ذات يوم توقف مارد القارورة عن طاعة سيده وتنفيذ رغباته وأمنياته الجامحة، فثار عليه سيده وقال له: كيف تجرؤ على عصيانى بعد تحريرك من تلك القارورة المظلمة؟! فرد عليه المارد بصوت ضعيف منهك: لقد تعبت يا سيدى من تحقيق كل ما تصبو إليه وتلبية مطالبك البعيدة المنال، فأنا أطير شرقا وغربا، شمالا وجنوبا لتحويل سرابك إلى واقع وجنونك إلى حقيقة وتبديل ضعفك إلى قوة، فلا أجد وقتا للراحة والتأمل أو حتى لالتقاط أنفاسى، وكلما أخلصت فى خدمتك وازدادت طاعتى لك ازدادت رغباتك طمعا وازدادت طموحاتك جشعا، فلا تتوقف عن طلب المزيد والمزيد حتى لو كان ملكا لغيرك. رد السيد مستنكرا: أهذا رد الجميل يا ناكر الجميل وأنا الذى أهديتك حريتك بعد 30 ألف عام من الغفلة؟. ضحك المارد وقال: عن أى حرية تتكلم ؟ فأنا أناديك يا سيدى وردى دائما عليك «شبيك لبيك عبدك وملك إيديك»، فأنا أهب لخدمتك وأنت فى قصرك الضخم، وأسرع فى التلبية بمجرد أن أسمع صوتك الغليظ، والآن أمامك يا سيدى أعترف بأننى أخطأت عندما تمنيت طوال 30 ألف سنة أن ينقذنى أحدكم من الأسر، أخطأت عندما حلمت بالخروج إلى ذلك العالم المضىء وتوهمت بأننى سأرى نور الصباح وأستمتع بشعاع الشمس فأغزله رداء، وفى الليل أسبح فى سماء حالمة على ضوء قمرها الحانى ونجومها المحبة.
(تترقرق الدموع فى عينىّ المارد) ويقول: «لكن أين أنا من كل ما تمنيت وحلمت به؟ فأنا مازلت عبدا لا يستطيع التعبير عن نفسه أو حتى التنفس بعيدا عن قيدك الدامى.. أعلنها يا سيدى بصوت لا يقوى حتى على التنهد بأننى خرجت من قارورتى الضيقة فدخلت قارورة أكبر صنعتها أنت لى، لكنها لا تسعنى بل تخنق أحلامى البسيطة وتكسر كبريائى والآن أركع لك وأتوسل إليك إما أن تمنحنى حرية بلا قيد ولا شرط أو تغلق قارورتى الضيقة على جسدى مرة أخرى، وأقسم هذه المرة بألا أدعو أن يجد القارورة من يساعدنى على الخروج منها بل سأدعو بألا أتحرر منها أبدا.
يا ترى هل سيحقق السيد حلم المارد الوحيد بالحرية الكاملة غير المشروطة أم يبقى محض حلم يسخر منه سيده الجديد؟؟؟