فنى ميكانيكى ومهندس حاصل على إبتدائية وراء زيادة أسعار الأسماك اتفقوا على رفع الأسعار وتخزين الإنتاج.. والثروة السمكية تتجاهل الرقابة على المزارع بالمستندات.. مافيا المزارع وأباطرة التعديات يخططون لتعطيش سوق الأسماك مصادر: بروتوكول بين الزراعة والتموين لمنع التصدير يخدم حيتان الاستيراد قفزات كبيرة وغير متوقعة حدثت فى أسعار الأسماك،ويقف ورائها أسباب عديدة قد يكون أولها الاعتداءات على المسطحات المائية التى كانت تفيض على المصريين بقوتهم، بلا أدنى عناء، سوى الصيد. فقد قفز كيلو البلطى إلى 33 جنيهًا والبورى ل 55، والباغة ل 25 والسبيط 65، والبساريا إلى 15، الجمبرى (درجة أولى) 250 جنيهًا. الغلاء الفجائى، غير المبرر، قابلته وزارتا الزراعة والتموين بتوقيع بروتوكول يقضى إلى وقف التصدير وفتح باب الاستيراد، وهو ما فتح الباب لتساؤلات عدة بشأن إمكانية حل الأزمة من خلال هذا البروتوكول، لكن مسئولين فى الدولة أكدوا أنها حلول مؤقتة لأنها لا تفعّل 13.2 مليون فدان مائى تمتلكها مصر، بخلاف أنها تستورد نحو نصف مليون طن أسماك مجمدة سنويًا ب 400 مليون دولار. وبحسب البروتوكول وتصريحات مسئولى الزراعة فإن الوزارة ستسيطر على الأزمة، إلا أن الحقيقة تؤكد عكس ذلك، فبحسب بيان التعبئة والإحصاء فإن الإنتاج السمكى فى مصر كلها عام 2015 بلغ نحو 1.52 مليون طن فقط، وهو ما يكذب تصريحات رئيس هيئة الثروة السمكية بأن الوزارة تنتج نحو مليون و750 ألف طن، فالوزارة إذن لن تسيطر على الأزمة لأنها لا تملك السيطرة على الأسواق.
أسباب الأزمة ويوضح أحمد رشدى المغربى الأمين العام لنقابة صيادين دمياط والأمين العام لاتحاد نقابات صيادين مصر، أن الوزارة تتجاهل الأسباب الحقيقية وراء انخفاض معدل إنتاج الأسماك وزيادة الأسعار بالتحايل على ذلك بقرارات ستدمر الثروة السمكية أكثر، خاصة أن بعض أصحاب المزارع يخصصون مزارع للتصدير فقط تنتج أسماكًا لا تباع فى مصر إلا لقليلين، نظرًا لارتفاع أسعارها، وبذلك سيضطرون لغلقها. وكشف مصدر بوزارة الزراعة أن الأرقام التى تخرج من هيئة الثروة السمكية ما هى إلا أرقام على ورق، وأنها تتعارض مع بيانات التعبئة والإحصاء، خاصة أن مصر استوردت العام الماضى نحو 400 ألف طن من الأسماك، منها ب336 مليون دولار تونة، وب26 مليون دولار جمبرى، وب22 مليون كافيار.
الردم الرسمى وغير الرسمى فى كل العالم تعمل الدول على تنمية مواردها إلا فى مصر تقوم الدول بتقليص مواردها، ويأتى على رأس ذلك التعدى على البحيرات وتحويلها إلى مشاريع صناعية أو سكنية، وهو ما حدث فى كل من بحيرة بورفؤاد التى تحولت إلى ملاحة وبحيرة التمساح والبحيرات المرة فى السويسوالإسماعيلية وبحيرة المنزلة وإدكو ووادى مريوط، والتى تم ردم مساحات كبيرة منها لصالح مشاريع ومساحات سكنية. وفى قرية «الإسماعيلية» التابعة لمجلس قروى البرجاية إحدى قرى مركز المنيا بمحافظة المنيا، ظهرت عصابة ممثلة فى إبراهيم أبوالحسين إبراهيم إسماعيل وشهرته «إبراهيم غنوم»، 48 سنة، حاصل على الإعدادية، وقائم بأعمال شيخ ونائب عمدة، وابن شقيقه سعيد ربيع أبوالحسين إبراهيم وشهرته «سعيد غنوم» وإسماعيل سيد أبوالسباع «هارب»، وهو مدير منطقة الثروة السمكية، وعربى سلامة كامل «هارب»، وهو مدير الجمعية التعاونية الزراعية بالإسماعيلية، وهانى حسنى عمار «هارب» صراف، وفايز توفيق فتحى «هارب»، ويعمل دلالا، ومحمود على محمد إسماعيل «هارب» عمدة الإسماعيلية، وأحمد سعد الدين على «هارب» سكرتير الجمعية التعاونية الزراعية، وخليل عزيز خليل قلادة «هارب» عضو بالجمعية التعاونية الزراعية، حيث تعدى هؤلاء عن طريق البلطجة والنفوذ والتدليس على مساحة كبيرة من مسطح مائى «مستبحر مائى» تابع لهيئة الثروة السمكية وجمعية مصائد الأسماك بالمنيا، وردموا 28 فدانًا و10 قراريط و18 سهمًا بحوض الخور رقم 1 و2 بقرية الإسماعيلية، مما أدى إلى موت الأسماك بتلك المساحة فى أواخر عام 2011م، ومع بدايات عام 2012م، وبعد ذلك باعوا 10 أفدنة من المساحة المذكورة لبعض المواطنين.
ويؤكد الأمين العام لنقابة صيادى دمياط أن «معظم هذه البحيرات كانت تنتج كميات كبيرة جدًا يصدر منها للخارج إلا أنها أصبحت عاجزة عن سد الحاجة»، مشيرًا إلى أن مشاريع الاستزراع السمكى المنشأة حديثًا جاءت بغير دراسة، فتم وقف الكثير من المزارع التى تعمل منذ فترة لصالح المشاريع الجديدة، وهو ما أدى إلى حدوث فجوة نظرًا لعدم وجود الخبرة الكافية وعدم الإنتاج السريع الذى يحتاج إليه السوق.
الزريعة بدلًا من العلف عدم الرقابة الجيدة على البحيرات وعمليات الصيد العشوائية أحد أسباب الكارثة، التى كشف عنها البعض من أصحاب المزارع الذين رفضوا ذكر أسمائهم، فاعترفوا بأن هناك حيلة جديدة لجأ لها أصحاب المزارع، وهى تغذية سمك المزارع على أسماك صغيرة، وهو ما دفع الصيادين إلى صيد الزريعة والأسماك صغيرة وبيعها لأصحاب المزارع التى تنتج سمك القاروص». ويرى إسماعيل أبو عمر أحد أصحاب المزارع أن «الإجراءات التى اتخذتها الوزارة تعد سيرًا فى عكس الاتجاه، والأمر يؤثر على عمليات التصدير ل 10 سنوات مقبلة، خاصة أن خلق سوق فى الخارج يحتاج لسنوات، وهناك بعض الأنواع تربى للتصدير نظرًا لعدم استهلاكها فى الداخل؛ ما يعنى إغلاق تلك المزارع التى تنتج الدنيس والقاروص واللوت والموسى».
فساد الثروة السمكية وكشف الجهاز المركزى للمحاسبات، عن تسبب مسئولين بالثروة السمكية غير متخصصين، وهم فنى ميكانيكى، ومهندس زراعى وحاصل على ابتدائية فى فشل مشروع إنشاء المفرخ السمكى البحرى الجديد بالكيلو 21 بالإسكندرية فى إطار مشروع تنمية الاستزراع السمكى فى مصر بمراحلها الثلاث «تصميم الرسومات، إنشاء المفرخ، الإشراف على التنفيذ»، وكشفت المستندات عن تعاقد الثروة السمكية بالاتفاق المباشر مع معهد إيطالى لإنشاء المفرخ السمكى البحرى الجديد بالكيلو 21 بالإسكندرية، رغم أن هذا المعهد غير متخصص، ما تسبب فى تسليم رسومات هندسية وكراسة شروط ومواصفات غير مطابقة ومخالفة للقانون». وطالب الجهاز بالتحقيق مع المسئولين بالهيئة، مؤكدًا عدم اختصاص جهة التعاقد تسبب فى إهدار 38 مليون جنيه. كما تضمنت المخالفات مشروع إنشاء وتجهيز أقفاص سمكية وكرفانات عائمة بحرية بوادى مريوط، وأكد الجهاز «وجود عشرات المخالفات فى المشروع، تسببت فى توقف المشروع عدة مرات، والتأخر فى تسليم الأعمال، لتتم إحالة الموضوع للنيابة الإدارية، والتى كشفت عن إهدار 1.663 مليون جنيه لتغيير مواصفات الشباك، وإهدار 528 ألف جنيه قيمة 40 شبكة غير مطابقة، و652 ألف جنيه قيمة تحويل 10 مشايات». نفس الأمر شهده مشروع توريد وتركيب 4 أقفاص بحرية عائمة ومعدات عطس وتدريب كوادر وصيانة للأقفاص لصالح مشروع تنمية الاستزراع السمكى البحرى ببحيرة البردويل، الذى شهد توقفًا للأعمال أكثر من مرة، ومخالفة القوانين فى عمليات التعاقد. كشف تقرير جهاز المحاسبات أيضًا عن تعاقد الهيئة مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لإنشاء مزرعتين للأسماك بجهة أم شيحان ومطار العريس بقيمة 1.953 و2.079 مليون جنيه على التوالى بإجمالى 4.032 مليون جنيه، وتم تسليم الموقعين فى 14 مايو 2013 بمدة تنفيذ 5 أشهر، إلا أنه حتى تاريخه وفقًا للتقرير لم يتم استلام المزرعتين، وتبين أن الهيئة لم تقم بإعداد خطة مسبقة وجدول زمنى وإجراء الدراسات الكافية للمساحة والموقع والأعمال الإنشائية وصلاحية المياه الجوفية، والحصول على الموافقات والتراخيص». ولفت الجهاز إلى مشروع لإنشاء مفرخ سمكى بحرى بشمال سيناء تم إصدار أمر إسناد له برقم 49 فى 27 أكتوبر 2014 لشركة حلوان لمحركات الديزل بقيمة إجمالية 3.374 مليون جنيه بمدة تنفيذ 9 أشهر، إلا أنه لم يتم تسليم الأعمال فى موعدها، بتنفيذ 10فى المائة فقط من قيمة التعاقد». وكشف الجهاز أن مشروعات الهيئة للتنمية السمكية مهددة بالتوقف، لعدم قدرتها على تحقيق مستهدفاتها من خطة الإنتاج». ومثال لذلك، نوه التقرير إلى أن خطة تشغيل مشروع مريوط لموسم 2014-2015 تتضمن إنتاج 50 طن قراميط، و500 ألف أصبعية طوباره، و1.5 مليون أصبعية بلطى، و2 مليون مبروك عادى وحشائش، و500 ألف سمك لوت، و300 ألف أصبعية بورى بخلاف مستلزمات الأعلاف بواقع 750 طن علف 25 فى المائة بروتين، و100 طن علف أسماك بحرية، فى حين أن ما تم توفيره من تلك الأصناف هو 50 طن قراميط، و134 ألف أصبعية طوباره، و28 ألف أصبعية بورى، و81 طن علف 25 بروتين فقط». وكشف مصدر مسئول بالهيئة العامة للثروة السمكية، عن مخطط مافيا الاستزراع السمكى، حيث اتفق أصحاب المزارع على رفع السعر، وتقليل الكميات المطروحة فى السوق، وتخزين إنتاج مزارعهم، بهدف تحقيق ربح أكبر، بعد ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج السمكى، خاصة الأعلاف. وأشار المصدر إلى وجود تواطؤ بين الهيئة وأصحاب المزارع، فى تأجير تلك المزارع بسعر 500 جنيه للفدان الواحد، بدلًا من 3 آلاف جنيه، مؤكدًا أن 90فى المائة من المزارع التى يملكها رجال الأعمال تابعة للهيئة العامة للثروة السمكية. وأوضح أن قيمة إيجار جميع المزارع الخاصة بالهيئة لا تتعدى ال 26 مليون جنيه، يتم صرفها على المأموريات وإبرام العقود، حيث يؤجر الفدان ب 500 جنيه، فى حين يحقق أصحاب المزارع أرباحًا ضخمة نتيجة الاستزراع السمكى، وهو ما تسبب فى أزمة بين محافظ كفر الشيخ الذى طالب الهيئة برفع سعر تأجير الفدان إلى 3 آلاف جنيه، لكن الهيئة لم تلتفت للطلب. ولفت المصدر، إلى أن الهيئة لا تملك سوى 3 مزارع سمكية، وهى مزرعة الزاوية بمركز الحامول، ومزرعة برسيق فى البحيرة، ومزرعة المنزلة بالدقهلية، وأن إنتاج هذه المزارع تدهور بشكل كبير خلال الفترة الماضية.