زكى بدر: لابد للمحليات التعاون مع جميع الأجهزة لإزالتها وإظهار الوجه الحضارى للدولة على مدار 52 عامًا ورغم تولى العديد من الحكومات استمرت مشكله التعدى على الأراضى الزراعية بالبناء، ورغم تطبيق قانون رقم 7 لسنة 2018 حيث جاء بتعديل بمادتين فى القانون رقم 53 لسنه 1966 ينص على تغليظ عقوبة التعدى على أراضى الدولة بالحبس الوجودى مدة لا تقل عن عامين ولا تزيد على 5 أعوام، وغرامة مالية لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 5 ملايين جنيه، إلا أنه ما زالت مافيا البناء على الأراضى الزراعية قائمة بقوة حتى وصل سعر القيراط الواحد ل270 ألف جنيه بعدما كان سعره الأصلى لا يتخطى ال40 ألفًا، بل وصلت حيلهم إلى بناء المساجد فوق أسطح بعض العقارات للتحايل على الإزالة. أحدث التقاليع بناء المسجد على سطح المنزل بدلًا من كونه بالدور الأرضى، أحدث وسائل البناء على الأراضى الزراعية للفرار من إزالة العقار، فهذا المشهد أصبح مألوفًا ومعتادًا داخل قرى مركز السادات بمحافظة المنوفية. يقول أحمد حامد أحد أهالى قرية الخطاطبة بمحافظة المنوفية، وصاحب أحد العقارات المخالفة بالمنطقة أن المساجد لديها حرمتها التى تستطيع من خلالها التحايل على أصحاب القرار ولجنة الإزالة، وذلك بعد إعلان التبرع بجزء من المبنى أو بعدد من الأدوار الكاملة ليصبح مسجدًا أو جمعية شرعية تخدم المواطنين، وبعد إتمام البناء يبدأ المصلون فى التوافد بكثرة إلى المبنى حتى لا يستطيع أحد إزالة المبنى طالما بداخله مصلون، وفى أغلب الأحيان يتراجع المسئولون عن قراراتهم تجاه إزالة هذا العقار. تأجير البلطجية المعتاد لدى مافيا المقاولين استئجار بطلجية لحماية العقار أثناء البناء، ولكن الجديد تسجيله باسم البلطجى كما يؤكد محمد عبدالله المقيم بمركز ببا جنوب محافظة بنى سويف، ويقول: الآن مالك الأرض يستأجر بلطجيًا هاربًا من العدالة ويسجل باسمه العقار بعدها يبلغ المالك مشرف حماية الأراضى التابعة للجمعية الزراعية بالمركز ويحرر محضرًا رسميًا باسم البلطجى لكونه مالك المنزل أو قطعة الأرض، وفى حال وصول البلاغ إلى النيابة يفر البلطجى هاربًا، وتقع عليه العقوبة القضائية، وبعدها يبيع العقار إلى المالك الأصلى من جديد أو لأى شخص آخر، وبالتالى يتحمل عقوبة جديدة فى سجلاته الجنائية مقابل عشرات الآلاف من الجنيهات.
يقول محمد عبدالخالق محامٍ بمحافظة المنوفية مختص بقضايا النزاع والمخالفات الخاصة بالأراضى الزراعية، أن استخدام المسنين تقليعة جديدة أيضا حيث يكتب مالك الأرض عقدًا باسم أبيه أو جده، ومن ثم يكون محضر المخالفة باسم مسن، وفى معظم الحالات يستغلون النساء حتى لا تلقى مباحث التنفيذ القبض على النساء المسنات. يوضح ربيع رجب أحد أهالى قرية المنقدى بمحافظة المنوفية، أنه تم تحرير محضر مخالفة بناء على أرض زراعية فى فبراير من العام الماضى يحمل رقم 8576لسنة 2017 باسم جدته المسنة لتتم إزالة أسباب المخالفة بقرار من المحكمة فى جلستها الأولى. ويتابع: عارضنا الحكم بعد هدم الأساس وتم البناء مرة أخرى، فجاء الحكم على جدتى بالحبس لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه، ولكنها توفيت قبل التنفيذ وأجل المحامى القضية لمدة ثلاثة أشهر لحين استخراج شهادة الوفاة هذا الحكم، فقام المحامى حينها بتأجيل تحرير شهادة الوفاة لمدة 3 أيام حتى نستأنف القضية من جديد ويتابع رجب بعد الاستئناف مباشرة تم تقديم شهادة الوفاة للمحكمة كدليل على وفاة صاحب الدعوى، وبالتالى سقطت القضية وحفظ حكم الغرامة واستكملنا البناء. المتعارف عليه أن تكون التعديات على الأراضى الزراعية بجواز الأماكن العامرة بالمبانى ولكن على سيد المقيم بشما بمحافظة المنوفية، كسر القاعدة رغم بعده عن المبانى، حيث رأى أن مرض والده هو ملاذه الآمن للبناء وبالفعل بنى سور حول جزء من الأرض الزراعية وحرر محضرًا بالتعدى عليها بالبناء من قبل معارفه بالجمعية الزراعية وحمل المحضر رقم رقم1345 لسنة 2017 باسم والده الذى دخل فى غيبوبة نتيجة مرض الكبد الذى أكد الأطباء أنه فى مرحلته الأخيرة، وبالفعل توفى والده بعد شهرين من تحرير المحضر، وقتها كانت النيابة أحالت القضية إلى المحكمة بينما قدم المحامى شهادة وفاة صاحب القضية وبالتالى سقطت عنه واستكمل ابنه البناء فى أمان. ثغرات القانون يفيد خالد البدوى محامٍ بالاستئناف أن كل قانون توجد به ثغرات يتركها من يسنونه ليجد أصحاب الحيل منفذًا، فقانون التجريم الجديد لم يختلف كثيرًا عن قانون البناء على الأراضى الزراعية، وأن الإزالة فى المهد أرحم من ثبوت المحاضر، وهذا ما كان قائمًا بقانون البناء على الأراضى الزراعية، ويشير البدوى إلى توقف المسئولين عن حماية الأراضى بالجمعيات الزراعية من سن محاضر للمخالفين حتى أن بعض المبانى التى تم إزالتها كان من السهل بناؤها مرة أخرى عقب الإزالة، وجاء القانون الجديد ليغلظ العقوبة من سنة إلى 5 سنوات حبسًا وتغريم من 10 آلاف إلى 500 ألف، ولكن لم يسجل حتى الآن حكم نهائى لهذه الأحكام بالدوائر، ولم يكن القانون ذا أحكام رادعة لذا يكون من السهل على المحامين كسب القضية فى ساحات القضاء. بينما يؤكد المهندس سيد عطية رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضى، أن القانون يطبق منذ اليوم التالى لإصداره حيث صدر فى 25يناير لعام2018 لا يطبق بأثر رجعى، وأن الذى تم تحرير محضر له قبل هذا التاريخ يطبق عليه القانون القديم فقط. ولا أحد فوق القانون ويشير إلى أن تحرير المحاضر يأتى من قبل مسئول الجمعية. ويقول الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية الأسبق، ل «الصباح» إن ظاهرة بناء المساجد أعلى المبانى المخالفة تقليعة جديدة للفرار من إزالة التعديات على الأراضى الزراعية، مشددًا أن المحليات عليها دور كبير وأساسى فى تكثيف حملاتها بالتعاون مع جميع الجهات المختصة لإزالة التعديات التى باتت صداعًا فى الشوارع المصرية، والتى تشبه الوباء المنتشر للتخلص من العشوائيات والأبنية المخالفة وإظهار الوجه الحضارى الغائب.