مطالب بتفعيل قانون «التسعير الجبرى» و«تحديد الأرباح».. وحبس الممتنعين عن الإنتاج 5 سنوات أثار قرار الحكومة الأخير الخاص بتحريك سعر صرف الجنيه أمام الدولار، أزمة كبيرة فى قطاع الدواء، وذلك لارتباط توزيع الأدوية واستيراد المواد الخام المستخدمة فى تصنيعها على «العملة الصعبة»، وهو ما دفع شركات الأدوية الكبرى للتحذير من خطورة «التعويم» على توافر الأدوية فى المستشفيات والصيدليات. وكان البديل الوحيد المتوافر لمواجهة تلك الأزمة أن توفر الحكومة الدولار بسعر مدعم لشركات الأدوية من أجل الاستيراد، وتحقيق أرباح مناسبة، أو رفع أسعار أصناف الأدوية للمرة الثانية، وهو الأمر الذى رفضه وزير الصحة، الدكتور أحمد عمادالدين، والذى أعلن أنه لا زيادة فى أسعار الأدوية قبل شهرين. ودفع إعلان «عمادالدين» بعدم وجود أى زيادة فى الأسعار، عدد من شركات الأدوية للبدء فى تخزين كميات كبيرة من «الأنسولين» المستورد الذى يحتاج إليه 12 مليون مصاب بمرض «السكر»، وهو ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى للتدخل شخصيًا لوقف تلك الخطوة الخطيرة. وكشفت مصادر مطلعة ل«الصباح»، أنه فور علم مؤسسة الرئاسة بتحركات شركات الأدوية لتخزين «الأنسولين»، ووصول تقارير عاجلة من وزارة الصحة عن ذلك، كلف السيسى، وزير الصحة، بالتصدى للأزمة، وأصدر تعليمات فورية بأن تتوقف الشركات المصرية عن تصدير «الأنسولين» للخارج، وأن يتم توفير العقار الذى يتم إنتاجه لصالح السوق المصرية للصيدليات والمستشفيات الحكومية. وبعد تنفيذ تعليمات «السيسى»، أعلنت وزارة الصحة، ممثلة فى الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، عن توافر 3 ملايين و940 ألف عبوة من «الأنسولين» تكفى لمدة 7 أشهر، كما تم رفع حصة الصيدلية الواحدة لعشر عبوات على الأقل، وذلك اعتبارًا من الأربعاء الماضى. ورغم تدخل «السيسى» الذى أنقذ مرضى «السكر» من اختفاء «الأنسولين»، إلا أن شركات الأدوية لجأت إلى التلاعب فى إنتاجها، بل وتقليله إلى النصف، وهو ما دفع خبراء إلى التحذير مما وصفوه ب«مجاعة دوائية» خلال شهرين، وطلبوا الرئيس بالتدخل فى الأمر. وأكد محمود فؤاد، مدير مركز «الحق فى الدواء»، ما كشفته المصادر المطلعة ل «الصباح»، وقال إنه بعد تدخل الرئاسة لحل الأزمة، توقفت شركات الأدوية المصرية الكبرى مثل «فاكسيرا» و«النيل العامة» و«سيدكو» عن تصدير «الأنسولين»، واتفقت على تغطية السوق بكل احتياجاته من العقار، وبفعل تم تنفيذ القرار، فضلًا عن توزيع مليون عبوة من العقار على الصيدليات. وحذر «فؤاد» من المساس بعقار «الأنسولين»، خاصة أن هناك 12 مليون مصاب بمرض «السكر»، ويحتاجون إليه بشكل ضرورى، مشيرًا إلى أن المركز رصد حركة غير طبيعية لتخزين العقار فى المنازل، خوفًا من اختفائه، فضلًا عن ظهوره فى السوق السوداء بأسعار مضاعفة. وأوضح أن الشركة المصرية تستورد «الأنسولين» الخاص بالشركات الأجنبية، والتى تستحوذ على أكثر من 70٪ من المبيعات، نظرًا لانفرادها بالسوق المصرية، وذلك بعد أن وضعت وزارة الصحة عراقيل كبيرة أمام الشركات المصرية المصنعة ل«الأنسولين» لسنوات، ما مهد لاحتكار الشركات الأجنبية للسوق، وتكبيد الدولة المصرية ملايين الدولارات فى الاستيراد. ونوه إلى أن المركز تواصل مع شركة «سيدكو» التى أكدت بدئها فى مد الأسواق باحتياجاتها، ووجود تشغيلات عديدة سيتم ضخها خلال يومين، بواقع 300 ألف عبوة، لتغطية النقص، والحفاظ على حياة المرضى، وأعلنت التزامها أمام مسئولين بالدولة خلال اتصالات تمت بينهما، بتغطية أى نقص، وتوقفها عن التصدير. وحذر الدكتور إسلام زينة، عضو تيار الاصلاح المهنى بنقابة الصيادلة، من خطورة اختفاء «الأنسولين»، خاصة أن مصر فى المركز الثامن عالميًا فى الإصابة بالمرض، موضحًا أن الاستيراد يغطى 95 فى المائة من الاستهلاك المحلى للعقار، فيما لا يغطى الإنتاج الوطنى سوى 5 فى المائة من الاحتياجات. وكشف أن معظم شركات الأدوية توقفت عن 50فى المائة من إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار الدولار، محذرًا أن مصر ستدخل فى مجاعة دوائية، بسبب النقص الشديد فى المواد الخام المستخدمة فى تصنيع الأدوية»، وتابع: «حاليًا هناك مخزون لدى الشركات، وبعد شهرين ستحدث الكارثة»، منوهًا إلى أن شركات الأدوية تتلاعب فى إنتاجها منذ إعلان وزير الصحة عدم وجود زيادة فى الأسعار قبل شهرين من الآن. فيما طالب الدكتور هانى سامح، الخبير الدوائى، الحكومة وأجهزتها الرقابية بالاستيقاظ والضرب بيد من حديد على كل من يمتنع عن بيع الدواء، سواء الشركات الخاصة، أو شركات قطاع الأعمال، أو مخازن الأدوية، داعيًا إلى تفعيل المادة 9 من القانون رقم 163 لسنة 1950 بشأن «التسعير الجبرى» و«تحديد الأرباح»، والمعدلة بالقانون 128 لسنة 1982. وتنص على أن يعاقب بالحبس 5 سنوات كل من باع سلعة مسعرة جبريًا أو محددة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو بربح يزيد على السعر أو الربح المحدد، أو امتنع عن بيعها بهذا السعر أو الربح أو فرض على المشترى شراء سلعة أخرى أو علق البيع على شرط آخر مخالف للعرف التجارى. وأشار إلى أن هناك شركة قطاع أعمال شهيرة مختصة بتوزيع وتجارة الدواء، ومتهمة بالفساد فى ملف ألبان الأطفال، تصدرت الممتنعين عن بيع الأدوية المستوردة المهمة للمرضى، وحذرت موظفيها من البيع وهددتهم بالعقاب، وذلك رغبة منها فى تعظيم استثمارها والتربح فى انتظار رفع الأسعار.