الكوارث التي تعرضنا لها خلال الأيام القليلة الماضية ابتداء من مأساة قطار البدرشين، ثم حادث مزلقان أرض اللواء، وانتهاء بانهيار عمارة الإسكندرية، هي الترجمة المباشرة والصحيحة لتفشي، وانتشار، وشيوع فكر وثقافة العشوائية، والاهمال، والتسيب والانفلات الذي ساد حياتنا واصبح سمة أساسية للسلوك والأداء في جميع مناحي حياتنا العامة والخاصة، للأسف الشديد. هذه هي الحقيقة المرة، التي يجب ان نعترف بها ونواجهها، إذا ما أردنا ان ننقذ أنفسنا ووطننا مما نتعرض له من كوارث ومأس، في جميع قطاعات ومؤسسات الخدمات والانتاج في الدولة، والتي وصلت إلي حالة من التدهور تنذر بالخطر الشديد، بعد ان انعكست بآثار السلبية علي الحالة الاقتصادية العامة للدولة. ففي جريمة قطار البدرشين نري اهمالا واضحا، وتسيبا مؤكدا في الرقابة والمتابعة، داخل هيئة السكك الحديدية، بما يسمح بخروج قطار من محطة البدء في المنيا متجها إلي القاهرة بمسافة تزيد عن خمسمائة كيلو متر، وهو لا يصلح للسير بأمان مسافة تصل إلي بضع كيلو مترات، وهو ما يعد جريمة قتل لكل الركاب، أو علي الأقل جريمة الشروع في القتل نتيجة الاهمال الجسيم الذي أصبح سلاحا فتاكا للقضاء علي الركاب. أما انهيار عمارة الإسكندرية، وحادثة مزلقان أرض اللواء فالاهمال والتسيب واضحان، حيث اقيمت العمارة دون ترخيص وصدر لها أكثر من قرار بالإزالة، ولكن لم يتم تنفيذ هذه القرارات في ظل العشوائية والانفلات والتسيب الذي ضرب كل جوانب حياتنا خلال الفترة الأخيرة، وكذلك أيضا في واقعة المزلقان، هناك خلل وعشوائية وانفلات في سلوك سائق التاكسي الذي أصر علي عبور المزلقان في الاتجاه المعاكس رغم قدوم القطار، ثم ترك سيارته علي القضبان وقفز منها تاركا الركاب لمصيرهم المحتوم. يا سادة.. لابد ان نعلن الحرب علي الاهمال والتسيب والفوضي والعشوائية وغيبة القانون إذا ما أردنا ان تقوم لنا قائمة،...، اللهم قد ابلغت اللهم فاشهد.