أعضاء اللجان يسافرون لتخليص الصفقة على حساب المستورد «أكل وشرب ومصروف ».. والنتيجة تسمم المصريين أزهريون مهمتهم اعتماد مجازر تذبح وفق الشريعة .. تفرغوا«للفسحة » على حساب صاحب «السبوبة » مصادر: يتم التلاعب فى العينات أثناء الفحص.. والبحيرى: نأكل حيوانات قتلت رمياً بالرصاص أو صعقًا بالكهرباء رئيس الرقابة الصحية: المدن الجامعية والمستشفيات تستهلك اللحوم البرازيلية.. والزراعة: كله تمام
فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها الكثير من المواطنين، لجأ البعض لشراء اللحوم المستوردة «المجمدة» لانخفاض أسعارها نسبيًا عن اللحوم البلدية، وهذا ما فعله محمد وزوجته بإحدى قرى محافظة الفيوم، إذ قررا شراء اللحوم المستوردة، فى ظل معاناتهم المادية، وبعد تناول محمد وزوجته وطفلته للحوم مجهولة المصدر، شعروا ب«مغص» شديد فى أمعائهم، ليتم نقلهم على إثرها إلى مستشفى الحميات بالفيوم، لتلقى الإسعافات اللازمة، لتؤكد التقارير الطبية أن اللحوم هى التى أدت إلى تسمم الأسرة بالكامل، فتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة لتتولى التحقيق وبعد تحقيقات موسعة أثبتت النيابة فساد تلك اللحوم». وتكشف «الصباح» فى هذا التحقيق، عن وجود علاقة محرمة بين بعض مسئولى لجان الإشراف على اللحوم المستوردة، وبين المستوردين، إذ يسمح لهم بإدخال شحنات من اللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات، ما يتسبب فى تسمم المستهلكين وإصابتهم بأمراض خطيرة، فى ظل غياب الرقابة من الجهات المسئولة فى الدولة. أسرة محمد ليست الحالة الأولى، ولن تكون الأخيرة، نتيجة انتشار اللحوم الفاسدة فى مصر، وهناك عشرات المحاضر التى تم تحريرها من قبل مفتشى الطب البيطرى تكشف عن حجم اللحوم الفاسدة التى ضبطت بمختلف المحافظات خاصة الجيزة والإسكندرية والقاهرة. فيما أكد بيطريون ومسئولون سابقون، وجود تقاعس من قبل لجان الإشراف على اللحوم المستوردة، فى عمليات الكشف على الشحنات من دول المنشأ، وتمرير لحوم غير مطابقة للمواصفات، مشيرين إلى اتجاه الوزارة إلى إلغاء تلك اللجان وهو ما يمثل كارثة على المستهلك. فيما أوضح عدد من الأطباء البيطريين، أن أزمة لجان السفر البيطرية بدأت عام 2011 عندما تدخلت مافيا استيراد اللحم، فى أعمال الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وضغطت على متخذى القرار بتقليص عدد اللجان البيطرية التى تسافر للإشراف على عمليات الاستيراد، لتمرير اللحوم الفاسدة، مشيرين إلى أنه تم إلغاء اللجان البيطرية نهائيًا من دولة الهند ودول الاتحاد الأوروبى، وبقيت اللجان لدولة البرازيل وباقى الدولة لكن بصورة ضعيفة جدًا. فيما قال «أ. ع» دكتور وصاحب شركة استيراد، طلب عدم ذكر اسمه، إن عمليات الاستيراد تشهد فسادًا كبيرًا، يتمثل فى اللجان المشرفة، بالهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، التى يتم عقدها وتشكيلها، وأخذ القرارات فى الاجتماعات الخاصة بها من خلال رجال أعمال ومستوردين معروفين بالوزارة، ويحتكر أحدهم 90فى المائة من سوق استيراد اللحوم. وأضاف أن رجل الأعمال «المحتكر»، يتصل بمسئولى الوزارة ويطالبهم بعقد اجتماع للجنة لأخذ قرار معين، والموافقة على استيراد كميات معينة من الخارج، ويهدد المسئولين بالهيئة قائلًا «كل واحد يلتزم علشان منفتحش على بعض، والقرارات التى ستقرر فى اللجنة هى التى أطلبها». وأكد المصدر، أن جميع أعضاء اللجان التى تسافر لإجراء «ماستر فايف»، وهو عبارة عن معاينة المصنع الذى سيتم الاستيراد منه من تجهيزات وأدوات ومعدات وفقًا للمعايير والمواصفات الخاصة بذلك الشأن من عدمه، تربطهم علاقات مشبوهة مع المستوردين، وأن هناك مسئولين بعينهما يسافران جميع المعاينات الخاصة بشركات معينة، أحدهما مسئول بإدارة الخدمات والإرشاد بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، وهو الدكتور «ع. ع»، والآخر مسئول بالإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة. وأشار مسئول بمعهد بحوث صحة الحيوان «معمل تحليل عينات التحصينات»، إلى أن المسئولين بالهيئة يتعمدون إخفاء هوية العينات الخاصة باللحوم المستوردة، عبر تسمية العينات بأرقام وليس بأسماء الشركات، وهو ما يصعب على المعهد معرفة الشركات المخالفة لتقديمها إلى الجهات الرقابية. وعن مهام اللجان البيطرية يقول الدكتور لطفى شاور مدير مجازر السويس السابق، إن هناك 3 وظائف لتلك اللجان، أهمها تطبيق شروط الجودة للموافقة الاستيرادية، والتى تتضمن التأكيد على أن الحيوانات المستوردة لا تتعدى أعمارها 30 شهرًا، وأن وزن الحيوان لا يقل عن 300 كيلو، بالإضافة للإشراف على عملية الذبح الإسلامى، لأن معظم مجازر دول البرازيلوالهند تستعمل الصعق الكهربائى وطريقة الصدمات والضرب بالرصاص فى الرأس للسيطرة على الحيوانات التى تكون بأعداد كبيرة، وكذلك لتقليل الجهد والوقت فى عملية الذبح، ولزيادة وزن الحيوانات فى عمليات التصدير، والإشراف على عملية الكشف لتحديد صلاحية اللحوم من عدمه. وأضاف «شاور» أن اللجنة تتكون من 5 أعضاء، كان كل عضو منهم قبل ثورة يناير 2011 يوقع باسمه على كرتونة اللحوم التى قام بفحصها ليتحمل مسئولية صلاحيتها من عدمه، لكن بعد الثورة تغيرت الأمور وأصبح المستوردون هم المسيطرون على عمليات الاستيراد. وأشار إلى أنه منذ عام 2011 بعد إلغاء لجان السفر لبعض الدول المصدرة، بدأت مافيا اللحوم، فى استيراد نفايات العالم من اللحوم، واستمرارًا لمسلسل الإهمال فإن الهيئة والوزارة تقومان بمعاينة المجازر المسموح لها بتصدير اللحوم لمصر مرة واحدة كل 3 سنوات وإعطاء المجازر إجازة للتصدير لمدة 3 سنوات، كما يتم اصطحاب علماء الأزهر فى رحلات سياحية لاعتماد المجازر من حيث الذبح الشرعى دون أى متابعة. واستطرد قائلًا: «نتيجة مشاركتى فى هذه اللجان لمعاينة المجازر، ومن خلال تقارير السفر المقدمة لرئيس الهيئة ووزير الزراعة فجميع هذه المجازر تستخدم الصدمات ( كهربائية أو ميكانيكية ) فى عمليات الذبح لاختصار الوقت والجهد ومحاولة زيادة وزن الحيوانات بالدم المسفوح المحرم على المسلمين. وتساءل الدكتور هشام البحيرى، عن كيفية ضمان وزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية نزاهة تلك اللجان المشرفة على عمليات استيراد اللحوم، وهى تحصل على جميع بدلات السفر من المستوردين بالعملة الصعبة «الدولار»، وكذلك تذاكر الطيران، والإقامة أثناء السفر على حسابهم، وفسح ومصروفات جيب طول مدة التواجد بالخارج وشراء ما يريد على حساب المستورد. وأشار إلى أن الوضع السليم هو أن تتحمل الدولة تكاليف سفر أعضاء هذه اللجان، لضمان استقلال الأطباء البيطريين، مضيفًا أنه إذا كان لهذه اللجان قيمة، فكيف نجحت مافيا الاستيراد فى إدخال لحوم فاسدة، وحيوانات مذبوحة بعمليات الصعق الكهربائى فى وجود رقابة وإشراف من هذه اللجان. وأوضح «البحيرى»، أن هناك إجراءات محددة لاستيراد اللحوم من أى دولة فى العالم، وأن هناك 3 جهات مصرية تفحص صفقات اللحوم قبل السماح بدخولها للبلاد، ولكى تكون صفقات اللحوم سليمة، ومطابقة، لابد من زيارة المزارع أولًا، وفحص الحيوانات الحية، للتأكد من سلامتها وخلوها من الأوبئة والأمراض، وتحديد أعمارها، كما يتم فحص اللحوم بعد الذبح، للتأكد من أنها خالية من مسببات الأمراض «كالسل، والفيروسات، والطفيليات». فيما أكد مصدر فى وزارة التموين أن الوزارة تستورد آلاف الأطنان سنويًا، وتوزع على المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة، مشيرًا إلى أن هناك كميات أخرى يتم استيرادها من السودان، وأنها تخضع للإشراف الطبى بشكل مشدد، و توزع على مختلف المحافظات. فيما كشف أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية أن مصر تستورد من 700 ألف إلى مليون طن سنويًا، توزع على الكثير من المنافذ منها مصانع اللحوم ومنها الجمعيات الاستهلاكية ووزارة التموين والصحة وجميع الهيئات المستهلكة للحوم. وأكد شيحة أن اللجان التى يتم تشكيلها من الوزارات الثلاث الزراعة والصحة والصناعة والتجارة لا جدوى منها وأنها مجرد سبوبة يتم الانتفاع بها، نظرًا لأن هذه اللجان تسافر على حساب المستورد، وهو ما يضع علامات استفهام حول جدواها ومدى قدرتها على تشديد الرقابة، فى حين أن من ينفق عليها هو المستورد الذى يتولى جميع التكاليف والحجز والمأكل والمشرب. يأتى ذلك فى ظل تأكيد الدكتور نبيل ياسين أستاذ ورئيس قسم الرقابة الصحية بجامعة القاهرة بكلية الطب البيطرى، أن المدينة الجامعية بالقاهرة وجميع المدن الجامعية والغالبية العظمى من المستشفيات الحكومية تستهلك اللحوم المجمدة الواردة من البرازيل، وأن جميع المنتجات التى تصنع وتدخل الفنادق المستشفيات تصنع من اللحوم المجمدة، وأن ارتفاع أسعار اللحوم المحلية يحول دون استهلاكها فى المدن أو المستشفيات أو الفنادق. وأوضح الدكتور نبيل عبدالمقصود مدير مستشفى قصر العينى الفرنساوى، أن المستشفى يستعمل اللحوم المحلى وأنه لا يعلم ماهية اللحمة المستخدمة فى باقى المستشفيات، مشددًا على أن الرقابة على اللحوم والوجبات الغذائية نظرًا لأهميتها التى تتعلق بصحة المريض، وأنها تخضع لرقابة شديدة. من جانبه قال حامد عبدالدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن الكميات المستوردة على مدار العام الماضى بلغت نحو 160 ألف طن من البرازيل، مؤكدًا أن وزارة الزراعة لا تقوم بالاستيراد، وإنما ينحصر دورها فقط على الإشراف من الناحية الطبية، مضيفًا أن الوزارة استأنفت عمليات الاستيراد مرة أخرى. وأضاف «عبدالدايم»، ل«الصباح»، إنه لا يتم الاستيراد إلا من خلال المجازر المعتمدة من خلال اللجان البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، والتى تحدد المجازر المطابقة لطرق الذبح الإسلامى من خلال المركز الإسلامى فى تلك الدول، وأن هذه اللجان تسافر بصفة دورية للدول التى يتم الاستيراد منها. وأشار إلى أنه أيضًا هنا 3 جهات تشرف على عمليات دخول اللحوم المستوردة عبر الموانئ المصرية، وهى هيئة الخدمات البيطرية والرقابة على الصادرات والواردات والجمارك»، والتى تأخذ عينات من اللحوم بمجرد وصولها إلى الموانئ المصرية لتحليلها كل جهة فى معاملها الخاصة، للتأكد من مطابقتها للمواصفات، وأن أى شحنات مخالفة يتم رفض دخولها للبلاد وعودتها مرة أخرى إلى الدولة المصدرة، وهناك عشرات الشحن التى رفض دخولها لعدم مطابقتها للمواصفات، لإصابتها بتجمعات دموية.