شهدت مدينة أسوان انعقاد الملتقى الدولى الثالث لتفاعل الثقافات الإفريقية خلال الفترة من 13 إلى 16 نوفمبر الجارى تحت عنوان (الثقافات الشعبية فى إفريقيا)، وتحت رعاية الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة والدكتور حاتم ربيع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والأستاذ حلمى شعراوى مدير مركز البحوث العربية والإفريقية، وبمشاركة 20 دولة إفريقية. وقد جاء انعقاد هذا المؤتمر انطلاقًا من إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى مدينة أسوان كعاصمة اقتصادية وثقافية لإفريقيا. وقد ارتكزت المناقشات التى شهدها الملتقى على عدد من الموضوعات ومنها: الثقافات الكبرى فى القارة ومكانة الثقافة الشعبية بها، الأدب الشعبى الشفاهى وتنوعاته، الفنون الشعبية فى إفريقيا، المرأة والثقافة الشعبية فى إفريقيا، التأثيرات المتبادلة بين الثقافات الإفريقية والأنواع الثقافية داخل إفريقيا وخارجها. وإلى جانب ما تحمله تلك الموضوعات من أهمية بالغة فى الوقت الراهن، فهناك عدد من الدلالات التى يمكن استنتاجها من انعقاد هذا الملتقى لعل أبرزها يتمثل فى الآتى: أن ثمة دورًا مصريًا جديدًا يفصح عنه انعقاد هذا الملتقى على الأراضى المصرية؛ ينطلق من سعى مصرى إلى الحفاظ على الثقافة الإفريقية فى ظل العولمة التى تعمل على تذويب الثقافات المحلية فى الإطار الغربى، فضلًا عن وجود العديد من الآثار الثقافية الاستعمارية التى لا تزال عالقة بكثير من مظاهر الحياة فى بعض الدول الإفريقية، والتى تتمثل أهم ملامحها فى التداخل بين اللغات الإفريقية واللغات الاستعمارية ومنها: اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية. ويعد هذا الدور استكمالا للدور الذى قامت به مصر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر والمتمثل فى مساندة العديد من دول القارة للتحرر من نير الاستعمار. إن العلاقات المصرية الإفريقية باتت أكثر متانة وعمقًا فى ظل انعقاد مثل هذه الملتقيات، فالحديث عن تلك العلاقات لم يعد مقصورًا على ذاك النوع من العلاقات المستند إلى التاريخ والجغرافيا المشتركين دون أن يكون للحاضر إسهام فى تشكيلها، بل امتد ليشمل آفاقًا أخرى تعطى للبعد الثقافى والشعبى دورًا مهمًا فى صياغتها. كما أن انعقاد هذا الملتقى يتواكب مع عودة ذاكرة القضايا المشتركة التى تجمع بين مصر وقارتها السمراء، فنجد أن القضية المحورية التى انصبت حولها مباحثات القادة الأفارقة فى القمة التاسعة والعشرين للاتحاد الإفريقى هى ذاتها القضية التى أضحت تمثل هدفًا قوميًا للدولة المصرية وهى الاستثمار فى الشباب باعتباره وقود بناء مستقبل الأمم. وأخيرًا فإن اختيار مدينة أسوان لاحتضان هذا اللقاء الثقافى يحمل أيضًا من الدلالات ما يستحق الإشادة، حيث إن هذه المدينة تتسم بالطابع الفرعونى، وتمثل جسرًا للتواصل بين مصر وإفريقيا، حيث تمثل البوابة مصر الأولى إليها.، كما أنها لا تزال حاضنة للنوبيين الذين حكموا مصر حوالى 80 عامًا. بالإضافة إلى المزايا التى تتمتع بها تلك المدينة باعتبارها إحدى أهم المحطات السياحية فى مصر، الأمر الذى يمكن أن يفتح آفاقًا لاستقطاب السياحة الإفريقية إلى تلك المدينة لاسيما فى ظل تخصيص طيران مباشر من الدول المختلفة إلى الأقصر؛ مما سيسهل عملية لتوافد العديد من الوفود الإفريقية لزيارة المعالم الأثرية بالمدينة.