استغلت جماعات الإسلام السياسى، أزمة ارتفاع أسعار اللحوم، لاستقطاب المواطنين و«شراء ودهم» عبر طرح لحم العيد بنصف السعر. وبطبيعة الحال، تصدرت جماعة «الإخوان المسلمين»، والحركة السلفية المشهد، كونهما أكبر جماعتين إسلاميتين منظمتين فى الوقت الراهن. وأقيمت فى الأحياء الفقيرة والعشوائية فى المدن الكبرى وعواصم المحافظات «شوادر» لبيع المواد الغذائية للمواطنين بأسعار تراوحت نسبة تخفيضاتها ما بين 20 إلى 40%، حسب نوع السلعة، وشهدت هذه الشوادر إقبالا كبيرا وتزاحما من قبل المواطنين للحصول على ما يحتاجونه من مستلزمات. وتركزت الشوادر فى القاهرة فى مناطق المنيب والدويقة وميت عقبة وبولاق، الأمر الذى تسبب فى وقوع مناوشات بعض تجار هذه المناطق والإخوان والسلفيين، الأمر الذى دفع الجماعتين إلى حشد عدد كبير من الرجال الملتحين الأشداء لتأمين هذه الشوادر. وتقول الحاجة صالحة خليل «سبعينية»: «الإخوان ناس بتوع ربنا الله يبارك لهم.. أطعمونا الله يطعمهم، والغلابة زينا مالهمش غيرهم»، غير أن خميس العجمى «صاحب مقهى» يرفض كلامها قائلا «كله عشان الانتخابات مافيش حد حاسس بالغلبان.. الناس دى عارفة تلعبها صح» مستندا إلى أن جماعة الإخوان طرحت أنابيب البوتاجاز خلال الانتخابات الرئاسية بخمسة جنيهات لكسب ود الناخبين، وبعدها بيعت الأنابيب بثمانين جنيها، فى سوق سوداء لم تهتم بالمواطن وآلامه. ويوافقه الرأى محمد أبوحامد «البرلمانى السابق» الذى يقول: إن قيام حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لحركة الإخوان، وحزب النور السلفى بتوزيع لحوم الأضاحى، هو مخالفة قانونية، لأنه لا يحق للأحزاب ممارسة العمل الخيرى، وهذا حق لجمعيات النفع العام فقط.. أما إذا كان توزيع اللحوم من خلال جماعة الإخوان، فهى جماعة محظورة «بحكم القانون» ولا أحد يعرف مصادر تمويلها، ولا أحد يعرف كيف توزع اللحوم بهذه الأسعار، فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر. ويقول: هذه ممارسة غير قانونية، هدفها كسب الأصوات، لكن الشعب المصرى ليس ساذجا، وفى تقديرى إن تجربة البرلمان السابق، وما حققه الرئيس «الإخوانى» سيدفع الناس إلى التصويت للنواب الأكثر كفاءة ورغبة فى تمثيلهم. ونظمت الدعوة السلفية قوافل لبيع اللحوم بأسعار مخفضة فى كل محافظات مصر، ففى الإسكندرية، انتشرت الشوادر فى مناطق سيدى بشر قبلى وباكوس وشوتس وحجر النواتية وبحرى والسبع بنات وكرموز والعامرية والقبارى، ولم تقم الدعوة السلفية أو الإخوان بأى نشاطات فى المناطق التى يميل سكانها للتيارات المدنية، مثل الإبراهيمية ورشدى وجليم وسان ستيفانو ووابور المياه، فيما وجهت الدعوة السلفية وجمعية رواحل فجر الإسلام مجموعة من القوافل الغذائية وسلسلة من المعارض لبيع اللحوم والملابس بأسعار مدعمة فى مناطق السلخانة ومساكن السلام، ويصل سعر كيلو الزيت فى هذه المعارض إلى 8 جنيهات، والأرز 4.5 جنيه، هذا بالإضافة إلى الخضروات، التى تباع أيضا بأقل من أسعارها فى السوق. ويؤكد شباب سلفيون يبيعون فى الشوادر أن ما تفعله الجماعة هو عمل لوجه الله، ولا يمت بصلة للدعاية الانتخابية، لكن الليبراليين لا يريدون لكلمة الله أن تكون العليا، والله متم نوره ولو كره الكافرون «حسب تعبيره». ويتحدث عن مصدر دعم المنتجات الرخيصة قائلا: إن الخير فى أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين، لكن بعض قاطعى أرزاق الناس يرفضون أن يصل الإحسان إلى مستحقيه، وإذا تحركنا تنهال علينا الاتهامات. وتقود الدعوة السلفية حملة من التبرعات لتقديم لحوم الأضاحى للسوريين المقيمين بمصر واللاجئين الذين فروا من جحيم الحرب بين الجيش السورى الحر وقوات بشار الأسد فى بلدهم. واختارت الدعوة شعار «أدعم أخوك السورى» للحملة، ودشنت صفحات على شبكة الإنترنت لتشجيع القادرين على التبرع. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين لتترك الساحة خالية للسلفيين، خاصة بعد الخلافات بينهما على خلفية مسودة الدستور، وطرح الإخوان لحم الأضاحى بسعر 35 جنيها، وبما يقل بخمسة جنيهات على «سعر اللحم السلفى». وتقول غادة جبر «ناشطة فى جمعية صحبة خير الخير»: إن الجمعيات الخيرية ليست ذات أهداف سياسية، ومن ثم لا تقوم ببيع الأضاحى بأسعار مخفضة، ولا تقوم باللجوء إلى هذه المظاهر الاستعراضية للإعلان عن نشاطاتها، إذ تقصد بيوت غير القادرين من دون أن تجرح كرامتهم، أو تتاجر بالإحسان إليهم، وتتلقى الجمعيات الخيرية تبرعات من أصحاب القلوب الرحيمة، الذين يحرصون أيضا على أن تكون صدقاتهم بينهم وبين ربهم.