منذ الإطاحة بالرئيس السوداني المعزول عمر البشير، واسم قائد قوات الدعم السريع في السودان الفريق أول الجنرال محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي يتردد بوصفه الضابط الرفيع الذي أعلن اعتذاره عن المشاركة في المجلس العسكري الانتقالي، إلا بعد الاستجابة لمطالب الشعب على حد قوله. هذا الإعلان بدا أنه إشارة ثقة واضحة من الجنرال حميدتي يظهر بها قدرته على تحدي قادة المؤسسة العسكرية التي لا يعد أحد المنتمين إليها فالرجل وصل إلى منصبه بطريقة مختلفة، ربما تكون سببًا آخر لتعزيز موقف الرجل فهو يدير قوات مشكلة من أبناء القبائل على نحو ربما يجعل ولاءها لشخصه وهيمنته عليها أقوى من تراتبية القرار التقليدية في المؤسسة الأمنية والعسكرية. والغريب أن جميع أعضاء هذا المجلس ينتمون إلى المؤسسة العسكرية إلا محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، الذي لم يكن في يوم من الأيام من أفراد هذه المؤسسة، رغم انه يحمل رتبة فريق أول بقرار من البشير نفسه. وتستعرض «الصباح» في تقريرها التالي من هو القائد محمد حمدان حميدتي وكيف أصبح قائد قوات الدعم السريع؟ ولد في شمال دارفور 1975، وهو في عمر 8 سنوات انتقل مع أهله إلى جنوب دارفور؛ نسبة لحالة الجفاف والتصحر التي كانوا يعانون منها، ومن قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية التي تقطن إقليم دارفور غربي السودان. بدأ عمله بعيدا عن السياسة والحكومة السودانية، فكان يعمل بتجارة الماشية "الأبل" ومكث في ليبيا 5 سنوات، حتى صار من كبار تجار الإبل، وذاع صيته وجنى ثروة كبيرة في التسعينيات من القرن الماضي، الأمر الذي دفع البشير إلى تقريبه، وخاصة أنه كان يقود مليشيا كبيرة لحماية القوافل التجارية. كان لموت أخيه والعاملين معه على أيدي المتمردين سببا في عمله مع الجيش السوداني في 2003، فجمع عددا من أفراد قبيلته ودربهم للدفاع عن أنفسهم وما يتعرضون إليه من هجمات من قبل المتمردين، وفي انفجار أزمة دارفور بعد انتهاء حرب السودان، احتاجت القوات المسلحة إلى قوات مساندة لمكافحة التمرد، وأنشأت قوات شعبية من قبل القبائل الموالية للدولة لمكافحة التمرد وكان حمديتي هو قائدها. قبل حلول رمضان بشهرين في 2006، قابل حمديتي الرئيس عمر البشير لأول مرة ليطالبه بانضمامه الفعلي للسلطة والحكومة السودانية، لكن البشير أجل الأمر، حتى لجأت الدولة في السنوات الأخيرة لهيكلة هذه القوات الشعبية وتحويلها إلى قوات قومية، وتم هيكلتها بالفعل تحت اسم «قوات الدعم السريع»، بإشراف من جهاز الأمن السوداني، وانضم لها أبناء مختلف القبائل السودانية سواء بالشرق أو الغرب بقيادة حميدتي. وفي أكتوبر 2018، دخل حميدتي في خصومة علنية مع والي ولاية شمال كردفان، أحمد هارون، وهو من الأشخاص المقربة من البشير، والمطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لكن الرئيس استطاع أن يجمع بينهما، ليعقدا صلحا. وقالت مصادر محلية سودانية إن "قوات الدعم السريع" التي يقودها حميدتي، ساهمت في الإطاحة بالبشير، ودعا الحكومة السودانية إلى "توفير ما يحتاجه المواطنون في سبيل العيش الكريم"، وهو موقف يراه بعض السودانيين إيجابياً. لكن أخرين يصفون موقفه ب "المحاولة الذكية" لتلميع صورته وصرف انتباه العالم عن إنتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قواته في دارفور. وتتحدث بعض التقارير عن إحكام حميدتي قبضته على مناطق واسعة في العاصمة الخرطوم، وأنه"يملي شروطه على قادة القوات العسكرية" كونه يحمل رتبة فريق أول في الجيش. يتولى حميدتي بالتنسيق مع رئيس المجلس الانتقالي العسكري، عبد الفتاح البرهان، ملف القوات السودانية المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وتقول ويلو بيردج، مؤلفة كتاب "الانتفاضات المدنية في السودان الحديث" وأستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل البريطانية، "لقد ارتكبت قوات الدعم السريع فظاعات في دارفور، ويثير تحركها بعد الإطاحة بالبشير ريبة الكثيرين، وخاصة المتمردين في دارفور".