تناول كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم اليوم الجمعة عددا من القضايا المهمة. ففي مقالة "هوامش حرة" بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب فاروق جويدة "إن ما يتردد الآن حول الصكوك الإسلامية التي تنوي الحكومة إصدارها.. وبعد أن رفض مجمع البحوث الإسلامية الفكرة، بدأ تشكيل لجنة من المشايخ ودار الإفتاء وكأن هناك مؤامرة للوقيعة بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء وهذا سلوك لا يليق مما جعل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب يؤكد رفضه الكامل لهذا المشروع الذي يهدد أصول الدولة وممتلكات الشعب ورغم هذا بدأ الحديث مرة أخري عن إصدار الصكوك بدون صفتها الإسلامية وهو الأمر الذي أثار كثيرا من التساؤلات". وأوضح الكاتب أن الأفكار التي يطرحها البعض دون دراسة أو تفكير ويلقي بها إلى الحكومة أو مجلس الشورى تحتاج إلى أكثر من وقفة لأكثر من سبب: أنها تخلط بين الدين والسياسة في أشياء ينبغي تركها للمتخصصين من الخبراء في شئون الاقتصاد والاستثمار والإدارة وينبغي ألا نترك مثل هذه القضايا لمشايخنا الأفاضل لأنها بعيدة تماما عن اختصاصاتهم وخاصة إذا كان الأزهر الشريف قد رفضها شكلا وموضوعا. وأشار جويدة إلى أنه لا يجد مبررا للسرعة في مثل هذه الأمور سواء في الحكومة أو مجلس الشورى لأن مثل هذه القضايا يمكن أن تترتب عليه نتائج في غاية الخطورة على المستوى الاقتصادي ومصر لا ينقصها المزيد من الأزمات. وتابع " رغم التعديل الوزاري الأخير مازالت الحكومة بلا مجموعة اقتصادية متخصصة وهذا بكل تأكيد يترك فراغا شديدا في السياسة الاقتصادية ويفتح الأبواب أمام اجتهادات كثيرة من أطراف عدة على المستوى السياسي والديني والمطلوب أن نترك القرار لأصحاب الاختصاص لأنهم الأقدر على إدارة شئون هذا الوطن. وفي عموده "بدون تردد" في صحيفة "الأخبار" قال الكاتب محمد بركات إن: " الكوارث التي تعرضنا لها خلال الأيام القليلة الماضية ابتداء من مأساة قطار البدرشين، ثم حادث مزلقان أرض اللواء، وانتهاء بانهيار عمارة الإسكندرية، هي الترجمة المباشرة والصحيحة لتفشي، وانتشار، وشيوع فكر وثقافة العشوائية، والإهمال، والتسيب والانفلات الذي ساد حياتنا وأصبح سمة أساسية للسلوك والأداء في جميع مناحي حياتنا العامة والخاصة، للأسف الشديد". وأضاف الكاتب، أن " هذه هي الحقيقة المرة، التي يجب أن نعترف بها ونواجهها، إذا ما أردنا أن ننقذ أنفسنا ووطننا مما نتعرض له من كوارث ومآس، في جميع قطاعات ومؤسسات الخدمات والانتاج في الدولة، والتي وصلت لحالة من التدهور تنذر بالخطر الشديد، بعد أن انعكست بآثارها السلبية على الحالة الاقتصادية العامة للدولة. وأوضح بركات " في جريمة قطار البدرشين نرى إهمالا واضحا، وتسيبا مؤكدا في الرقابة والمتابعة، داخل هيئة السكك الحديدية، بما يسمح بخروج قطار من محطة البدء في المنيا متجها إلى القاهرة بمسافة تزيد عن خمسمائة كيلو متر، وهو لا يصلح للسير بأمان مسافة تصل إلي بضع كيلو مترات، وهو ما يعد جريمة قتل لكل الركاب، أو على الأقل جريمة الشروع في القتل نتيجة الإهمال الجسيم الذي أصبح سلاحا فتاكا للقضاء على الركاب. وتابع قائلا: " أما انهيار عمارة الإسكندرية، وحادثة مزلقان أرض اللواء فالإهمال والتسيب واضحان، حيث أقيمت العمارة دون ترخيص وصدر لها أكثر من قرار بالإزالة، ولكن لم يتم تنفيذ هذه القرارات في ظل العشوائية والانفلات والتسيب الذي ضرب كل جوانب حياتنا خلال الفترة الأخيرة، وكذلك أيضا في واقعة المزلقان، هناك خلل وعشوائية وانفلات في سلوك سائق التاكسي الذي أصر على عبور المزلقان في الاتجاه المعاكس رغم قدوم القطار، ثم ترك سيارته على القضبان وقفز منها تاركا الركاب لمصيرهم المحتوم". واختتم الكاتب مقاله بالقول " يا سادة.. لابد أن نعلن الحرب على الإهمال والتسيب والفوضى والعشوائية وغيبة القانون إذا ما أردنا أن تقوم لنا قائمة. وفي مقاله (وجهة نظر) بجريدة (المصري اليوم)، أعرب الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة " عن عدم ارتياحه شخصيا تجاه اللقاء الذي تم بالقاهرة صباح الأربعاء الماضي بين رموز من "جبهة الإنقاذ" المصرية المعارضة، والمرشح السابق للرئاسة الامريكية السيناتور جون ماكين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، موضحا أن السبب وراء شعوره بعدم الارتياح يرجع إلى أمرين رئيسيين، الأول: يتعلق بشخصية الضيف الزائر، والثاني: يتعلق بتوقيت اللقاء. وقال الدكتور نافعة إن " اللقاء الذي جمع ماكين بالمعارضة المصرية يأتي في توقيت شديد الحساسية، وعلى خلفية أزمة سياسية عميقة تغرى قوى إقليمية ودولية بالتدخل في الشأن المصري، وهو ما يفرض على جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية، حكومة ومعارضة، أن تكون شديدة الحرص على ألا تتيح لأى من القوى الخارجية المتربصة بمصر أدنى فرصة للتدخل في شئونها الداخلية.. غير أنني لا أستطيع، مع ذلك، أن أذهب إلى ما ذهب إليه البعض حين وصف لقاء بعض رموز المعارضة مع ماكين بأنه "استقواء بالخارج". وأشار الكاتب إلى تفهمه دوافع جون ماكين للقاء رموز من المعارضة المصرية.. غير أنه لا يستطيع تفهم دوافع المعارضة المصرية من اللقاء مع شخصية يمينية أمريكية متطرفة إلى هذا الحد ولا يعنيها في كثير أو قليل مستقبل الديمقراطية في مصر إلا بقدر ما هو ضروري للمحافظة على المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة. وحتى بافتراض أن هناك ما تحرص المعارضة المصرية على توضيحه للسيناتور الأمريكي، إلا أنني لم أستطع أن أفهم لماذا لم يتم هذا اللقاء مرة واحدة في حضور كل من رغب، ولم كان الحرص على إجراء لقاء منفرد مع الدكتور البرادعي ومع السيد عمرو موسى، كل على حدة، خصوصا أنهما يشاركان معا في "جبهة الإنقاذ". وأعرب نافعة عن أمله ألا يحاول النظام الحاكم استغلال هذا اللقاء وتوظيفه كأداة دعائية لتبرير رفضه المحتمل لرقابة فعالة من جانب المجتمع المدني الدولي على الانتخابات البرلمانية، بحجة الحرص على السيادة ورفض التدخل في شئون مصر الداخلية، أو لتشويه المعارضة وتصويرها بمن يحاول "الاستقواء" بالخارج. وفي عموده (مرور الكرام) بصحيفة "الشروق" استغرب وائل قنديل أن يختار أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق هذا التوقيت بالذات لكي يطل بمذكراته في اللحظة التي تستعد فيها مصر لاستقبال الذكرى الثانية لثورتها التي قامت ضد نظام كان أبو الغيط أحد أذرعه الطائشة. وأضاف الكاتب "لكن الأغرب هو هذا الاحتفاء الإعلامي والاحتفال المجتمعي بها، وإن كان لا ينفصل عن سياق جديد سمح لفلول مبارك بالحضور نكاية في نظام الحكم الحالي". وتابع قنديل قائلا: " غير أنه في وقت صار فيه أحمد شفيق يتحدث عن الثورة وباسمها لم يكن غريبا أن يعود أبو الغيط إلى فاترينات الكلام، بالطريقة ذاتها التي تسرب بها أعداء الثورة إلى ميادينها نهارا جهارا". وأوضح أنه لو تابعت ما يصدر عن معسكري السلطة والمعارضة على السواء من مغازلات وعبارات تدليل لبقايا النظام الساقط بمناسبة مولد الانتخابات ، ستصبح الدهشة من طرح أبو الغيط مذكراته في أسبوع ذكرى الثورة عملا مدهشا وغريبا.. دهشة من الدهشة على طريقة جنرال دبي "ثورة على الثورة". وأشار قنديل إلى أن السؤال هنا: هل كان أبو الغيط يقدم على نشر مذكراته قبل عام مضى؟ بالتأكيد لا.. ذلك أن المناخ الثوري قبل سنة لم يكن قد صار قابلا للتشبع بأبخرة الفلول وغازاتها على غرار ما نراه الآن.. بل إن أحدا من هذه الوجوه لم يكن ليجرؤ على الظهور على الشاشات وفي حفلات المجتمع الفوقي.