«تجيد الرقص وترتدي جينز، لا يزيد عمرها على خمسة عشر عاماً .. أجرها بالساعة لو كانت «مزة» ولو عادية 50 جنيه في الليلة» .. شروط قبول راقصات مراكب ماسبيرو وأجورهن حسب مقوماتهن الأنثوية، هذه الصفقة عقدناها كسماسرة لتوريد الفتيات إلى أصحاب المراكب على أن يكون لنا 50 جنيها «حسنة» مقابل كل واحدة. مراكب مصفوفة على ضفاف النهر تنبعث منها أغان شعبية، يستطيع أي أحد استقلالها في رحلة نيلية مقابل 3 جنيهات، أو 300 جنيه للرحلة الخاصة، ويمكن لأي عروسين إقامة ليلة العمر عليها بتكلفة لا تتعدى ال200 جنيه .. لجذب الزبائن وخلق جو من المرح أدوات خاصة، أهمها «الدي جي» الصاخب وفتيات أجبرهن الفقر أو الكبت على قبول عرض صاحب المركب بالرقص من السابعة مساءً حتى الثانية عشرة، بالتناوب مع زميلات الكار. بهم تحمله على كتفيها وبوجه قلق وابتسامة متوترة، تنظر إلى أبعد مما يفكر به رأس الفقر، رقصت «راقية» ابنة الثالثة عشر عاماً، بنهم وكأنها تريد الهروب من أحزانها، اقتربنا منها أثناء راحتها، نثني على رقصها، فعرفنا منها أنها تقصد المركب بإجبار لتغطية نفقات علاج والدها ومصاريف البيت، وتقول: «أخبرت جارتنا أمي عن المركب والخمسين جنيه اليومية فوافقت على الفور وأرسلتني مع ابنة جارتنا .. في البداية فرحت بالضحك واللعب، لكن بمرور الوقت وزيادة مضايقة الزبائن زهقت وكرهت المركب والرقص والفرحة». نظر إليها صاحب المركب شذراً، فأنهت حديثها مسرعة لتدخل في وصلة الرقص التالية : «أنا بروح المدرسة وفي تانية إعدادي .. أمي بتقولي لما تدخلي ثانوي مش هتروحي هناك تاني .. نفسي ابقى مهندسة». تجلس مكانها نورهان التي لا تتعدى ال 10 سنوات تجفف عرقها، أمهر الفتيات رقصاً، بدت وأنها تعرف الجميع منذ سنوات، وبسؤالها عن أهلها، قالت: « قاعدين على رصيف ماسبيرو أمام التلفزيون، بيعملوا شاي، وعارفين إني ببيع مناديل بالنهار وبالليل باجي هنا أرقص، لما برجع أمي بتاخد مني الفلوس وتديني اتنين جنيه بس». وبعد أن أشارت لملابسها: «لما باجي بغير هدومي والبس البنطلون الجينز والبدي .. مرة جيت بالهدوم اللي بلبسها وقت بيع المناديل صاحب المركب رجعني وقالي روحي البسي كويس». وعن سبب اختيارهن صغيرات السن أجابت «حلويات» ابنة ال 15 ربيعاً: «علشان ما يتقبضش على صاحب المركب، ولما يسألنا حد بنقول اننا جايين نتفسح ومعانا أهالينا»، أكد كلامها سؤالنا لأصحاب المراكب واحداً تلو الآخر عن الفتيات اللواتي يرقصن فكان ردهم واحداً «دول بنات عائلات يا آنسة». يُذكر أن هذا النوع من المراكب يحصل على تراخيص من الهيئة العامة للنقل النهري، وهي الجهة المنوط بها متابعة التراخيص، والتأكد من صلاحيات المراكب الفنية، بينما تراقب شرطة البيئة والمسطحات المائية سريان التراخيص الالتزام بالحمولة المقررة، فيما تختص وزارة الموارد المائية، ممثلة في قطاع تطوير وحماية نهر النيل وفروعه، بالحفاظ على النيل من التلوث والتعديات، ولكن استغلال الأطفال في الرقص على تلك المراكب لم يلفت انتباه جهات المراقبة، ليقتصر رصد شرطة المسطحات لمخالفات عدم وجود أطواق نجاة أو زيادة عدد الركاب عن المسموح به، مما يعرض صاحب المركب لعقوبة لا تزيد على غرامة مالية أقصاها 400 جنيه.