليو وهو " أن يكون مقيدا بنقابة عمالية وأن يكون مؤمن عليه بالإضافة إلى أنه لابد وأن يكون ممارس للعمل من سنين طويلة حتى لايمكن لأي شخص تغيير صفته قبل انتخابات البرلمان ليسمح القانون بترشحه تحت مظلة العمال". وأضاف أن مجلس الشورى لم يأخذ بتعريفنا الذي أرسلناه لهم الأمر الذي أدى إلى خلافات حادة بين الاتحاد والشورى وقتها. وأضاف الجمل: وها نحن نرى ذلك العوار القانوني الذي كنا قد نبهنا عليه من قبل ولم يستجب لنا مجلس الشورى المنتخب والذي أدى بالحال الآن إلى احتمالية تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى أجل غير مسمى. الجدير بالذكر أن منطوق حكم الدستورية الذي جاء برئاسة المستشار ماهر البحيري أكد على ضرورة أن تسقط عضوية عضو مجلس الشعب اذا غير صفته من فلاح أو عامل إلى فئات، أو اذا غير انتماؤه الحزبي من حزب إلى حزب أو من مستقل إلى حزبي أو العكس ، لأن في ذلك انتقاص لحق الناخب الذي كفلته المادة 55 من الدستور. واوضحت المحكمة فيما يتعلق بالعزل السياسي أنه يشترط لأعضاء البرلمان من أعضاء مجلس الشعب أن يكون عضوا بالفصلين التشريعيين 2005/ 2010 وليس ايا منهما كما ذكر القانون . وقضت كذلك بعدم دستورية اشراف البعثات الدبلوماسية المصرية على انتخابات المصريين بالخارج، وارجعت ذلك الى أن اشراف تلك البعثات على الانتخابات البرلمانية والرئاسة السابقة كانت بمقتضى تعديل أُجري على الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، وأن الدستور الجديد نص في المادة 236 على الغاء جميع الاعلانات الدستورية الصادرة من المجلس العسكري ورئيس الجمهورية، وبالتالي فإن اشراف البعثات الدبلوماسية على الانتخابات القادمة لا يوجد له سند قانوني. وجاء قرار المحكمة في ضوء الطلب المقدم إليها من مجلس الشوري في اطار الرقابة السابقة بشأن مشروع قانون تعديل بعض أحكام القانونين رقمى 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب، و 73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية. ويتوجب على مجلس الشورى وفقا للدستور أن يدخل التعديلات التي اقرتها المحكمة الدستورية، واعادة مشروعي القانون مرة أخرى للمحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريته.