الكيماوى غير متوافر..وأجهزة الإشعاع فى عطل دائم معهد ناصر لاينصر أحد اً..والصحة:تعاقدنا على صفقة أجهزة جديدة إذا كان البقاء على قوائم الانتظار لمرضى السرطان يعنى احتمالية موت محقق لهم، فالتوقف عن العلاج بسبب عدم تواجده فى المستشفيات الحكومية لا يختلف كثيرًا، فآلاف المرضى يفترشون الأرصفة يوميًا أمام معاهد ومراكز الأورام بجميع المحافظات وضواحيها فى انتظار الحصول على جلسة إشعاع أو جرعة كيماوى، لكن أحيانًا ينتهى بهم الحال بترديد الكلمة الحكومية المعتادة «طلبك ليس لدينا» أو «فوت علينا بكرة» والسبب عدم توافر العلاج أو تعطل أجهزة الإشعاعى. «فى كل جلسة للعلاج الإشعاعى أمضى طوال الليل فى الدعاء ألا أجد الجهاز به عطل».. بهذه الكلمات بدأت إخلاص إسماعيل، سيدة خمسينية، حديثها ل«الصباح» عن معاناتها مع أجهزة الإشعاع الذرى التى استمرت خلال رحلتها للعلاج من السرطان قائلة: «أعانى من سرطان البنكرياس منذ أكثر من سبعة أعوام، وجهاز المسح والإشعاع الذرى بمستشفى الدمرداش دائم العطل، وتتجاوز مدة أعطاله الأسبوعين، حتى تدمرت حالتى الصحية والنفسية بسبب تهاون الدولة فى علاجنا ولا أحد يشعر بآلامنا». التقطت أطراف الحديث هبة متولى، والدموع تسبق كلماتها مؤكدة أن والدها توفى نتيجة عطل جهاز الإشعاع بمعهد الأورام، وتأخير جرعة الكيماوى منذ عام. وتابعت: والدى كان يعانى من سرطان الدم وعلى الرغم من أن جهاز العلاج الإشعاعى عليه إقبال كبير إلا أنه كان دائم العطل ومن الممكن أن تتأخر الجرعة بالأسابيع، فتوفى والدى وما زال الجهاز يعمل أسبوعًا، ويتعطل أسابيع». قالت رودينا جابر، ابنه متوفى بمرض سرطان المعدة، عن معاناته بالمعهد القومى للأورام بالقاهرة: توفى والدى منذ ستة أشهر بسبب عطل جهاز الإشعاع بالمعهد، وفى إحدى المرات توقف الجهاز لمدة أسبوع كاملًا، وطوال هذه المدة كان والدى يعيش على المسكنات التى لا تجد معه أكثر من ساعتين. قطع غيار الحال فى معهد ناصر لا يختلف كثيرًا، هذا ما أكده غازى إبراهيم، والد الطفلة «هنا»، قائلًا: «ابنتى مريضة بورم فى غدد جدار المعدة توجهت فى بداية مرضها إلى معهد الأورام بدمياط ولكنه رفض علاجها متعللًا أن إمكانيات المعهد لا تصلح لاستقبالها، وتم تحويلنا إلى معهد ناصر بالقاهرة وتعطلت به الأجهزة أكثر من مرة». فقدت هناء متولى ابنها البالغ من العمر 8 أعوام الذى عانى ورمًا بالمخ، وقالت: علاج ابنى كان عبارة عن ثلاث جرعات كيماوى أسبوعيًا، وعندما كنا نذهب إلى المعهد بموعد الجلسة كانت تتأخر جرعات الكيماوى، أما جلسات الإشعاعى فلم تتم بالموعد المحدد فالمعهد يوجد به جهاز عطلان والآخر دائم العطل وإذا تم إصلاحه لا يعمل أكثر من يومين ومن هنا لم يتحمل مازن ابنى الوحيد وتوفى. نقص الكيماوى بداخل معهد ناصر تحديدًا داخل قسم الأورام، تجلس «مروة خالد» امرأة ثلاثينية منذ الصباح الباكر على سلالم المستشفى التى يغطيها التراب منحنية الظهر تخفى وجهها بكفوفها التى أرهقها الآ لم، فى انتظار جرعة الكيماوى التى انقطعت منذ أكثر من شهر، بحسب قولها، فهى تعانى سرطان الثدى وأجرت استئصالًا له منذ ستة أشهر، وتم تحديد جلسات كيماوى أسبوعيًا استكمالًا للعلاج. مواد مخدرة أما «سعاد محمد» فهى ابنة لسيدة خمسينية توفيت منذ أربعة أشهر بعد صراع طويل مع المرض دام لعدة سنوات، فذاكرة «سعاد» تأبى نسيان معاناة والدتها فى أيامها الأخيرة بعد تمكن الخلايا السرطانية من التكاثر بدمها بعد تأخر جرعات الكيماوى لمدة ثلاثة أشهر، وقالت: «والدتى كانت مريضة سرطان الدم «اللوكيميا» ونتيجة لنقص جرعات الكيماوى التى تعذرنا عن شرائها لضيق ذات اليد وبعد انضمامها لقوائم انتظار لا تنتهى، تعرضت لالتهابات ونقص فى الصفائح الدموية ونتج عنها نزيف شديد، ولم يتمكن الأطباء من السيطرة عليه فتوفيت على إثره على الفور». وأضافت: عانت والدتى بشدة، علاوة على أن الترامادول والمواد المخدرة المماثلة التى ينصح الأطباء بها مرضى السرطان كمسكنات للألم لم تكن متوافرة على الإطلاق وحصلنا عليها من السوق السوداء، حيث وصل سعر الشريط إلى 300 جنيه، وحباته لا تكفى لأكثر من 24 ساعة فى الوقت الذى كنا نحصل عليه مدعمًا ب 40 جنيهًا فقط. تعويم الجنيه أرجع الدكتور «محمود فؤاد» رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للحق فى الدواء، السبب فى نقص الأدوية الكيماوية بشكل رئيسى إلى تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه المصرى فى مقابل ارتفاع قيمة الدولار، ما دفع بشركات الأدوية للإحجام عن استيراد الأدوية باهظة الثمن وعلى رأسها عقاقير السرطان. من جانبه أكد الدكتور « محسن مختار» رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان ومدير وحدة الأورام بقصر العينى، أن معاناة مرضى السرطان فى مصر أوشكت على الانتهاء، حيث تم افتتاح 6 مراكز علاجية جديدة فى العام الماضى لاستقبال مرضى السرطان بالعديد من المحافظات، علاوة على المراكز والمستشفيات التى افتتحتها القوات المسلحة، وتم شراء 12 جهازًا إشعاعيًا ومسح ذرى جديدًا لتغذية مراكز ومعاهد الأورام بالقاهرة والمحافظات بالأجهزة الحديثة والمتطورة، لافتًا إلى أن التوزيع الخاطئ للمرضى هو السبب الأساسى فى إفساد النظام العلاجى للمرض فى مصر. من جانبه قال خالد مجاهد، المتحدث الإعلامى لوزير الصحة والسكان: إن الوزارة متعاقدة على صفقة لأجهزة الإشعاع بمعاهد الأورام، وسوف يتم الحصول عليها خلال الشهر الجارى. فى المقابل أكد الدكتور هانى راشد فى تصريحات خاصة ل«الصباح»، أن تعطل الأجهزة يحدث من حين لآخر على فترات متباعدة، ويتم عمل صيانات دورية لتك الأجهزة، نافيًا تأخر جرعات الكيماوى مع المرضى من قبل.