تعيين محررة «الصباح» بمعمل الوراق.. المصدر الرئيسى لتزويد «عربات الكبدة» بساندويتش «الغلابة» تقرير الصحة: اللحوم غير صالحة للاستهلاك بسبب تغير خواصها ووجود سوائل انفصالية بها معامل التصنيع.. لحوم كريهة الرائحة و«أوانى» معدنية قذرة و«جيوش» من الحشرات.. ودهون وأمعاء غليظة وبقايا جلود فنادق راقية ومطاعم 5 نجوم تقدم لروادها «شرائح القتل» بأسعار سياحية.. وقائمة العشاء.. نافق وفاسد ومسمم ومنتهى الصلاحية.. والألوان الصناعية «مسرطنة»
هَرعَت مضطربة النفس إلى مستشفى قصر العينى تبحث عن الطبيب وهو يفحص الجسد النحيل الملقى على السرير المغطى بالملاءة البيضاء.. وتساءلت بصوت مهزوم: «ابنى عايش يا دكتور مش كده؟.. دا لسه ما دخلش دنيا! دا ما أكلش طول النهار غير ساندويتش كفتة من عربية جارنا». وضع الطبيب سماعته على قلب «صابر»، ثم طأطأ رأسه وقال فى أسى: «البقاء لله»، ومن ثم أخذ يدون فى دفتر ملاحظات الحالة. سبب الوفاة: تسمم غذائى. نظر بعدها إلى ممرض عملاق، فأومأ برأسه، وبدأ ينفذ مهمته التى يتقنها، وقام بنقل الجثة إلى مشرحة المستشفى لينضم إلى الذين قضوا نحبهم. السرير لمريض آخر، أو جثة أخرى ساقها قدرها إلى بائع ساندويتشات، يقف على ناصية طريق فى حارة شعبية، يقبل عليه البسطاء لرخص ثمن بضاعته. «صابر» هو أحد من أصيبوا بحالة تسمم غذائى، كما هو مدون فى تقرير الطبيب المعالج بقصر العينى، والذى أكد أن الوفاة حدثت نتيجة تناول وجبة «سجق وكفتة» من إحدى العربات الموجودة بحى الوراق، مشيرا إلى انتشار هذه العربات فى جميع أحياء الجمهورية، وتسبب العديد من الأمراض أبسطها التسمم والسرطان، وتصل نسبة الإصابة إلى 120 ألف حالة سنويا، طبقًا لإحصاء المعهد القومى للسرطان فى مصر. مأساة صابر وأمه، كانت هى المحرك الأساسى، لهذا التحقيق الاستقصائى، الذى أجرته «الصباح» لتتبع ومعرفة أسباب التسمم والأوبئة والتلوث الذى يتناوله المصريون كل يوم، غير أن المفاجأة كانت اكتشاف بؤر «تجارة الموت» التى تغتال حياة البسطاء بسبب الفيروسات المنتشرة فى اللحوم. الأمر لا يقتصر على اللحوم الفاسدة، والنافقة أو مجهولة المصدر، والتى يعاد تصنيعها، لكن ما خفى أعظم وأخطر، فهناك مُكسبات الطعم واللون، وغيرها من المواد الكيميائية، التى تضاف لتغيير رائحتها ولونها. تقارير مباحث التموين، ترصد حجم الكارثة، إذ ضبطت الأجهزة الرقابية أكثر من 616 طنا من اللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية والمكشوفة والمذبوحة خارج المجازر الحكومية خلال الفترة من بداية يناير 2012 حتى 21 أكتوبر الماضى. استغرق العمل فى هذا التحقيق «شهرين» من العمل المتواصل، ونجحت «الصباح» خلاله فى اختراق العديد من مصانع «بير السلم»، التى تعمل فى مجال تصنيع منتجات اللحوم كالسجق والكفتة والبرجر والكبدة والبسطرمة والهوت دوج والشيش طاووك، فى محافظات القاهرةوالجيزةوالقليوبية. وزارت «الصباح» عددا من المحال الشهيرة «الفاخرة» ذائعة الصيت، ومطعم للحمة الرأس يعد الأشهر بالقاهرة. مفاجآت كارثية تمكنت «الصباح» من كشفها، بعد صفقة مع أحد الموردين إلى أشهر فنادق مصر، ويدعى «س. ح» بشارع «زنين» بمنطقة كوبرى الخشب بحى الدقى، ونجح التحقيق فى تتبع السلع الفاسدة حتى وصولها إلى عربات الكبدة، ومن ثم إلى فم من أجبره الفقر على تناول «الموت» بيديه. مهمة صعبة.. عربات الكبدة المنتشرة فى كل شوارع وأزقة مصر كانت طرف الخيط الأول، الذى بدأنا من عنده لنصل إلى أباطرة اللحوم الفاسدة ومصانعهم «الملعونة»، بعد بحث مضن عن مصدر اللحوم، تم رصد خروج كميات كبيرة من اللحوم من منطقة الوراق بمحافظة الجيزة، من بين عدة مناطق أخرى، وبالفعل تم البدء فى الاستقصاء. العمل على عربة كبدة والتقرب من «نورا» لإدخالنا إلى عالم «الباعة الجائلين» كان الحل الوحيد للوصول إلى مصانع الظلام، حيث يتم تصنيع اللحوم، واشترطت نورا لمساعدة «محررة الصباح» فى الحصول على وظيفة عاملة بأحد المصانع، أن تقتطع منها نصف أجرها لمدة أسبوع. كما لم تنس التأكيد على أهم شروط العمل، بما تشمله من غض البصر، وعدم استراق السمع، أو التحدث مع الغير عن طبيعة عملنا، وإلا كانت العواقب وخيمة. عربة الكبدة.. عربة عم «محمد» الذى يبيع إلى جانب الكبدة، الكفتة والممبار والسجق، ويقف أمامه عشرات الأشخاص فى انتظار دورهم للحصول على رغيف أو اثنين. هنا تمتد يد الموت، لتحصد الأرواح.. من يد بائع الموت الذى لم يكن أفضل حالا من الواقفين أمامه.. صاحب العربة يطهو بكل حماس السجق الملفوف، الذى تدلى حبالا يزينها من الخارج، فى صينية سوداء محترقة واسعة، أسفلها شعلة نار، وأسفل العربة صندوق به كمية من الكبدة والكفتة، تتسابق على التهامها قبل البشر «الحشرات الزاحفة والطائرة». بدأ يومى الأول فى العمل.. أسعار الساندويتشات رخيصة، قياسا بالأسعار فى محلات الجزارين، ولا يبلغ سعر الرغيف إلى 75 قرشا، أما بالنسبة عن الخامات المستخدمة، من كفتة فتأتى فى أكياس مربوطة بعشوائية «لها خلطة خاصة بتجيب الزبون يجرى».. هكذا وصفها صاحب العربة، وهى خلطة مُخزنة فى برطمانات، تتكون من ثوم وتوابل وملح بارود وفلفل أحمر وكمون وفلفل أسود وتوابل أخرى، على مقربة من العربة وقف طفل يقطع الخضار والطماطم بيدٍ بينما يمسح وجهه وأنفه باليد الأخرى بأطراف ثيابه. محمد نبيل، الشهير ب«محمد كبدة» صاحب العربة أكد أن منتجى اللحوم من أفضل أصدقائه ومنهم أصحاب مصنع «ر. ف»، الذين يوردون له الكيلوجرام الواحد من الكبدة 12 جنيها، و40 جنيها ل«لفة السجق» التى يصل وزنها إلى 5 كيلوجرامات، وتراوحت باقى الأسعار ما بين 8 و15 جنيها، وبالاستعلام عن المصنع المذكور تبين أنه غير مسجل بوزارة الصحة. وكانت تلك الخطوة الحقيقية للوصول لمصانع «بير السلم» المنتجة للكفتة بمنطقة الوراق بالاتفاق مع «نورا» التى قدمت لصاحب المصنع «محررة الصباح» كعاملة جديدة موثوق بها وبنت «كار» وبعد أسئلة عدة وافق على العمل وطالبنى بالحضور صباحا لاستلام العمل. مصنع الوراق.. فى الرابعة صباحا وصلت سيارة نصف نقل أقلتنى مع عدد من الفتيات لمكان العمل الذى وصلناه بعد دقائق معدودة، ويقع المصنع فى شارع طويل متفرع من شارع الغاز بمنطقة الوراق. دخلنا المصنع المكون من جراج كبير ذى بلاط متسخ، وعلى جانبيه وضعت مفرمة لحم، أسفلها إناء من الألومونيوم «طشت»، لاستقبال ما يخرج منها، و«صاروخ» لصنع «السجق». وفى الجهة المقابلة كان هناك «بانيو» لوضع اللحوم قبل فرمها، وفى زاوية خشبية متسخة، كانت هناك كمية من «الأجولة» والكراتين تحشر بها لحوم غريبة الشكل كريهة الرائحة، لا تكاد تحرك أحدها حتى تنتشر أمامك حشرات سوداء أشبه ما تكون بالصراصير، لكنها ليست صراصير إذ تتسم بصغر حجمها ولونها «الغامق» لكنه ليس أسود. وتمثل عملى فى إفراغ ما بداخل «الأجولة» من دهون ولحوم سوداء، وأمعاء حيوانات دقيقة وغليظة، وبقايا جلود وأختام، تفوح منها رائحة كريهة، تمتزج برائحة هواء مكتوم، نتيجة عدم وجود نوافذ بالجراج، تكاد تصيب الجميع بالاختناق، وتنسيق ما بها من لحوم مختلفة من حيث المصدر والسعر والحالة. أسعار اللحوم الموردة للمصنع كانت عبارة عن 150 جنيها للحيوان النافق كاملا، و«ربش» اللحوم المجمعة من الجزارين، ثلاثة جنيهات للكيلو، وخمسة جنيهات للحوم أخرى سوداء مستوردة ومنتهية الصلاحية، ويتم خلط كل هذه اللحوم مع بعضها بحيث يتم وضع كيلو لحم صافى «أسود اللون تغيرت رائحته وملمسه» مع كل 5 كيلوجرامات «ربش لحوم» على ما سبق ذكره، ويضاف لها كمية كبيرة من البهارات والتوابل للقضاء على رائحتها الكريهة و«ملح البارود بنسبة كبيرة» وهى المواد التى ثبت تسببها فى أورام سرطانية، إضافة إلى ألوان صناعية حمراء لإكساب اللحوم لونا أشبه باللحوم الطبيعية، وهى الألوان التى ثبت بتحليلها عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمى، ومخالفتها للقانون 10 لسنة 66 الخاص باستعمال صبغات وألوان غير مصرح باستعمالها بمرسوم الألوان والقرار 411 لسنة 97. العمل فى المصنع يتم دون إتباع أى إجراءات للنظافة، ويستخدم خلال عملية الفرم جاروف «أعمال البناء» بحيث يتم وضع خليط اللحوم به فى «المفرمة» لتخرج من الجهة المقابلة وقد امتزجت ببعضها لتصبح كما لو كانت صنعت من لحوم طازجة، بعد خلطها بالبهارات والألوان الصناعية. صناعة السجق تتم عن طريق آلة أخرى يطلق عليها «الصاروخ»، يتم وضع الخلطة من جهة لينزل فى الجهة المقابلة فيما يسمى ب«الهنك»، وهو شريط طويل يتم صنعه من أمعاء الحيوانات وفى بعض الأحيان من مواد صناعية أسعاره تتراوح بين 5 و 6 جنيهات للكيلو، ويبلغ طوله من 10 إلى 15 مترا، يربط بعدها ليعطينا الشكل النهائى للسجق. التعبئة.. مع انتهاء عملية التصنيع ينتقل العمال لعملية تعبئة منتجات اللحوم، والتى تتم فى عبوات مقلدة لمصانع كبرى منها «ثرى شفس»، و«حلال»، أو يتم الاكتفاء بوضع أسماء غير مشهورة على الأكياس أو تحريف لأسماء أصلية، لإيهام المستهلكين أنها منتجات تابعة لشركات غذائية كبرى، فيما ترفض بعض المصانع تقليد علامات مشهورة، وتكتفى بوضع المنتجات فى أكياس بيضاء دون تدوين أية بيانات عليها، وتتم كتابة تاريخ إنتاج ومدة صلاحية وهميين على العبوات. ويستمر العمل حتى نفاذ الكمية المخصصة للعمل فى اليوم أو الوصول إلى الحادية عشرة صباحا، غير أن هناك بعض المصانع التى تفضل العمل ليلًا. فى الرابعة صباحًا تصل العربات المحملة بأجولة بلاستيكية مليئة «بربش اللحوم النافقة وبواقى المستورد أسود اللون كريه الرائحة»، وحينها يتكاتف الجميع فى إنزال الشحنة، واستبدالها بما تم تعبئته اليوم السابق، وهكذا تخرج أطنان يوميا من لحوم فاسدة يأكلها الفقراء. مصنع «الوراق» أكبر المصانع من حيث الإنتاج وعدد العاملين به، حيث تخرج يوميا مئات الأكياس حاملة المنتجات القاتلة. بخلاف مصنع «الوراق» ينتشر عدد من المصانع الصغيرة، يطلق عليها «المعامل»، تستخدم أدوات بدائية وإنتاجها أقل من غيرها، التى تستخدم الأدوات والاستعدادات الكبرى، وتكتفى هذه المعامل عادة بتوزيع إنتاجها على عربات الكبدة. وكشفت «الصباح» عن تخصص بعض المصانع فى إنتاج بعض المنتجات مثل الكبدة والدجاج المستخدم فى عمل الشاورمة، الأمر الذى لا يتطلب نفس المعدات التى كانت تستخدمها المصانع ذات الإنتاج الكبير والمتنوع. لحوم فاسدة فى كل مكان.. عقب مغامرة «الصباح» داخل مصنع «الوراق».. قررنا التعرف على أماكن توزيع تلك اللحوم، وما هو مصير تلك اللحوم الفاسدة بأنواعها المختلفة. كنا شهودا على «الأمراض المفرومة» فى المصنع، فى جميع أحياء المحروسة العشوائية والحضارية والراقية، بعد اختفاء الرقابة على الأسواق، وإهمال الأجهزة الرقابية فى القيام بدورها فى حماية «المواطنين» من خطر الموت نتيجة تناول الموت نفسه. «الصباح» كشفت انتشار إنتاج المصانع «غير المرخصة» ومصانع «الظلام» فى عدد غير قليل من المحلات والمطاعم والفنادق الشهيرة، بخلاف عربات الكبدة، وباعة الأرصفة. انتشر إنتاج «الموت» بصورة كبيرة على عربات الكبدة المتواجدة فى منطقة المناشى بمحافظة الجيزة، وتميز ميدان رمسيس بعددها الهائل الذى يكفى لإطعام جيش من المصريين، وهو الحال أيضًا فى منطقة «زنين» بالجيزة، والسيدة زينب. لم يختلف الأمر كثيرا فى محافظة القليوبية، حيث انتشرت عربات الكبدة فى منطقة القناطر الخيرية، غير أن الاختلاف كان فى انتشار تلك اللحوم بالمحلات، وعدم الاكتفاء بالأرصفة، بسبب اختفاء الرقابة على الأسواق فى المحافظة، «فكلما قلت الرقابة زاد العبث»، وهو الأمر الذى تأكدت منه «الصباح» التى لم تشاهد أى مراقب أغذية، لفحص تلك المخالفات أو الرقابة على عربات ومحلات بيع «اللحوم الفاسدة». فنادق مصر.. المفاجأة الكبرى صدمنا بها الشيف «سيد. ح» رئيس قسم الجزارة بأحد أشهر فنادق القاهرة، حيث أكد تعاقد الفندق مع أحد الموردين من منطقة «زنين» بمقتضى مناقصة طرحها الفندق، وفاز بها «أحمد. م» صاحب محلات «ال. ط»، ومصنع «غير مرخص». لم نتوقف عند المعلومة واتجهنا إلي المورد «أحمد.م» .. وعرفت نفسى له باعتبارى نجلة تاجر كبير يريد افتتاح مطعم، ويحتاج إلى كميات كبيرة من تلك المنتجات لتغطية احتياجاته، فوافق «الرجل» على مساعدتنا وقام بإعداد قائمة بالأسعار التى يبيعها على أن نذهب إليه مرة أخرى لإتمام الصفقة، غير أننا طالبناه بالاطمئنان على وجود البضاعة، وبالفعل أدخلنا «سردابا طويلا»، قادنا إلى ثلاجة كبيرة تحوى أطنانا من تلك اللحوم «مجهولة المصدر» والمعبأة فى أكياس مقلدة لشركات كبرى. غادرنا «زنين» متجهين لمنطقة الدقى بصحبة التاجر، فى جولة ميدانية على كبرى المحلات القاهرية ذائعة الصيت منها «رض. ال»، ولصداقة الرجل مع أصحاب تلك المحلات سَهُلَت مهمتنا، وأدخلنا لأحد المحلات الشهيرة بمنطقة الدقى، وتأكدنا من اعتماد المحل على إنتاج «اللحوم الفاسدة»، رغم إغلاقه من قبل جهات حكومية أكثر من مرة، إلا إنه يعاود الافتتاح مرارا وتكرارا دون أسباب واضحة. على بعد أمتار من المحل الأول بالدقى، يوجد محل لحوم «س» والذى لم يختلف كثيرًا عن سابقه فى سلعته وأسعاره. لم يكتف الرجل، بعرض بضاعته فى المحلات الشهيرة، وأصر على عرض بضاعته فى كبرى محلات «البيتزا والمكرونة» المتواجدة بوسط البلد، وشارع الهرم، وانتحل صفة مراقب أغذية، وطالب أصحاب عدد من المحلات بفتح الثلاجات، وفور رؤية عبوات اللحوم التى تحمل شعاره المميز على أكياس المفروم والسجق، ظهرت على وجهه ابتسامة، نظر بعدها لى، واكتفى بكلمة «صدقتينى»؟. على الجانب الآخر تمكنت الأجهزة الرقابية من ضبط ثلاجة «ح. ال» الكائنة بشارع ترعة الزمر لحيازتها وتخزين كميات كبيرة من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمى تمهيدا لعرضها للبيع والتداول بالأسواق. غير صالح للاستهلاك.. كان لابد من أخذ عينات وتحليلها فى معامل وزارة الصحة، واستطعنا بالفعل الحصول على إنتاج أحد المصانع، قبل توريدها لعربات الكبدة فى شوارع مصر المختلفة. وكشف تقرير المعامل المركزية بوزارة الصحة عن: «عدم صلاحية اللحوم للاستخدام الآدمى». وجاء بالتقرير: «اللحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى، والعلة تغير فى خواصها الطبيعية بما تشمله من اللون والملمس والرائحة، ووجود سوائل انفصالية بها». سقوط مصنع الوراق.. أثناء إعداد التحقيق ضبطت الأجهزة الرقابية مصنع الوراق، الذى عملت محررة «الصباح» به، وضبطت به «11 طنا من اللحم المفروم، وثلاثة أطنان و300 كيلو كفتة، ومفروم لحوم «سجق»، و100 كيلو كبدة مجمدة ومنتهية الصلاحية، و4 أطنان و875 كيلو فريك بلدى، وملح بارود، وأمعاء حيوانية بدون فواتير، وكميات كبيرة من الأكياس الفارغة مدون عليها أسماء لمنتجات شهيرة معبأة داخل شكائر دون بيانات». وضبطت إدارة التفتيش على اللحوم بمديرية الطب البيطرى، ومفتشو الأغذية بوزارة الصحة 20 طن أمعاء حيوانية «أحشاء داخلية، عكاوى، أرجل ورءوس حيوانية». غير مدون عليها بيانات. وأكدت الإدارة فى تقريرها عدم صلاحية المضبوطات، لوجود تغير فى الخواص الطبيعية من حيث الملمس والرائحة وعدم وجود بيانات، وحررت محضرا حمل رقم 14660 جنح قسم العمرانية، وقررت إعدام المضبوطات، وتم تدوين ذلك فى محضر حمل رقم 16911 جنايات.
خطورة تناول «لحوم الموت».. قال الدكتور فتحى عبدالرحمن النواوى، أستاذ الرقابة على اللحوم بكلية الطب البيطرى، جامعة القاهرة: اللحوم الميتة النافقة، غيرصالحة للاستهلاك الآدمى، وتحمل الكثير من الأمراض «طفيلية، بكتيرية، فيروسية»، قد تؤدى للوفاة، غير أن سبب نفوق الحيوانات هو مرض جنون البقر أو حمى الوادى المتصدع، أو الحمى القلاعية، أو بكتيريا السلمونيلا Salmonella شديد الضراوة، وفيروس القولون النموذجى. مضيفًا: أكثر ما تعانى منه اللحوم الفاسدة هو مرض التكسوبلازما، والساركوسيست، وساركواسبورديا، وطفيليات الحويصلات المائية، والديدان الشريطية التى توجد فى الحيوانات غير المفحوصة بيطريًا قبل الذبح وبعده، حيث إن بعض الحيوانات تصاب بعد ذبحها بهذه البكتيريا نتيجة التلوث. وأضاف «النواوى»: الإصابات لا تقف عند حد الأمراض الجسدية، لكنها تتسبب أيضًا فى مشاكل صحية نفسية مثل الاكتئاب، وحالات عصبية، وضيق فى التنفس، والتأثير على العصب البصرى، مما يتسبب فى عدم دقة الإبصار المسبب بسبب ميكروب «clostridiym»، الذى يهاجم الخلايا العصبية، ويصيبها بالشلل، وهى الحالة التى تنتهى بالوفاة إذا اكتشفت بعد مرور 48 ساعة، الأمر الذى يفشل علاجه حتى إن تم حقنها بالمضاد للمرض بعد مرور هذه الساعات. وأوضح أن التسمم الغذائى الناتج عن ميكروب «+السالمونيلا» يسبب النزلات المعوية وهناك نوع آخر يسبب حمى التيفود. مضيفا: يعتبر تسمم السالمونيلا أكثر أنواع التسمم الغذائى انتشارا، حيث تتكاثر الجرثومة فى الأمعاء، بعد تناول الشخص الطعام المصاب بالفيروس، وتظهر أعراض التسمم فى هيئة غثيان وقىء مع ألم فى البطن وإسهال به دم.
«لحوم الموت» تسبب السرطان والاكتئاب والتسمم قالت الدكتورة نجوى فتحى، رئيس الإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة، ونائب مدير عام الفحوص البكتريولوجية فى الأغذية والمياه: القانون 10 لسنة 66 ينص على أن أى تغير فى المعايير الوصفية من اللون، والرائحة، أو الملمس، تدل على أن السلعة غير صالحة للاستهلاك الآدمى. وأكدت أن هناك فرقا بين اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمى وغير المطابقة للمواصفات، حيث إن «غير المطابقة للمواصفات قد تكون بسبب مخالفة البيانات، أما غير الصالحة للاستهلاك الآدمى فتكون غير مطابقة للمواصفات من ناحية التحليل الكيميائى، والبكتريولوجية والسموم، مشيرة أن القانون 10 لسنة 66 يعطى لوزير الصحة السلطة فى تحديد تداول المنتجات غير المطابقة للمواصفات فى الأسواق بناء على صلاحيتها للاستهلاك الآدمى». وأضافت: أن جميع العينات التى تصل للإدارة يتم التعامل معها باهتمام وتحليلها بمنتهى الدقة، غير أن الإدارة لا تملك صفة الضبطية القضائية، ويتوقف دورها عند تحليل العينات، التى يتم التأكد من التزامها المواصفات الخاصة بكل صنف على حدة، وتخضع لتحاليل بكتريولوجية، وكميائية، والمبيدات، وترسل تقارير النائج للنيابة بعد التأكد من تطبيق أو مخالفة المواصفات القياسية المصرية عليها، وتقرر النيابة اتخاذ أمر بشأنها سواء بإغلاق المحل المخالف، أو استمرار العمل بناء على نتيجة التقرير. وتابعت: أن الإدارة تلقت فى عام 2011، قرابة 2214 عينة محلية، كان المطابق منها للمواصفات 1760 بنسبة 79%، وغير المطابق 424 بنسبة 21%، وبلغ عدد العينات غير المطابقة للمواصفات نتيجة تحاليل كيميائية 313، والبكتريولوجى 107 عينات، فيما كان غير المطابق للتحليلين معا 25 عينة، وما كان غير مطابق للمواصفات لأسباب كيماوية بكتريولوجية وسموم 7 عينات فقط. وأوضحت أن الإدارة تلقت أيضًا عينات لحوم مستوردة بواقع 5185 عينة نسبة المطابقة كانت بنسة 98,6 %، وغير المطابقة كان 1,4% فقط، وبلغ المستبعد لأسباب بكتريولوجية 57 عينة.
أمراض لا تموت بالحرارة.. يعلق رئيس قسم الفيروسات بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة، أحمد السنوسى، على انتشار «لحوم الموت» قائلا: اللحوم العفنة والفاسدة يوجد بها كم هائل من البكتيريا الضارة التى تنمو بسرعة هائلة فى تلك النوعية من اللحوم لوجود البيئة الملائمة، والكثير منها لا يموت بالتسخين أو الحرارة المرتفعة، وتفرز بدورها سمومًا قاتلة، قد تؤدى للوفاة فى الحال. وأكد أستاذ صحة اللحوم، وكيل كلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة محمد خالد المسلمى، إن الأمر لا يخلو من فساد وتلوث معًا وهو ما يفاقم الأزمة، فالتلوث وحده يسبب العديد من الأمراض المزمنة، «فماذا لو أضفنا إليه فسادا فى الملمس واللون والرائحة»؟. وقال «المسلمى»: العفونة ميكروبات تظهر على شكل تغيّر فى خواص المنتج الطبيعية، وهى علامة على الفساد فيصبح اللون أزرق، والرائحة غير مستساغة والملمس «صابونى»، والنسيج العصبى مهترئ، نتيجة لوجود ميكروبات. موضحًا أن عدم حفظ اللحوم فى ثلاجات منخفضة الحرارة تصل إلى سالب 18، أو تقطيعها ووضعها فى فاترينة عرض تحت درجة حرارة من صفر إلى 4 درجة مئوية، يجعلها تتعرض للتلف السريع، وللخروج من هذا المأزق يصنع منها أصحاب «الذمم الخربة» الهامبرجر، والكفتة، والسجق، والبسطرمة، ومنتجات اللحوم الأخرى. وتضاف لها مدة صلاحية أربعة أشهر جديدة، رغم أنها منتهية الصلاحية فعليا. أورام سرطانية ب«ملح البارود».. ملح البارود مادة E250 E251: وهى نيترات ونايترات الصوديوم وتستخدم فقط لحفظ اللحوم من التسمم المكيروبى ولإبقاء اللون الأحمر فى اللحم وأضرارها: أنها تقتل البكتريا النافعة فى الأمعاء وتسبب السرطان عندما تختلط مع البروتينات وتكون نيتروزامين. حذر الدكتور محيى الدين مصطفى كامل، أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية بالمركز القومى للبحوث من تسبب الكيماويات والفيروسات والنترات «ملح البارود» التى تحملها منتجات اللحوم الفاسدة فى التسبب فى أمراض خبيثة، وأورام سرطانية، الأمر الذى يتطلب وجود جيش قوى من الرقابيين يحمى البلاد من الأغذية الفاسدة. وأكد «كامل» أن فساد الغذاء يمكن التعرف عليه من تغير الطعم واللون والرائحة، بينما ميكروبات التسمم الغذائى، لا يمكن التعرف عليها بسهولة، لذا يتناولها الإنسان دون أن يشعر، مشددا على ضرورة ذبح الحيوانات فى مجازر تخضع للإشراف البيطرى، ومراقبة عملية نقلها التى عادة ما تتم فى سيارات مكشوفة، وعبر متوسيكلات، وعرضها مكشوفة فى محلات الجزارة مما يجعلها عرضة للتلوث، بخلاف سوء عمليات الحفظ، والتصنيع. وأشار إلى أن اللحوم المستوردة تحمل الكثير من شبهات الفساد، وإضافة الكيماويات عند تصنيعها، الأمر الذى يتطلب التأكد من خلوها من كيماويات الحفظ، لافتا إلى تطبيق الدول المتقدمة ما يسمى ب«الاستقصاء الوبائى» عن طريق المستشفيات، التى ترصد جميع الحالات التى تصل إليها، فإذا زادت عن عدد معين من نفس المكان، تبدأ فى رصد المعلومات لمعرفة أسباب التسمم وعدد المتسممين ونوعه. وعن مركبات «نترات الصوديوم» أو «ملح البارود» يقول: إنها مادة حافظة تكسب اللحوم لونًا أحمر، إذا زادت نسبتها عن 200 جزء فى المليون، تسبب أورامًا سرطانية، ورغم ذلك تستخدم بكميات كبيرة، موضحًا أن كمية ملح البارود التى يتم إضافتها ل«ساندويتش» واحد من منتجات اللحوم الفاسدة تكفى لصنع قرابة 100 ساندويتش، ما يعنى أن كل ساندويتش يحتوى على واحد جرام أى 1000 مللى جرام، فإذا افترضنا أن الشخص الذى يتناول هذا الطبق وزنه المتوسط 100 كيلو، فإن ذلك يعنى أن كل كيلو من جسم الشخص يختزن 10 مللى جرامات، فإذا تناول الشخص أربعة ساندويتشات يكون متوسط ما يختزنه جسم الفرد من «ملح البارود» فى الوجبة الواحدة 40 مللى جرام، وهو أضعاف النسبة التى حذر منها المتخصصون والمسببة للتسمم والإصابة بأمراض كثيرة على رأسها السرطان. صعوبة مراقبة عربات الكبدة.. قال الدكتور يسرى حسين رئيس الإدارة المركزية لشئون البيئة: إن أهم مشكلة تواجه الإدارة هى عدم وجود مكان ثابت للباعة الجائلين وأصحاب عربات الكبدة. مضيفًا: نحن نراقب ما يذبح فى المجازر ولكن المشكلة فى المحلى وغير القانونى، لأن هناك من يذبح فى بيته وأماكن مجهولة، ما يعنى صعوبة مراقبته، غير أن المشكلة الأكبر تكمن فى مصانع «بير السلم»، فجميع المنشآت المرخصة تتعرض لحملات مستمرة، أما غير المرخصة فتشكل لجنة لضبطها عند معرفة أماكنها، الأمر الذى تسعى الإدارة لزيادة القوى العاملة ووسائل النقل لمساعدة العاملين على أداء دورهم. وأوضح أن كل محافظة توجد بها إدارة عامة للبيئة، ويوجد مكتب مراقبة أغذية فى كل مركز، يعمل به موظفون يتراوح أعدادهم بين 2 و6، حسب حجم الإدارة، تكون مهمتهم تكثيف الرقابة على الأسواق. وأشار أن الإدارة تمتلك 250 مكتبا على مستوى الجمهورية، و3 آلاف مراقب تعمل على زيادة أعدادهم. مضيفًا: قلة أعداد السيارات المتوفرة دفعت الإدارة للاستعانة بالإدارات الصحية التى تخصص سيارة لأغراض مختلفة ويستخدمها مراقبو الإدارة لمراقبة الأغذية فى الأماكن البعيدة، بينما يمارس المراقبون عملهم فى الأماكن القريبة بالمواصلات، لحين توفير وسائل انتقال لهم. وعن خطته للكشف عن المصانع غير المرخصة طالب حسين «تعاون المواطنين للكشف عنها باعتبارها تنتج أغذية دون بيانات، وتزور بيانات منتجات معروفة، الأمر الذى يجعل أصحابها يواجهون جريمتى التزوير والغش فى الأغذية». وطالبت «سعاد الديب»، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك بمصر، نائب رئيس الاتحاد العربى للمستهلك، بتنشيط الدور التوعوى لأجهزة حماية المستهلك، لإرشاد المستهلكين بخطورة تناول تلك اللحوم الفاسدة، واعتبار ذلك جهة ضبط وضغط على المخالفين. وانتقدت «الديب» ما وصفته ب«تفرق دم المستهلك بين الجهات الرقابية العديدة والمتشابكة فى ظل الفقر الذى يعانى منه الشعب المصرى.. الأمر الذى يدفعه لشراء لحوم رخيصة الثمن التى يصل سعر كيلو المفروم منها إلى سبعة جنيهات، بعد فشله فى شراء اللحوم الطازجة المضمونة، لارتفاع ثمنها، وغياب رقابى، يقوم بضبط المخالفين.. الأمر الذى يدفع الفقراء لشراء اللحوم الفاسدة من أصحاب الذمم الخربة».
حماية المستهلك رقابة «فاشلة» على الأسواق.. تفتقد الأجهزة الرقابية فى مصر معادلة النسبة والتناسب بين تعداد سكانها وعدد من يمتلكون سلطة الضبط القضائية لمراقبة السلع الغذائية، ففى الوقت الذى يقترب تعداد السكان فى مصر من 90 مليون نسمة، لا توفر الدولة أكثر من عشرين مراقبا غذائيا ذوى سلطة ضبط قضائية تغطى القاهرة الكبرى فقط، يمثلها جهاز حماية المستهلك، و3 آلاف آخرون يمثلهم جهاز مراقبة الأغذية، بخلاف عدم وجود وسائل مواصلات تمكن مراقبة الأغذية من أداء دورهم بشكل منتظم، والافتقار للنظام والخطة الكاملة لأداء مهمتهم، فى حفظ سلامة المصريين. قال اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك: تمكن الجهاز من إدخال أدوات وآليات عمل جديدة تصب فى النهاية لصالح المستهلك، غير أن الفجوة تظل كبيرة بين الرقابة الحقيقية على الأغذية خاصة اللحوم ومنتجاتها، وبين جهاز حماية المستهلك، الأمر الذى يتحمل ضرره المستهلك وحده، الذى يجهل وجود الجهاز، ومن سمع عنه لا يثق فى قدرته على القيام بدوره. وأضاف «يعقوب»: أكثر ما يؤرقنا طول أوقات الفحص هو البحث عن مرجعية فنية، ونحتاج لفروع جغرافية تمتلك سلطة ضبط قضائية، فالجمعيات لا تنفذ القانون، لكنها تكتفى بتلقى الشكاوى، وقمنا بإرسال خطاب للشئون الاجتماعية، لبحث إمكانية الدفع بفريق من الشباب للعمل مع الجهاز، لمراقبة الأسواق. وأوضح أنه نجح فى الحصول على عدد 20 ضبطية قضائية ل 20 من العاملين بالجهاز بالقرار رقم 111 لسنة 2012 من وزير العدل، رغم أن الجهاز لم يكن يمتلك أية ضبطية قضائية قبل توليه مسئوليته، مضيفًا أن القرار منحه سلطة الضبط القضائى فى محافظات القاهرةوالجيزةوالقليوبية، وتم تدريب المراقبين جيدا، غير أن الجهاز يسعى الآن لزيادة أعداد الحاصلين على الضبطية القضائية، مشيرا أن الجهاز نجح فى امتلاك ثلاث سيارات تمكنه من أداء مهمته، بعد أن كان يستأجرها. لافتا أن عدد الموظفين بالجهاز 105 شاملا العمال والسكرتارية، الأمر الذى لا يقارن بدولة مثل عمان التى تمتلك جهاز حماية المستهلك يعمل به 750 موظفا، ميزانيتهم تصل إلى مليار جنيه سنويا، بخلاف حصولهم على وعود بزيادة عددهم إلى 1000 موظف مع نهاية العام الجارى. الإرشادات التى يجب على المواطن معرفتها عند شراء اللحوم بحسب خبراء التغذية: التأكد من وجود أختام عليها، فإذا توافرت فهذا يعنى أنه تم ذبحها بمجازر تخضع للفحص البيطرى. الختم الأحمر يعنى أنها لحوم بلدى ذبحت بمجازر صحية، البنفسجى الفاتح سداسى الأضلاع، يعنى أنها حيوانات استوردت حية وذبحت بمجازر صحية خاضعة للإشراف الطبى. فحص مظهر اللحوم الطبيعى فيكون لونها أحمر فاتحا إذا كانت بتلو، وأحمر «طوبى» إذا كانت «كندوز»، لا تسيل منها الدماء وإلا فهذا يعنى أن الحيوان كان مريضا وذبح قبيل موته بقليل. عدم تغير فى اللون والملمس والرائحة. ينبغى التأكد من تغليفها وعدم تشققها أو تراكم العفن على سطحها وألا يوجد بها عروق كثيرة وفى السجق ينبغى ألا تكون بين أجزائه سوائل انفصالية دالة على انتهاء صلاحيته وعدم جودته. التأكد من بيانات المنتج، فقد تكون مجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية أو أوشكت على الانتهاء.