تعتبر إصابة الكبد بفيروس C من المشاكل الصحية الملحة فى الآونة الأخيرة لتأثيره على كبد الإنسان وعلى وظيفته، وقد تصل إلى الإصابة بتليف كبدى أو فشل كبدى مزمن، بما يحمله من مضاعفات خطيرة قد تؤثر على حياة الشخص المصاب. والإصابة بعدوى فيروس C تمثل 3% من عدد سكان العالم حسب أحدث إحصائية لمنظمة الصحة العالمية، أما فى مصر فقد بلغت أعداد المصابين 8.2 مليون شخص (حوالى 10- 12%) وتكثر الإصابة فى الريف عنها فى المدن حيث تتراوح النسبة بين 6% و8%.
وللتصدى لهذا المرض أعدت وزارة الصحة برنامج توعية فى عام 2007 تكلف أكثر من مليون جنيه لمواجهة هذا الخطر، كما تم إنشاء أكثر من 15 مركزا مجهزا لعلاج أمراض الكبد.
وقد انتبه العلماء حديثا إلى أن الإصابة بفيروس C لا تقتصر فقط على الكبد ولكن هناك تأثيرات على مختلف أعضاء الجسم سواء بالإصابة المباشرة بالفيروس، أو نتيجة للتأثير على الجهاز المناعى للإنسان المصاب، وتتمثل فى بعض الأعراض مثل التهاب المفاصل، بعض أنواع الطفح الجلدى، وضعف العضلات.
والجهاز التنفسى هو أحد الأعضاء خارج الكبد التى تتأثر بالإصابة بفيروس C تأثرا واضحا لم يكن أحد ينتبه إليه إلا بعد أبحاث عديدة فى هذا المجال، وتفاصيل تأثر الرئة والجهاز التنفسى بالإصابة بفيروس C تتمثل فى تأثير أولى على الرئة ووظائفها، ومن أهمها حدوث قصور فى وظائف الشعب الهوائية مما يؤدى إلى شكوى المريض بالنهجان عند بذل أى مجهود، وقد تتشابه هذه الأعراض مع أعراض الحساسية الربوية، فإذا كان المصاب من مرضى الربو الشعبى أو السدة الرئوية فى الأساس، فسوف تزيد الأعراض وقد تصل إلى حدوث أزمات حادة. وقد ثبت بالبحث العلمى أن الإصابة بفيروس C تسبب قصورا وضيقا بالشعب الهوائية، وذلك من خلال أبحاث تمت بكلية طب قصر العينى، ولكننا نحتاج إلى تفسير واضح: هل هى إصابة مباشرة للشعب الهوائية؟ أم أن ذلك يحدث نتيجة لأحد التغييرات المناعية المواكبة للإصابة بفيروس C.
التأثير الثانى يظهر حدوث تليفات رئوية فى المصابين بفيروس C، مما يؤدى إلى انخفاض معدل الأكسجين فى الدم الشريانى، وشكوى المريض من النهجان عند أداء أى مجهود. وقد تم اكتشاف ذلك من خلال فحص عدد من المصابين بفيروس C بالأشعة المقطعية للرئتين، على الرغم من أن الإصابة غير ظاهرة فى الأشعة العادية، كما ثبت وجود قصور فى نفاذية الأكسجين عند هؤلاء المرضى فى مراحله الأولية. وتفسير ذلك هو حدوث تليف بالرئة أسوة بما يحدث فى الكبد من تليف نتيجة للمرض، وأن الاثنين معا يمثلان خللا بالجهاز المناعى عند الإصابة بعدوى الفيروس.
كما تتأثر الرئتان ثانويا نتيجة حدوث تليف بالكبد المصاب بفيروس C، ومن المعروف أن تليف الكبد المزمن يصاحبه ارتفاع فى ضغط الدم بالوريد البابى ويصاحب هذا ارتفاع فى ضغط الدم بالشريان الرئوى فى 30 % من الحالات، ولكن ما الأعراض المصاحبة لارتفاع ضغط الدم فى الوريد البابى والشريان الرئوى؟ يعانى المريض من نهجان مع المجهود وظاهرة خاصة هى زيادة الشعور بالنهجان عند تغيير وضعه من النوم إلى الوقوف قائما ونفس هذا بأن هناك التهابا بالأوعية الدموية يؤدى إلى اتساعها فيذهب الدم إلى قاعدة الرئتين عند الحركة من النوم إلى القيام، كل هذه الأعراض لا نلتفت إليها للأسف عند فحص حالات التهاب الكبدى C ويكون التركيز كله على أنزيمات الكبد والموجات الصوتية لبطن فقط.
وتأثير العلاج على الرئتين شق مهم عند متابعة مريض الالتهاب الكبدى C، ومن أشهر العقاقير فى العلاج هو عقار «الإنترفيرون» وهو عقار فعال إذا وصف فى الحالات المناسبة، ولكن له أعراضا جانبية على الرئتين مثل زيادة حدة حساسية الشعب الهوائية عند بعض المرضى، وقد يسبب تليف الرئتين فى بعض المرضى، وزيادة الشعور بضيق التنفس لديهم، إلى جانب حدوث فشل تنفسى حاد فى عدد قليل من المرضى وانسكاب بللورى (تجمع مياه فى تجويف الصدر) وهذه التطورات تعد من أشهر مضاعفات تليف الكبد والاستسقاء (تجمع مياه فى تجويف البطن ويحدث فى حوالى 10% من حالات الإصابة بتليف الكبد وغالبا ما يكون على الناحية اليمنى نظرا لارتباطها التشريحى بالكبد والحجاب الحاجز)، وغالبا ما يكون مصدر السائل تجويف البطن، حيث يمر عبر فتحات ميكروسكوبية إلى تجويف الصدر الأيمن.
وهكذا يتضح أن هناك علاقة وثيقة بين الكبد والرئتين، وأن شكوى مريض الكبد من النهجان قد يكون سببها هو تأثر الجهاز التنفسى بالفيروس، لذلك يجب على الطبيب المعالج أن ينتبه إلى المضاعفات الصدرية للالتهاب الفيروسى حتى يتم العلاج مبكرا.