على مدار 34 عاماً قارع أحمد الجعبري الاحتلال، انتقل خلالها من حركة "فتح" إلى "حماس"، حتى وصل إلى القيادة الفعلية لذراعها المسلحة، كتائب القسام، قبل أن ينجح جيش الاحتلال في اغتياله، أمس . ويعتقد الفلسطينيون على نطاق واسع أن اغتيال الجعبري هو بمثابة تصفية حساب لعملية أسر الجندي "الإسرائيلي" جلعاد شاليت، والنجاح في الحفاظ عليه لخمس سنوات وإدارة ملف التفاوض بشأنه حتى تنفيذ صفقة تبادل أفرج بموجبها عن ألف أسير فلسطيني بينهم 450 من كبار الأسرى الذين كانت "إسرائيل" ترفض الإفراج عنهم في السابق . ولد الجعبري عام ،1960 وتعود جذور عائلته إلى الخليل جنوب الضفة الغربية حيث انتقلت إلى قطاع غزة، وسكنت حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وسرعان ما تعرض للاعتقال بعد عام من احتلال إسرائيل عام ،1967 بتهمة المشاركة في خلية مسلحة تابعة لحركة فتح ومقاومة الاحتلال . وبعد سنوات من الاعتقال تحول الجعبري برفقة عدد من رفاقه إلى الاتجاه الإسلامي داخل السجون، والذي كان في بداياته التأسيسية، وسرعان ما أصبح أحد قادة "حماس" في السجون . ويقول أسرى عايشوه: إنه عمل برفقة عدد من قادة الحركة الذين تواجدوا في السجون ومن بينهم إبراهيم المقادمة الذي اغتيل في ،2003 على تجهيز عناصر "حماس" للانضمام إلى الأجهزة المختلفة للحركة بعد خروجهم، لاسيما جهازها العسكري "كتائب عز الدين القسام" وذلك من خلال دورات أمنية وعسكرية ودينية مكثفة تؤهل الشبان للانخراط في العمل التنظيمي فور خروجهم .
وأطلق الاحتلال سراح الجعبري عام 1996 بعد أن كان رفض الإفراج عنه قبل ذلك بعامين في إطار إفراجات اتفاق أوسلو، حيث خرج من السجن في وقت كانت "حماس" تتعرض لحملة واسعة من السلطة الفلسطينية، فعمل على تأسيس جمعية "النور" لرعاية الأسرى ومتابعة ملف الأسرى بالكامل ومشاركته في كافة فعاليات أهاليهم . وانضم عام 1997 إلى حزب الخلاص الإسلامي الذي أسسته "حماس" في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية التي تعرضت لها من السلطة آنذاك، وسرعان ما تعرض للاعتقال وأمضى عامين في السجن، وذلك بتهمة الانخراط في العمل العسكري مجدداً .
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 خرج الجعبري من سجون السلطة وكان ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام، قبل أن يصبح الرجل الثاني رسمياً، والقائد الفعلي فيها بعد اغتيال إسرائيل قائدها العام صلاح شحادة وإصابة القائد الذي خلفه محمد الضيف الذي نجا من عمليات اغتيال عدة .
وسبق أن حاولت إسرائيل اغتيال الجعبري مراراً، أبرزها في السابع من أغسطس 2004 ، حينما قصفت طائرة إسرائيلية منزل عائلته في حي الشجاعية شرق غزة واستشهد في الحادث نجله محمد وشقيقه فتحي وصهره وعدد من أقاربه ومرافقه، وأصيب بجروح طفيفة .