جلبت ثورات الربيع العربي الإخوان المسلمين إلى السلطة في دول أفريقيا مثل تونس ومصر، وربما سيحدث نفس الشيئ فى كلا من ليبيا وسوريا وتكهن مراقبون عن الكيفية التي ستحكم بها الجماعة التى ستؤدي في النهاية إلى الكثير من المشاكل العملية في إدارة الشؤون العامة ومواجهتها، وذكرت شبكة يو اس نيوز الامريكية الشهيرة أن الامر لا يحتاج الى تكهنات فهناك دولة افريقية حكمها الإخوان لمدة 23 عاما وهى السودان. ووفقا لتقرير يو اس نيوز فقد قام عمر البشير رئيس السودان بانقلاب فى يونيو 1989 خطط له ونظمه حسن الترابي وهو واحد من قادة الاخوان المسلمين ومن المنظرين السياسيين، واشار التقرير الى ان البشير هو وحكومته كانوا من اتباع الترابي، وكان الترابي العقل المدبر لسياسات الحكومة لمدة 10 عاما حتى قام البشير بحل البرلمان في عام 1999 ومنذ ذلك الوقت اصبح الترابي اشهر واقوى معارض للحكومة السودانية، وقد قامت جماعة الإخوان في مصر عدة محاولات غير ناجحة لعلاج الاختلافات بين البشير والترابي وأتباعهم. وذكرت الشبكة الامريكية إن انهاء مفاوضات السلام بين شمال وجنوب السودان، والتي كانت في حالة حرب وإيقاف منذ عام 1956، كان واحدا من الافعال التى قام بها الترابي الذى أعلن على الملأ استراتيجيته لتعريب وأسلمة جنوب السودان باستخدام السودان كقاعدة للثورة التى اسسها، ونظم الترابي المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي كبديل للجامعة العربية المعتدلة، بمساهمة 100 مليون دولار من إيران، التي ترتبط بالجماعات الأكثر راديكالية وعنفا من مختلف أنحاء العالم الاسلامي، ودعا الترابي والبشير هذه المجموعات، بما في ذلك أسامة بن لادن، لنقل مقارها ومعسكرات تدريبها للسودان، مما سبب انزعاجا للدول العربية المعتدلة والولايات المتحدة، ورضخ البشير للضغوط الدولية ، مما أدى إلى الخلاف بين البشير والترابي، وأدرك البشير ان الترابي قد وضع الدولة السودانية الهشة للخطر. ورأت الشبكة الامريكية انه لأكثر من عشر سنوات قام خلالها الترابي بتطهير الخدمة المدنية والعسكرية وفقا لأجندة الإخوان وتدريجيا حل محلهم اتباعه من الإسلاميين، وبحلول عام 1999 كان ما لا يقل عن نصف عدد الضباط كان اختارهم الترابي حسب ولائهم لأجندته. وانشئ الترابي والبشير قوات الدفاع الشعبي والميليشيات القبلية الموازية للجيش النظامي والدخول فى الحرب الأهلية مع الجنوب، من خلال حرق القرى، وذبح الرجال، والاغتصاب الجماعي للنساء، وفقا لتقارير العديد من حقوق الإنسان. ولم تنتهى خطة الإخوان لتحويل الحكومة السودانية ليس فقط مع القطاع الأمني ولكن امتد الى نظام المحاكم، حيث قام الترابي، وهو الحاصل على الدكتوراة في جامعة السوربون والذي أصبح فيما بعد عميدا لكلية الحقوق بجامعة الخرطوم، بتصميم قانون المحاكم الخاصة التي تم إنشاؤها مواز لنظام المحاكم الإسلامية لفرض الشريعة الإسلامية. ولضمان مراقبة الشعب السودانى اقام البشير والترابي واحدا من أكثر اجهزة الشرطة السرية وحشية في العالم العربي الذى قام بانتظام لعمليات التعذيب على نطاق واسع وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، ووجهت المحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير وغيره من أعضاء حكومته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور، وقد اتهم البشير وحزبه بسرقة 9 مليارات دولار من خزينة الدولة. وأشار التقرير إلى أن تاريخ الإخوان مليئ بقصص سحق التمرد في مناطق مختلفة من البلاد، والقمع الوحشي للمعارضة السياسية والثقافية، والفساد وسوء الإدارة للموارد النفطية، وتدميرها للمؤسسات السودانية التي قاومت جدول الأعمال السياسي للجماعة والتى ساهمت إلى تحول السودان إلى دولة فاشلة، واختتمت يو اس نيوز تقريرها بتحذير مصر من أنها قد تتحول إلى سودان أخرى، وأن الربيع العربي سوف يتحول إلى الشتاء العربي.