هل إختفي اليسار المصري عن الساحة السياسية، هل نسبة المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب ذات الخلفية اليسارية بتعدداتها الاشتراكية منها والشيوعية تعبر عن وجود التيار اليساري في الشارع المصري، هل أنسحب اليسار من الشارع المصري واتجه إلي المقاهي المنتشرة بشوارع وسط البلد، هل يستعيد اليسار دوره في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد الحركة الرأسمالية في العالم، وما هو مستقبل اليسار المصري في ظل تصاعد تيار الإسلام السياسي في مصر بعد الثورة، وما الذي يراهن عليه اليسار المصري في ظل الدعاية الدينية المؤثرة التي تستخدمها الأحزاب ذات المرجعية الدينية والأحزاب الليبرالية المدعومة بأموال رجال الأعمال، سؤال طرحناه علي بعض أنصار الفكر اليساري المصري؟ قال د. سيد عبد العال، أمين عام حزب التجمع، سوف يستمر اليسار طالما هناك ظلم اجتماعي، ويحاربه بمختلف أشكاله سواء الاشتراكية أو الشيوعية، منضالاً من أجل تحقيق أهدافه، وبالتالي فالتواجد اليساري في الساحة مطلوب سواء كان في شكل حركات أو أحزاب، وإن وجدت بعض الحركات التي لاتتبع اليسار لكنها تتبني جوهر المطالب الاشتراكية في تحقيق العدالة الاجتماعية، ويضيف بأن التيار اليساري في مصر علي صلة مباشرة بالعمال والفلاحين والمهنيين من خلال النقابات المستقلة، قائلا "نسعي منذ فترة لإقامة تحالف يساري معبر عن اليسار المصري، ولانزال بعد الثورة في مواجهة مع القوي ذات النزعة الليبرالية في العمل العام، وهي قوي غير إجتماعية تبرز في بعض رجال الأعمال. وبسؤاله عن تحالف بعض القوي اليسارية ضمن تحالفات ليبرالية، أوضح أن التنسيق مع القوي الليبرالية جاء لمواجهة نفوذ الإسلام السياسي المتزايد بهدف تحقيق مجتمع مدني قائم علي التعددية واحترام الآخر، تتمكن فيه كافة قوي المجتمع الدفاع عن وجهة نظرها وماتؤمن به، ويضيف أن القوي الإسلامية لا تملك طريقة للتحاور مع اليسار سوي التكفير وذلك هروبا من مناقشة البرامج السياسية، فهم لايقدمون برامج سياسية واضحة، وإنما يغلفونها بغلاف ديني، علي حد قوله. وتابع لكن اليسار يحتكم إلي الشعب في إنحيازه للبرامج المعبرة عن مصالح جموع وفئات الشعب المصري، وردا علي تورط بعض القوي الاشتراكية في الأحداث السابقة لقيام الانتخابات التشريعية، وطالتها الإتهامات بعد ذلك، قائلاً "لم نكن مع تأجيل الانتخابات، ولذلك أكملنا المرحلة الثالثة ونعلم أن الأصوات التي حصل عليها كلا من الحرية والعدالة وحزب النور قامت علي الدعاية السوداء، ونظرية "تكفير الأخر" وهذا النوع من الدعاية لايدوم، ويكفى مراقبة الشعب ممارسة كافة القوي السياسية داخل البرلمان، ليكتشف أن الذين انتخبوهم لايمكلون برامج تخدم مصالحهم ولا تساعد في حل مشاكلهم وبالتالي فالنضال اليساري هو النضال الحقيقي والأصعب فيجب أن تعبر عن مصالح الشعب وتدافع عنها لا أن تكون مجرد وكيلا عن الشعب. وتوقع عصام محمد، عضو منظمة الإشتراكيين الثوريين، إزدهار اليسار مستقبلا فهو التيار الوحيد الذي يؤمن بفكرة الثورة ضمن أيدلوجياته، والدليل علي ذلك أن الثورة المصرية نادت بأكثر المطالب المعبرة عن اليسار وهي "العدالة الإجتماعية". وأرجع إنحصار التيار اليساري في الفترة الأخيرة، إلى الملاحقات الأمنية بشكل أساسي، مما دفع بعض الحركات للعمل بشكل سري، بينما التيارات الأخري هي مجرد تيارات إصلاحية لا يوجد ضمن إيدولوجيتها فكرة التصادم المباشر مع النظام القائم في حين أن أمن الدولة في النظام البائد كان لا يسمح بتواجد أنظمه تعارضه، كذلك إنحراف الخط اليساري لدي بعض الحركات والأحزاب ساهم في إنحصار دور اليسار في الفترة الأخيرة فعلي سبيل المثال حزب التجمع إنحرف عن الخط اليساري منذ تقاعد "زكريا محي الدين" وهو يتبني خط النظام القائم. وأضاف متسائلاً هل من المقعول أن ينادي أكبرحزب يساري في مصر بالمبادئ الليبرالية، فاليسار يراهن دائما علي الأغلبية الكادحة وساكني العشوائيات الذين يتطلعون دائما لحياة أفضل، وذلك من خلال الاتصال المباشر بهذه الفئات المهمشة والكادحة وتوعيتهم بكيفية نزع حقوقهم المشروعة من بين أنياب الطبقة الرأسمالية المسيطرة. وأكد على تدني نفوذ التيار الديني، لأن الإصلاحات تتطلب إعادة توزيع الثروة وهو أمر غير موجود بين برامج أحزاب التيار الإسلامي، وهناك العديد من الدلائل التي تمثل عودة قوية للتيار اليساري قياسا بالفترة التي أعقبت سقوط الأتحاد السوفييتي في السبعينيات من القرن الماضي، وشهدت تراجعا ملحوظا للتيار اليساري علي مستوي العالم و منها " قيادة اليسار للحركات الاحتجاجية المناهضة للسياسات الرأسمالية في العالم ومنها مثلا قيادة الحزب الشيوعي للإضرابات في اليونان وإيطاليا وأسبانيا وأمريكا، وغيرها من الدول الأوروبية، والحركات الطلابية الاشتراكية كان لها دور فعال داخل الجامعة في الفترة الأخيرة فهي من قادت إضرابات الطلبة في الجامعة الأمريكية والجامعة الألمانية، كما يتواجد التيار الإشتراكي بشكل ملحوظ في الجامعات الحكومية، فهو من قاد حملة لإسقاط اللائحة الطلابية الموجودة في جامعة عين شمس، وطالب بلائحة بديلة يكتبها الطلاب بأنفسهم، حتي تكون معبرة عن مصالح الطلاب، كما قاد اليسار حملة داخل الجامعات تحت شعار "حملة ماتدفعش المصاريف" في جامعة القاهرة وعين شمس وحلوان، كذلك زيادة عدد الحركات الإشتراكية منها "إتحاد الشباب الإشتراكي وحركة الإشتراكيين الثوريين وغيرها من الحركات التي ذاع صيتها في الفترةالأخيرة كل ذلك يمثل قرائن علي عودة التيار اليساري بقوة مستقبلاً. وحذر وائل توفيق، عضو حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، من استمرار حالة التشرذم التي يعانيها اليسار حاليا، وضعف القوى اليسارية، نتيجة عدم التحالة والعمل الاشتراكي بين فئات اليسار المختلفة، خاصة بعد اندلاع الثورة وارتفاع سقف الحالة الثورية لكافة التيارات السياسية، لافتاً لوجود بعض المساعي لعمل جبهة لتوحيد اليسار في مصر وفقا لشروط التيار الاشتراكي، ليتم التركيز علي تفعيل دور أصحاب المصالح من المهمشين والذين من المفترض أن الثورة قامت لأجلهم وعلي أكتافهم، وبالتالي فهناك ضرورة لإدخالهم في العمل السياسي وذلك يتم من خلال خلق تنظيمات شعبية لها القدرة علي التعبير عن مصالح تلك الطبقات كفكرة النقابات العمالية المستقلة، وفكرة اللجان الشعبية المعبرة عن مصالح جموع الجماهير. ولفت لوجود بعض الجهات الاشتراكية تسعي لتحالف قوى اليسار في كتلة واحدة منها مثلا "حركة الإشتراكيين الثوريين، حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، واليسار الثوري، بهدف طرح رؤي القوي التي قامت الثورة من أجلها عبر تلك التنظيمات، وإزالة الفروق الطبقية في المجتمع، والتأكيد علي العمل من أجل مصالح الجماهير. وأرجع وائل توفيق، أسباب إنحصار اليسار في الشارع إلى حملات التشويه التي يتعرض لها منذ السبعينيات حينما عمل السادات علي تشويه الفكر الاشتراكي بهدف السيطرة علي الحكم، وخلق نظام رأسمالي ليبرالي يخدم مصالح الفئات الحاكمة كما أن هناك حملة منظمة من المجلس العسكري لتشويه اليسار الثوري بهدف استرجاع النظام القديم، بوجوه جديدة لافتاً إلى " ماحدث من تأويل بعض الكلمات التي جاءت في إحدي ندوات مركز الدراسات الإشتراكية والتي جاء بها " ضرورة هدم نظام الدولة بأكمله" والتي فهم من سياقها بأن التيار اليساري يسعي للتخريب والهدم كذلك إتهام بعض الجماعات الإسلامية بأن اليسار يحصل علي تمويلات من المخابرات المركزية الأمريكية، وهي كلها إدعاءات باطلة الهدف منها تشويه التياراليساري في مصر، ويعد ذلك إحدي أسباب تراجع اليسار في الفترة الأخيرة، كما أثرت القوي التنظيمية للتيار الإسلامي علي مسار اليسار في مصر.