تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    سعر البطيخ والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    عيار 21 يسجل مفاجأة.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    «البيئة» تفحص شكوى تضرر سكان منطقة زهراء المعادي من بعض الحرائق وتحدد مصدر التلوث    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    التخطيط: 100 مليار جنيه لتنفيذ 1284 مشروعًا بالقاهرة ضمن خطة عام 2024/2025    أبو الغيط: قرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا تطور إيجابي وهام    ماكرون: ما تفعله حكومة نتنياهو في غزة "مخزٍ وغير مقبول"    مسؤول أممي: إسرائيل تضع هدف إخلاء غزة من السكان فوق حياة المدنيين    الأهلي يتوج ببطولة السوبر الإفريقي لكرة اليد    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    أول قرار من أيمن الرمادي بعد خسارة الزمالك أمام بيراميدز    طقس المحافظات 6 أيام.. رياح وأمطار على بعض المناطق وموعد الارتفاع في درجات الحرارة    تبدأ بالحاسب الآلي والتكنولوجيا.. جدول امتحانات الصف الأول الاعدادى 2025 بدمياط    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    الخميس.. انطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم في المحلة الكبرى تحت شعار «الإبداع حق للجميع»    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    الكشف على 5800 مواطن في قافلة طبية بأسوان    شهروا بيه، تامر حسني يحرر محضرا رسميا ضد شركة دعاية وإعلان بالشيخ زايد    ترامب يعلن رفع العقوبات عن سوريا والكويت تؤيد: خطوة نحو الاستقرار    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الأمم المتحدة: إسرائيل تفرض ظروفا غير إنسانية على المدنيين فى غزة.. و"أرامكو" تعتزم استثمار 3.4 مليار دولار فى أمريكا.. وأبو الغيط: الوضع الأمنى فى بغداد مستقر تماما    إصابة 9 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة برصيف فى التجمع    تعليم سوهاج تواصل تقديم المحاضرات المجانية لطلاب الثانوية العامة.. صور    التحفظ على سيارات بدون لوحات معدنية ودراجات بخارية مخالفة بحى المنتزه بالإسكندرية    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    فتحي عبد الوهاب: "مش بزعق في البيت وبحترم المرأة جداً"    مؤتمر يورتشيتش: من الصعب أن تكون بطل الدوري.. ولأننا بيراميدز فالأمر أصعب    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. ترامب: نستخدم قوتنا العسكرية لإحلال السلام.. وروسيا: المحادثات مع أوكرانيا يجب أن تعقد خلف أبواب مغلقة.. والاتحاد الأوروبى يحتاج 372 مليون يورو استثمارات    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    "قومي المرأة" و"النيابة العامة" ينظمان ورشة عمل حول جرائم تقنية المعلومات المرتبطة بالعنف ضد المرأة    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    في وجود ترامب بالمنطقة.. الحوثي يستهدف مطار بن جوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي    حرس الحدود يعين أحمد عيد عبد الملك مديرًا فنيًا جديدًا للفريق    «لماذا يركز على لاعبي الأبيض؟».. نجم الزمالك السابق يهاجم سياسة الأهلي    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    الكثير من المسؤوليات وتكاسل من الآخرين.. برج الجدي اليوم 14 مايو    وقت مناسب لاتخاذ خطوة تجاه من تحب.. حظ برج القوس اليوم 14 مايو    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    البيت الأبيض يكشف عن أبرز الصفقات مع السعودية بقيمة 600 مليار دولار    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    هل لبس الحاج للذهب يؤثر على صحة الحج؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    سعر الفراخ وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    على جمعة: الإسلام علّم الإنسانية مبادئ الحرب الرحيمة وخرجت منها اتفاقيات جنيف    فتح باب التقديم للمشاركة في مسابقة "ابتكر من أجل التأثير" بجامعة عين شمس    جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي 2025 الفصل الدراسي الثاني محافظة قنا    وظائف شاغرة بالمدرسة المصرية الدولية بالشيخ زايد (الشروط والمستندات المطلوبة)    وزير الدفاع يلتقي نظيره بدولة مدغشقر    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصباح» تنشر شهادات حية عن وقائع «التحرش» بالمتظاهرات في ميادين الثورة
نشر في الصباح يوم 06 - 02 - 2013

الشيخ أحمد كريمة: سبى النساء في المعارك كان بضوابط شرعية.. وجورجيت قلليني: ما حدث وسيلة لكسر التيار المدني
ريهام: مزقوا ملابسي في لحظات..
تيسير: عشرات الأيادي اخترقت ملابسي وتركوني والدماء تنزف..
ماريان: كانوا يضحكون بينما أواجه الموت..
يمنى: كانوا مصرّين على اغتصابي

تنفرد «الصباح» بنشر شهادات عدد من الفتيات اللاتى وقعن ضحايا للتحرش والاغتصاب فى ميدان التحرير.. وفى السطور التالية تروى 4 فتيات من الضحايا، تفاصيل ما حدث معهن، وقد تجاوز فى بعض الحالات التحرش إلى الاغتصاب الكامل، بعدما سقطن فى دائرة الحصار التى فرضها عدد من الشباب فى الميدان حولهن، وراحوا ينتهكون أجسادهن دون رحمة إلى أن سقطن جميعا بعدما فقدن الوعى وأشياء أخرى.

الضحايا الأربعة أصبحن مكلومات فى شرف بلادهن، بعدما تعرضن لوقائع أشبه بالأهوال.. بعضهن لا يزلن فى حالة صدمة ولا يعرفن كيف يتلمسن خطاهن فى الطريق إلى نسيان ما حدث.. فيما جاءت شهادتهن لتدين نظاما بأكمله وقد أجمعن فى نهايتها على ترديد جملة واحدة «حاسة انى ماحكيتش الواقع زى ما حصل بالظبط، ومهما قولت مش ممكن أقدر أوصف الموقف زى ما حصل فعلا».

1 ماريان ماهر: بدأ كل منهم يعبث بجسدي وعندما حاولت التراجع جرّدوني من ملابسي تماماً
حاول بعض الشباب حمايتي فنالوا نصيبهم من الإصابات بالأسلحة البيضاء، كانوا يضحكون بينما أواجه الموت.
2 سناء أحمد: يحددون فتاة بعينها ويقيمون حلقات متكررة حولها وعند انعزالها تماما يجذبونها إلى شارع جانبي وعندها تبدأ الكارثة مارسوا معي كل أشكال التحرش وفى كل مناطق جسدي دخلت في حالة هيستيرية من البكاء والرعشة وهم يضحكون ويدفع كل منهم الآخر ليأخذ مكانه بالقرب من جسدي ما أنقذني هو سقوطي على الأرض في حالة إغماء شديد فتدخل بعض الشباب لحمايتي.
3 تيسير محمود: كل ما أتذكره هو عشرات الأيادي وهي تخترق ملابسي وتمسك بكل منطقة بجسدي بكل وحشية، استخدموا «مطاوي» لاستكمال تمزيق ملابسي وهو ما أصابني بجروح في قدمي وظهري وبطني.. تركوني فقط عندما امتلأت ملابسي وجسدي بالدماء.
4 ريهام جلال: صممت والدتي على النزول للميدان لتحميني، ورغم ذلك وقع المحظور كان الشباب يحموننا كدروع بشرية، ولكن في لحظة إطلاق قنابل الغاز تفرق الجميع وبدأ ماراثون التحرش، أعمارهم من 15 إلى 25 سنة.. وكانوا مصرّين على تمزيق ملابسنا، يتم التحرش بمجموعات من الفتيات في وقت واحد وإحدى المجموعات كانت تضم 10 فتيات خرجن جميعاً بلا ملابس تقريباً.
5 يُمنى: في لحظة وجدنا أنفسنا محاصرين بين قوات الأمن من جانب، والمتحرشين من جانب آخر حاول شاب إنقاذنا فخنقوه بالكوفية التي كان يرتديها، بعد أن تحرشوا بنا.. مجموعة من المتحرشين سرقوا محافظنا وتليفوناتنا وهربوا وتركونا فريسة لمجموعة جديدة، من كثرة عددهم لم أستطع التمييز بين من يُحاول أن ينقذني ومن يحاول أن ينتهكني، كانوا يصرخون في المارة «دي على بطنها» قنبلة حتى يخافوا ولا ينقذني أحد بعد أن أنقذتني سيدة ومجموعة رجال، وأدخلوني محلاً استمر المتحرشون في التجمهر بتصميم على استعادتي واغتصابي.
6 شاهد عيان: وقعت سيدة في حالة إغماء على كوبري قصر النيل بسبب قنابل الغاز فتجمع عليها مجموعة كبيرة من الشباب واغتصبوها.

المكان: ميدان التحرير.. الزمان: 25 يناير 2013.. فتاة فى منتصف العشرينات من العمر، نزلت إلى الميدان بصحبة خطيبها، للاحتفال بالعيد الثانى لثورة يناير، دخلا الميدان من كوبرى قصر النيل، وبمجرد وصولهما، طاردتهما قنابل الغاز، حيث بدأ الجميع يجرى هنا وهناك، حالات كر وفر، ووجوه غير مألوفة بالميدان، فحاولا الخروج سريعا، لكنهما لم يتمكنا، التف حولهما عدد من الشباب، يجذبون من يده خطيبته بكل قوة، وعندما قاومهم، دفعوه أرضا وانهالوا عليه بالضرب إلى أن فقد وعيه، كل هذا والفتاة مازالت بين أيديهم، فى حالة بكاء هيستيرى، أخذوا يتناوبون جذبها، إلى أن تمزقت ملابسها تماما على مدخل شارع محمد محمود، عندما أصبحت عارية إلا من بعض ما لايستر عورتها، استطاع عدد من الشباب إنقاذها وهى فى حالة إغماء وإجهاد شديد، ستروها ببعض ملابسهم، وتمكنوا من الوصول لخطيبها، وأخرجاهما من الميدان، بينما الضحيتان.. الفتاة وخطيبها لا يصدقان ما حدث لهما.

ما سبق ليس مشهدا من خيال، بل واقع شهد الميدان أكثر منه، وفى السطور التالية تنفرد «الصباح» بنشر شهادات عدد من الفتيات ضحايا التحرش والاغتصاب فى الميدان، على لسانهن بينما فضلن ألا تنشر أسماؤهن الحقيقية، وقد أصبحن مكلومات فى شرف بلادهن وبعضهن لا يزلن فى حالة صدمة ولا يعرفن كيف يتلمسن خطاهن فى الطريق إلى نسيان ما حدث.. بينما أجمعن فى نهاية شهادتهن على ترديد جملة واحدة: «حاسة إنى ماحكتش الحالة زى ما حصلت بالظبط، ومهما قولت مش ممكن هقدر أوصف الموقف زى ما حدث بالفعل».

«ماريان ماهر» إحدى ضحايا التحرش والاغتصاب فى الميدان تروى شهادتها قائلة: «نزلت فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، للاحتفال بالثورة، ولم أكن أدرى أن هذا العام الحالى يختلف عن السابق، فبمجرد دخولى الميدان وفى أقل من دقيقة الواحدة، شعرت بشىء ما غريب فى وجوه المحيطين، فمن المعتاد أن أرى فى مثل هذه الظروف والأحداث الجارية، لافتات، ثوار، مناضلين، وأهالى شهداء ورجال تلتف حول النساء لحمايتهن كما كان الوضع أيام الثورة، وأثناء الاحتفال بالعيد الأول لها، ولكن فى هذا اليوم كان بعض الرجال أيضا يلتفون حول النساء، ولكن بدا أن ذلك لأسباب أخرى، اتضحت لى عندما بدأ يعبث كل منهم بجسدى للحظات ويختفى، وتضيف، وقفت أمام شارع محمد محمود قليلا، ثم قررت أن أعود للخلف مرة أخرى، وأثناء عودتى وجدت فتيات يجرين قادمات من الاتجاه المعاكس، ويجرى خلفهن شباب يحاولون الإمساك بهن، استطاع بعضهن الإفلات، ولم تستطع أخريات»، و تضيف: «شعرت بأننى رجعت لعصر الكفار، كل واحد بيمسك جزء فى جسمى، وكأنى جارية، وعندما حاول بعض الشباب أن يتدخلوا، نالوا جزاءهم من ضرب بالأيدى والأسلحة البيضاء، وقال أحدهم وهو يمزق ملابسى دول بنات كافرات متبرجات، حلال لرجال المسلمين، قالها ثم مزق ملابسى تماما.

تسترجع ماريان تفاصيل الموقف، بينما دموعها بدأت تزرف، وتقول: «حسيت ساعتها إن البلد دى وحشة أوى، أو إنى بعمل حاجة غلط فى حياتى، وإنى فعلا بنت مش كويسة علشان جيت مكان زى ده، وكان المعتدون على بيضحكوا ويهزروا ولا كأنهم بيعملوا حاجة غلط، وبعدها ماقدرتش أدافع عن نفسى، ووقعت على الأرض، وماحستش بنفسى خالص غير لما فوقت بعد كده، وأنا فى سيارة الإسعاف وملابسى شبه ممزقة تماما»، وعلمت بعدها أن عددا كبيرا من الشباب تدخلوا لإنقاذى واستطاعوا حملى إلى سيارة الإسعاف، وأنا فى حالة إعياء شديدة وخرجت وقتها من الميدان وأنا لا أريد العودة إليه مرة أخرى.

لم يكن ميدان التحرير هو المكان الوحيد للتحرش أو الاغتصاب، فهناك أماكن أخرى أصبحت مكانا لهتك العرض، فى ظل وجود أى تجمعات، ومظاهرات، حيث لابد أن يتبع ذلك وجود متحرشين، ففى محيط قصر الاتحادية، ورغم عدم وجود أى ملامح لظاهرة التحرش بالشوارع المحيطة بالميدان نفسه، إلا أنه فى المسيرة التى انطلقت من ميدان النور بالعباسية، متجهة إلى ميدان الاتحادية، الأسبوع الماضى تعرضت «سناء أحمد»، الناشطة السياسية، إلى التحرش الوحشى من قبل بعض الشباب، وتروى شهادتها عن الواقعة قائلة: «أشكالهم كانت غريبة جدا، يرتدون بناطيل يرفعون جزءا كبيرا منها لأعلى، ويتمتمون بكلام غير مفهوم، ويشاورون على بعض الفتيات دون غيرهن، وأخذوا يقيمون حلقات تلى بعضها حلقة تلو الأخرى إلى أن انعزلت تماما عن المسيرة، جذبونى بعد ذلك إلى أحد الشوارع الجانبية، المتفرعة من شارع الميرغنى، وهم يمارسون معى جميع أشكال التحرش، فى كل منطقة بجسدى، ودخلت فى حالة هيستيريا من البكاء والرعشة المستمرة، وهم يضحكون، ويدفع كلٌ منهم الآخر ليدخل هو بجوارى، وبعد أن حاولوا تمزيق ملابسى فى اللحظات الأخيرة، انتبه إلى ذلك بعض الشباب وتدخلوا فى الوقت المناسب، بعد أن وقعت على الأرض فى حالة إغماء شديد، ونقلنى أهالى المنطقة وساعدونى على الإفاقة، على أحد المقاهى القريبة، وغادرت الميدان فور إفاقتى.

وتروى «تيسير محمود»، فتاة أخرى، ما حدث معها فى ميدان التحرير، حيث تم الاعتداء عليها بشارع محمد محمود، قائلة: «نزلت وهتفت، وفى لحظات الدنيا انقلبت ووجدت ناس بتجرى فى كل حتة، لدرجة إنى ماكنتش قادرة أحدد هل أجرى يمينا أم شمالا، كل ما كنت أتذكره هو عشرات الأيادى من الشباب التى تخترق ملابسى، وتمسك بمناطق فى جسدى بكل وحشية لدرجة أنهم استخدموا سلاحا أبيض «مطواه» لاستكمال تمزيق ملابسى، ما أصابنى بجروح فى قدمى وظهرى وبطنى، وعندما وجدوا أثار دماء كثيرة على ملابسى، تركونى، بينما كان بعضهم يدعى أنه يحاول إنقاذى مرددا آيات قرآنية، وبعض الأذكار، رغم أنهم كانوا مع المعتدين منذ البداية، لدرجة جعلتنى لا أستطيع التمييز بين من يتدخل لإنقاذى ومن يتدخل لينال نصيبه منى.

إصرار المتحرشين على اغتصاب الضحية

«ريهام جلال»، إحدى الفتيات اللاتى تعرضن للتحرش والاغتصاب فى الميدان، تروى ما حدث لها قائلة، لم تكن والدتى راضية عن نزولى منذ البداية، لذلك صممت على أن تنزل معى، على أمل أن ذلك سيحمينى، وبالفعل نزلنا معا، فى المسيرة النسائية التى تضم شيوخا من الأزهر، وبعض الشخصيات العامة المعروفة مثل عزة بلبع ونور الهدى زكى، وغيرهم من المشاهير، وكالعادة تطوع عدد من الشباب لحماية هذه المسيرة، بأن يلتفوا حولها مشكلين دروعا بشرية، ولكن بمجرد دخول الميدان بدأ التجمهر والصراع على موضع لقدم واحد، وفى لحظة بدأ إطلاق قنابل الغاز، اختفى الشيوخ تماما، وبدأ ماراثون التحرش الوحشى، ولا أحد كان يعلم من يتحرش بمن، كل ما رأيته وقتها هو تدافع وتفرق جميع من كانوا فى المسيرة، خصوصا الرجال، الذين اختفوا تماما، ولم يبق سوى السيدات وسط المتحرشين، وضعهم كان أشبه بالغرقى وسط بحر مظلم، صراخ وبكاء متوالٍ، وحولنا شباب، أكره أن أطلق عليهم «شباب»، فقد كانوا فى حالة غير طبيعية بعضهم يعرف زملاءه جيدا، وينادون أنفسهم بأسمائهم، وآخرون لا يعرفون بعضهم، وجميعهم تتراوح أعمارهم بين 15 و 25 سنة، لكنهم كانوا مصرين على أن يحرضوا بعضهم البعض على تمزيق الملابس، فلم يكن التحرش وقتها مثل الذى تعرفه كل فتاة أو تعرضت له فى الأوقات العادية بالشوارع، بل كان هناك إصرار على تجريد الفتيات والنساء من ملابسهن، وبينما هم كذلك كانوا يضحكون ويتندرون، حيث لم تكن حالات التحرش فردية، بل الفتيات كن يتعرضن لموجات التحرش وهن فى مجموعات تصل إلى 10 فتيات يتم التحرش بهن فى وقت واحد.

صراع على انتهاك الشرف

لم تكن هذه الشهادات لكل المنتهكات فى الميدان،حيث بادرت بعض المؤسسات إلى بحث ودراسة الموضوع، ولجأت إلى جمع شهادات من بعض الحالات الأخرى، فقد رصدت «مؤسسة نظرة للدراسات النسوية» عددا من حالات الاغتصاب والتحرش الجنسى بالميادين، ومنها حالة الفتاة «يمنى» التى روت ما تعرضت له قائلة: كنت مع إحدى صديقاتى، فى ميدان التحرير، بالقرب من قصر العينى، وتعاملت قوات الشرطة بإطلاق الغاز فى نفس الوقت الذى تواجدت فيه مع المتظاهرين، فى شارع سيمون بوليفار، وكنت أنا وصديقتى عادة لا نتحرك فى أوقات الضرب من أماكننا بل نقف ونقول «ثابت» «ثابت»، ولكننا مع تدفق الفارين من الغاز، بدأنا فى الجرى، وفى لحظة ما وجدنا أنفسنا بين قوات الأمن من جانب، والمتحرشين من جانب آخر، حيث هجم علينا مجموعة من الشباب ظهروا فجأة، وبدأوا يمزقون ملابسنا، إلى أن شاهدنا أحد أصدقائنا، فاقترب منا لإنقاذنا، لكنه لم يفلح فى نجدتنا، حيث هجموا عليه وأمسكوا به، وخنقوه بالكوفيه التى كان يرتديها، وأثناء ذلك كله كنا نحاول المقاومة لكن أيدى المجرمين مزقت الملابس التى نرتديها، وسرقوا منا المحافظ وأجهزة المحمول، وقتها كانت صديقتى ملقاة على الأرض، وكذلك الصديق الذى حاول إنقاذنا، ثم هرب المهاجمون عندما اقتربت مجموعات أخرى نحوهم، بعدها بدأنا فى الجرى والفرار من الجميع عائدين إلى ميدان التحرير، لكن وجدنا أنفسنا وسط أعداد أخرى كبيرة من المتحرشين المهاجمين، وعند مدخل شارع «محمد محمود» انفصلت عن صديقتى التى غابت عن عينى وسط الحشود، وأخذت الجموع تدفعنى وأنا أحاول المقاومة ولا أستطيع التمييز بين من يحاول أن ينقذنى أو يحاول أن ينتهكنى.
فى لحظات قليلة تمزقت ملابسى تماما فى زحام المهاجمين الذين أمسكوا بكل جزء فى جسمى بلا استثناء، فأخذت أصرخ وأحاول الوصول إلى الحائط، وكنت أرى على الناحية الثانية شبابا يقفون على شىء مرتفع وينظرون ويضحكون، وشبابا آخرىن وهم المتحرشون يرددون بعض الكلمات الجارحة التى يندى لها الجبين، وأخذت أبعد المهاجمين وجلست على الأرض التى كانت مشبعة بالمياه حتى أحمى أجزاء جسدى الحساسة، وكانت هناك سيارة تقترب ببطء وسط زحام الناس، وكادت تدهسنى لدرجة أن العجلات داست على شعرى وأنا ملقاة على الأرض، قبل أن تتراجع السيارة للخلف، ويحاول من بالسيارة أن يدخلونى فيها، لكنهم لم ينجحوا سوى فى إدخال رأسى فقط من الشباك، بسبب الجذب الذى يقوم به المغتصبون، ووضعونى فوق «كبّوت» السيارة، وكان هناك أربعة يثبتوننى على الكبوت بينما يشارك الجميع فى انتهاكى، تحركت السيارة ونحن على هذا النحو فى محاولة للخروج وسط المتجمهرين، وكلما اقترب الناس كان من فى السيارة يصرخون فى وجههم «دى على بطنها قنبلة»، حتى يخاف المارة منى ولا يحاولون إنقاذى، إلى أن وصلت السيارة إلى عابدين حيث اقتربت فجأة سيدة ومعها رجال يحملون «شوم» وبدأوا فى محاولة إبعاد المتجمهرين، وألقوا فوقى ملاءة وجلبابا لكنى لم أستطع تحريك جسمى أو إبعاد الذين مازالوا يمسكون بي، إلى أن استطاعت السيدة ومن معها أن يمسكوا بى، وحاولوا إدخالى «محل صغير» كان بابه مغلقا، حيث أخذوا يدقون على الأبواب وينادون على صاحب المحل إلى أن استجاب أخيرا، وفتح الباب، دخلنا وهناك استطعت أخيرا ارتداء الملاءة والجلباب، لكن المتجمهرين ظلوا يحاصرون باب المحل ليستعيدونى مرة أخرى، ليواصلوا انتهاكى، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

اغتصاب كامل

محمد عطية، سائق إحدى سيارات الإسعاف، وشاهد عيان على إحدى حالات التحرش التى حدثت أخيرا، على كوبرى قصر النيل، يروى شهادته ل«الصباح» قائلا: بعض المارة استنجدوا بى لإنقاذ سيدة فى حالة إغماء على كوبرى قصر النيل، على أثر تعرضها لاستنشاق كميات كبيرة من الغاز، وبمجرد أن سقطت انهال عليها عدد من الشباب بحجة إفاقتها، إلا أنهم فى الحقيقة كانوا يتحرشون بها، بل وصل الأمر إلى اغتصابها كليا، إلى أن تمكنت الإسعاف من إنقاذها ونقلها إلى مستشفى المنيرة فى حالة إعياء شديد.

ظاهرة سياسية وليست اجتماعية

علماء الدين والاجتماع فى تحليلهم للظاهرة الجديدة لم يتعاملوا معها كظاهرة أخلاقية حيث أجمعوا على أنها تتجاوز الظاهرة الاجتماعية لتصبح ظاهرة سياسية وأسلوبا لقهر المعارضين.

يقول الشيخ أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة: «قال النبى صلى عليه وسلم إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام»، وقال الله سبحانه وتعالى «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة».. وهذه النصوص وما يماثلها دلت على حرمة الإنسان على الإنسان وحفظ الأعراض واجب فى الشريعة من جهة الحاكم والمحكومين، فالحاكم مسئول عن توفير الأمن وصيانة أعراض المجتمع لأن حماية العرض لا تقل عن حماية الدم والمال، أما المحكومون فلابد أن يفقهوا أن الأعراض لا فرق بينها ولا تمايز فعرض المسلمة كغير المسلمة سواء بسواء والتحرش الجنسى يعد مقدمة من مقدمات الفاحشة.

ويضيف الشيخ أحمد كريمة: لقد حذر الله تعالى من تجاوز الحدود بقوله «تلك حدود الله فلا تعتدوها» وحرم الله الزنى علينا فى مقولته «ولا تقربوا الزنى» فهذه التصرفات لا تليق بمجتمع فيه الدين أيا كان نوعه إسلاميا أو مسيحيا، والتعلل بنسائهم حلال لنا «كان فى الماضى أثناء الحروب فى حالات سبى النساء فى المعارك بضوابط شرعية، ومن قال ذلك فهو يتعامى ويتغابى على الشرع المطهر، ويجب إنزال عقوبات رادعة لأن الإنسان لو فقد الحفاظ على عرضه فى هذا المجتمع، فعلى الدنيا السلامة، وعليه فيعاقب المتسبب والمباشر».

ومن جانبها ترى جورجيت قللينى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: «إن ما حدث من تعدٍ وتحرش فى الأحداث الأخيرة هو وسيلة وليس غاية، بهدف كسر التيار المدنى، مؤكدة أن المقصود هو شق صف المتظاهرين، بعد أن أصبح بنيانه قويا، يصعب التصدى له، حيث حاولوا من قبل التفرقة بين الأقباط والمسلمين فى عدة معارك، وعندما لم تفلح هذه الوسيلة، لجأوا إلى تفرقة من نوع آخر، وهو تفرقة الرجال والسيدات، وبما أن النساء هن الأضعف، فقرروا ضربهم فى أعز ما يمتلكن، وفى أكثر الأشياء التى من شأنها أن تخيف أى زب أو أخ ، فيمنعوا بناتهم من النزول خشية أن يحدث لهن ما يحدث لباقى البنات، ومن يفعل ذلك هم أصحاب المصلحة فى عدم النزول، والذين لا يريدون أن ينزل الشعب ليعارضهم مهما حدث».

وتضيف قللينى: «هذا فى تصورى مجرد انتقام، فالاعتداء والعنف كان بآلات حادة، ما يؤكد وجود نزعة انتقامية، ولم تكن شهوة كما اعتدنا من قبل فى حالات التحرش المختلفة، ومن المفروض أن يفتح باب التحقيق فى هذا الفعل، وأن تتقدم جميع الفتيات ببلاغات رسمية لإثبات حقهن المسلوب».

فيما تقول عبلة إبراهيم، رئيس قطاع إدارة الأسرة والمرأة والطفولة بجامعة الدول العربية سابقا: «أشك تماما فيما حدث، وأعتقد أن هذا لا يمكن أن يحدث من مصريين، ولكن هذا نتاج ما زرعه النظام السابق، حيث عمد تقسيم قوى الشعب إلى قبائل، فهناك الكثيرون من أصحاب المصالح الذين لهم غرض فيما يحدث من فوضى، أولهم بقايا نظام مبارك، كذلك الإخوان الذين يريدون تشويه ثوار التحرير، فهم نسخة مصغرة من نظام مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.