داخل القرى والنجوع ينتشر زواج القاصرات (الأطفال)، لعدة أسباب يأتى فى مقدمتها الفقر المدقع. سماح ذات السنوات الثلاثة عشر، وابنة محافظة سوهاج، تزوجت بمجرد بلوغها فطولها الفارع يجعلها أقرب إلى بنات العشرين، تمت خطبة الطفلة منذ كانت بالصف السادس الابتدائى. بعد الزواج بأشهر قليلة حملت سماح، لكن فرحتها لم تكتمل حيث توفى زوجها وهى فى الشهر الثامن من الحمل، وبعدما وضعت طفلتها وجاء وقت قيد الطفل لاستخراج شهادة الميلاد، رفضت أم الزوج تسليم بطاقة ابنها المتوفى ووثيقة وفاته لإتمام القيد، ورفضت أيضًا تسليم قائمة منقولاتها، وبعد صراع استمر لشهور أدرك أبيها خطورة ترك طفل بدون قيد حتى يتمكن من الحصول على تطعيمات وزارة الصحة فى شهورها الأولى مما دفعه لقيد الطفل تحت اسمه ليصبح أب الطفل على الأوراق الرسمية هو جده لأمه. عندما بلغت سماح 16 عامًا توجهت لاستخراج بطاقة الرقم القومى لأول مرة ولكنها وقعت فى حيرة عندما حان وقت كتابة بياناتها الشخصية فلم تعرف كيف تكتب فى خانة الحالة الاجتماعية فهى لا تملك وثيقة زواج لتكتب متزوجة أو أرملة أما لو كتبت آنسة فإنها تقع فى جريمة تزوير. لم تكن حالة «سماح» هى الحالة الأولى التى واجهت العديد من المشكلات فى نسب طفلها لجدهم، فقد تزوجت زواجًا فى عرفه شرعى مشهر فى حضور أهل القرية وعلى يد مأذون القرية، لكنه لم يدرجه القانون تحت طائلة الزواج العرفى لعدم إتمامها السن المشروط للعقد. نفس السيناريو الأسود يتكرر فى حالات اغتصاب المحارم ولا يقتصر على زواج القاصرات فقط، فالطفلة دعاء اغتصبها أخيها وبعد أن ظهرت عليها ملامح الحمل، اعترفت بفعلة أخيها الذى فر هاربًا ولأن القانون لا يعترف بأن ينسب الطفل لخاله لم يجد الأب طريقًا إلى الستر سوى قيد الطفل تحت اسمه، ثم يزوج ابنته إلى أحد الرجال كبار السن بمحافظة مجاورة. هذا الخلط فى الأنساب يشكل وصمة عار على المجتمع، فكيف للابنة والحفيد أن يرثا فى الأب كأخوة ؟، فى هذا الإطار قال الدكتور عادل عبدالعظيم أستاذ القانون الأسرى جامعة بنى سويف: «إن الأم من حقها رفع دعوى نسب الولد للفراش، بإحضار اثنين من الشهود إذا كان الحمل بدون زواج فى حالات الاغتصاب، أما إذا كان زواجًا عرفيًا فى مثل حالة الطفلة «سماح» فلابد أن تحضر عقد الزواج المبرم عقب إتمامها السن القانونى بمساعدة المأذون الذى عقد للمحكمة لإثبات نسب الطفل، لكى تحفظ حقوق الطفل القانونية والاجتماعية». وتابع: «هذه المشكلة تنتشر فى الأرياف والصعيد وذلك لعدم إرادة الأسر فى فضح ابنتهم حتى لا يعايرون بها، ويكتفون بنسب الطفل للجد دون الذهاب إلى المحكمة».