استمرارا لمسلسل فوضي البيع والتجارة في القطع الأثرية التي يتم تهريبا وبيعها خارج الأراضي المصرية، وانتهاكات حقوق الملكية والضوابط التي تحكمها قواعد قانونية وترابط بين البلدان بعضها البعض، نقف اليوم عند قضية جديدة وهى بيع رأس تمثال "توت عنخ آمون" في دار كريستيز للمزادات في لندن مقابل 6 مليون دولار، دون الاهتمام والاستجابة للمطالب المصرية بعودة هذه القطعة الأثرية. هذه القطعة المصرية الأثرية التي يبلغ عمرها 3000عام،والتي حاولت مصر بكل سبل القانون استعادتها، إلا أن كل المحاولات التي اتخذتها مصر باءت بالفشل ولم تكُن في الصميم، فمن هذه المحاولات البلاغ التي تقدمت به وزارة الآثار المصرية للنائب العام تطلب فيه بإرسال مساعدة قضائية إلي السلطات البريطانية لوقف عملية البيع. كما قامت الإدارة المركزية للآثار المستردة بمخاطبة صالة المزادات ومنظمة اليونسكو، لوقف إجراءات بيع القطعة الأثرية وطلب الحصول على المستندات الخاصة بملكية القطعة الأثرية المصرية. لكن هنا الفشل يُسيطر والخطابات لم ينظُر إليها مسؤولي الدولة اللبنانية، وأصبحت كل هذه المحاولات المصرية تتطاير في الهواء كالريح، حيث تم بيع رأس تمثال "توت عنخ آمون" في دار كريستيز بلندن مقابل 6 مليون دولار، ومن هنا اشتعلت القضية المصرية وأصبحت أكثر عقدة لدي الشعب المصري، بعد بيع هذا التمثال، حيث تجمع خارج دار المزادات نحو 20 محتجًا في وقفة صامتة، وحملوا لافتات مكتوب عليها "التاريخ المصري ليس للبيع". الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، ذكر أنه مستاء من استمرار عملية البيع رغم الطلبات المصرية بوقفها، واعتراضات المسؤولين الحكوميين والسفارة المصرية في لندن. فيما عبر زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق وعالم الآثار الشهير، عن غضبه قائلاً: " إن هذا اليوم الذي بيع فيه رأس ملك مشهور هو يوم أسود"، مؤكدًا أن هذا التمثال خرج من مصر بشكل غير قانوني، وأن هذا المزاد لا يملك أي وثيقة رسمية تُثبت أنه خرج من مصر بطريقة قانونية. هذه ليست الواقعة الوحيدة التي يتم فيها بيع الآثار المصرية في مزادات عالمية، وليست مصر هي الدولة الوحيدة التي تتعرض إلى تهريب الآثار. ففي عام 2014 بيع تمثال من الحجر الجيري الملون للكاتب الفرعون "سخم كا" في مزاد بقاعة "كريستي" في بريطانيا بحوالي 24مليون دولار. وفي عام 2017 باعت دار المزادات العالمية الصينية "تشوثي" 5 قطع أثرية مصرية منها قناع لمومياء مطلي بالذهب يعود إلى القرن الأول، وزوج من العيون مصنوعة من الزجاج المصقول والمرصع، وإناء يعود تاريخيه إلى عصر ما قبل الأسرات، ومرآة تعود إلى عصر الدولة الحديثة مصنوعة من مادة البرونز. وفي العراق تم تهريب العديد من القطع الأثرية وبيعها وزادت هذه المشكلة خاصًة في ظل الصراعات التي تحدث هناك وسيطرة "داعش" على كثير من المناطق، واستطاعت العراق في عام 2018 أن تسترد حوالي 3800 قطعة أثرية عراقية مفقودة. الدكتور محمد حمزة، وكيل كلية الآثار بجامعة القاهرة، قال: إن السلطات المصرية لم تستطع استرجاع هذا التمثال لعدم اكتمال الإجراءات والأدلة التي تُثبت أن هذا التمثال كان موجود بالفعل في مصر، وهو غير مسجل في معبد الكرنك على عكس ما ذكر دكتور "زاهي حواس" ولا يوجد محضر مسجل بسرقته. وتابع حمزة في تصريح خاص ل"الصباح"، أنّ السلطات المصرية يجب عليها وضع حلول وخطط لمواجهة تهريب الآثار بدلاً من محاولة استرجاعها من الخارج، مشيرًا إلى أنه يجب تفعيل القوانين لحماية الآثار، وكذلك عمل شرطة خاصة بالآثار مستقلة عن شرطة السياحة تكون من خريجي طلبة كلية الآثار. وأضاف وكيل كلية الآثار بجامعة القاهرة، يجب ضرورة تفعيل القانون الدولي التي ينص على الحق في استرداد القطع الأثرية، وترقيم جميع المعالم الأثرية المصرية، وأن تسجل كل قطعة أثرية ليصعب تهريبها إلى الخارج، وعمل خرائط لجميع المواقع المصرية واستخدام أجهزة نظم المعلومات لكشف عن الأماكن التي يوجد بها آثار. وأستكمل: يجب نشر الثقافة والوعي الأثري وتغيير المناهج لتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على الآثار، وضرورة التسويق السياحي عن طريق الآثار لجذب وزيادة أعداد السياح في مصر.