حذرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية من أن انهيار الدولة السورية يهدد منطقة الشرق الأوسط برمتها، داعية العالم الخارجي للتدخل قبل فوات الأوان. ورجحت المجلة -في تعليق أوردته في موقعها الإلكتروني مساء الخميس- أن تنتهي الفوضى القائمة في سوريا بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، منوهة إلى أن الوضع قد يتحول بعد ذلك إلى ميليشيا كبرى تصارع عددا من الميليشيات، على نحو تغدو معه سوريا فريسة لأن تصبح صومالا جديدا في قلب بلاد الشام.
ورأت المجلة أن وقوع ذلك ينذر بإزهاق أرواح الملايين؛ إذ ستتحول سوريا الممزقة إلى أرض خصبة لإنتاج جهاديين قادرين على إذكاء العنف بين الخصوم المتنازعين بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن أسلحة الأسد الكيماوية لا تزال في مأمن حتى الآن، لكنها عرضة في أي وقت لخطر السقوط في يد متطرفين ، واصفة ذلك بالأمر الكارثي الذي سيؤثر على كل منطقة الشرق الأوسط وما وراءها.
ولفتت المجلة إلى أن تقسيم سوريا المحاطة بتركيا ولبنان والأردن والعراق وإسرائيل كفيل بتفتيت لبنان بما يضم من أنصار للأسد وطائفته، وإفقاد الأردن الفقير الهش توازنه واستقراره بزيادة أعداد اللاجئين والإسلاميين على أراضيه، مشيرة إلى أن العراق الشيعي الأغلبية لن يستطيع أن يمنع نفسه عن الإنزلاق إلى الهاوية بما ينذر بمزيد من الإنقسام الطائفي الذي يعانيه بالأساس.
وانتقدت "ذي إيكونوميست" وقوف العالم الخارجي وأمريكا موقف المتفرج ومشاهدة هذا السقوط. وأرجعت السبب وراء تردد الغرب بشأن التدخل في سوريا إلى إداركه أن إسقاط الأسد من شأنه الزج بالبلاد إلى دوامة من العنف الشديد؛ لا سيما أن الأسد عمد منذ اشتعال الثورة السورية إلى تلويث كافة الأيدي بالدماء، بدءا بالجيش عندما أصدر أوامره بإطلاق النار على السوريين ليتحول هؤلاء بعد ذلك إلى ميليشيات لمواجهة جيش بلادهم، ومرورا بأبناء طائفته من العلويين عندما ورطهم في مذابح ضد الأغلبية السنية وهو ما استتبع ظهور جهاديين طائفيين، بحيث انتهت الدولة إلى ساحة تضم عددا من الميليشيات التي يفرقها الثأر أكثر مما يوحدها أي شيء آخر.
واستبعدت المجلة أن تتدخل الولاياتالمتحدة في نهاية المطاف بالأزمة السورية حتى ولو أثار ذلك جدلا واسعا في الداخل الأمريكي الذي أعاد انتخاب الرئيس باراك أوباما وذلك لإيمانه بأن أمريكا المنهكة اقتصاديا يجب أن تبقى بمنأى عن المستنقعات الخارجية.
ومع ذلك رأت "ذي إيكونوميست" أنه من الصعب أن تتجاهل الإدارة الأمريكية الوضع القائم في سوريا، لاسيما أن لها مصالحها بالمنطقة؛ كضمان استمرار تدفق الطاقة وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ومحاصرة الإرهاب، وضمان عدم انتفاع إيران بترسانة الأسلحة السورية بما يعجل من حيازتها لقنبلة نووية.
واختتمت المجلة تعليقها بالقول إن أوباما ربما لا يرغب فعلا في الذهاب إلى سوريا، ولكن سوريا هي التي ستجذبه إليها.