محمد: الرصيف احتوانى وسأموت عليه.. وسر هروب طفل ال 12 عامًا يستغل الكثير طرق التسول المختلفة كوسيلة لكسب المال، لا يهمه أن يعيش مشردًا فى جنبات الشوارع، يلتقط قوت يومه، لكن الأهم هو القدرة على كسب مزيد من الأموال. عم «محمد، 61 عامًا» يبدأ يومه كل صباح بافتراش الرصيف أملًا فى أن يجد قوت يومه، لا يعتبر نفسه «شحاتًا» أكثر ما يعتبر نفسه عابر سبيل، لكن الأكثر غرابة هو عندما حاولت إحدى المؤسسات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى إيواءه فكان رده بالرفض القاطع. قصة «عم محمد» لم تكن الوحيدة بين عشرات القصص لمشردين رفضوا الانضمام لمؤسسات الإيواء تحت مبدأ أن الشارع ملجأهم الوحيد، ولا حياة لهم فى الملاجئ ودور الرعاية التى انضموا لها فى وقت سابق، وما وجدوا سوى عدم اهتمام وسوء رعاية ومعاملة من القائمين عليها بالشكل الذى أدى بهم إلى الهروب. «عم محمد» يقول: لم أجد إلا الرصيف الذى احتوانى وخدنى فى حضنه، ولا تقولى دور رعاية ولا غيره أنا هموت على الرصيف ده». حسب عم محمد المتشرد العجوز، والذى يفترش رصيف دار الأوبرا، فإن منظمة «معًا» لإيواء الإنسان حاولت إيواءه فى وقت سابق، فى أحد الدور الخاصة بهم، إلا أنه رفض بشكل قاطع، متخوفًا من سوء معاملة دور الرعاية للمشردين وكبار السن، فقرر الاستمرار على الرصيف. فى أحد أيام الشتاء، وبينما اشتدت موجة البرد فى شهر فبراير الماضى، تم العثور على «إبراهيم، 12 عامًا»، على أحد الأرصفة بالقرب من مترو «شبرا الخيمة»، على الفور قام الأهالى بالاتصال برقم الخط الساخن المخصص من وزارة التضامن الاجتماعى للتواصل فى حالة العثور على مشردين. ولم تمر ساعات معدودة حتى وصلت الفرق المخصصة وقامت باتخاذ الإجراءات المحددة قبل أن تحمل إبراهيم لأحد دور الإيواء المتخصصة، وفوجئ إبراهيم بنفسه داخل أحد الدور، ولم يكن مرتاحًا، ولذلك قرر الهرب والتخطيط لكيفية الخروج من الدار، وتمكن بالفعل من الهرب السريع، والأغرب ابتسامة الفرحة التى يقول إنها اعتلت وجهه، لعودته للشارع مرة أخرى، والرجوع على الأرصفة. «الشارع دا بيتى».. هكذا قالت «فوزية، 50 عامًا» لفرق الإنقاذ السريع الخاصة بإيواء المشردين، عندما حاولوا أخذها لدور الرعاية المتخصصة، ولم ينل فرق الإنقاذ سوى التوبيخ فى الليلة التى حاولوا فيها نقلها لدور الرعاية، على أمل العيش فى حياة كريمة وحقيقية بعيدًا عن حياة الشارع. تعيش الحاجة «فوزية» على عتبات حى باب الشعرية، ألفها الناس وألفتهم، تحصل على جرعة من العصير البارد من أحد محلات العصير صباحًا، وكأنه أمر متعارف عليه، بينما تفترش الشارع ببطانية خاصة بها حصل عليهم من أحد الباعة فى يوم من الأيام عطفا منه عليها، ولكنها تستخدمها صباحًا فى فرشها لوضع أموال المواطنين الذين يشفقون عليها. مع غروب الشمس، تبدأ فوزية فى لملمة بطانيتها، والمسامرة مع أصدقائها فى الشارع، والذين يألفونها كما تألفهم وتقول لهم: «أنا هنا من قبل ما تتولدوا»، بطانية أسفلها تلفها فوقها لتصبح طبقتين، وتساعدها فى تحمل برد الشتاء، ومع ذلك لم تطق ترك كل هذا واستمرت فى الشارع متشردة.
التضامن الاجتماعى يشير رئيس وحدة التدخل السريع بوزارة التضامن الاجتماعى، محمد يوسف إلى أنه على الرغم من كون الحملة حكومية وتحصل على تسهيلات من العديد من الجهات، إلا أن هناك تحديات تقابلهم أثناء عملهم، تتمثل هذه التحديات فى رفض الكثير من الحالات الذهاب إلى دور الرعاية، فضلًا عن قلة عدد دور الرعاية للمسنين والأطفال، حيث كان عددها 7 دور فقط عام 2014، ووصل عددها الآن إلى 14 دارًا، وهذا العدد غير كافٍ لاستقبال كل المشردين على مستوى الجمهورية». ويؤكد «يوسف» أن الحملة نجحت منذ تدشينها فى إعادة مئات الحالات إلى أهاليهم، عن طريق التواصل مع وزارة الداخلية والبحث من خلال محاضر التغيب والفقد وغيرها، فضلًا عن البحث على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى عن حالات التغيب، مشيرًا إلى أن وحدة التدخل السريع بوزارة التضامن تبحث دائمًا عن المزيد من التنسيق مع كل الجهات المعنية مثل وزارات الصحة والداخلية والعدل.
دور الرعاية كانت وزارة التضامن الاجتماعى بقيادة الدكتورة غادة والى، قد قررت تفويض مؤسسة «معًا لإنقاذ الإنسان» لإيواء المشردين الذين سيتم إنقاذهم. وكشف محمود وحيد مؤسس الدار، أنه تم التنسيق بالفعل مع وزارة التضامن الاجتماعى، والتى أوكلت للدار مسئولية إيواء المشردين من كل الجهات المعنية بالأمر، حيث يتم دخول كل المشردين إلى الدار لرعايتهم وبحث حالتهم الصحية والبحث عن أهاليهم فى المحافظات عبر مساعدة وزارة التضامن الاجتماعى. وأضاف وحيد: أنه تم رفع كفاءة كل مواقع الدار لاستيعاب المشردين بالتعاون مع كل الجهات المعنية.