تل أبيب عرضت مبالغ باهظة لشرائها مسبقاً لكن تم الرفض وسربت يبدو أن الفساد لا يزال قاطناً داخل أروقة وزارة الزراعة، فالفساد فى هذه الوزارة - التى أسست فى قصر الأميرة فاطمة بنت الخديو اسماعيل- لم يعد مقصورًا على حدودها الأربعة بل امتد أيضًا إلى تراث وتاريخ الأصول العربية، حيث محطة الزهراء للخيول العربية. حصلت «الصباح» على وثائق تكشف فسادًا وتلاعبًا فى أنساب الخيول، بالإضافة إلى سرقة السائل المنوى للخيول الموجودة والتى تعد أشهر الخيول فى العالم العربى، ولا يخلو الأمر أيضاً من فساد مالى، وهو ما تكشفه السطور القادمة وفقًا لمستندات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة، والتى تحقق فيها جهات رقابية، ولجان من وزارة الزراعة أيضًا. البداية من مستندات رسمية صادرة عن من محطة للزهراء التابعة للهيئة الزراعية المصرية التابعة لوزارة الزراعة، تفيد بأن هناك عملية تزوير «فجة» وخروج طلائق (خيول) تقدر قيمته بملايين الجنيهات من أرض محطة الزهراء إلى المزارع الخاصة، ومنها إلى المشرحة بعد مرضها ونفوقها فور رجوعها إلى المحطة، وأن هناك محاولة من مسئولين بوزارة الزراعة للتكتم على هذا الفساد، والتراجع عن قرارات من شأنها ضبط المسئولين عن هذه المخالفات، المذكرة مكتوبة بخيط اليد، ومقدمة من أصحاب مزارع الخيول، إلى وزير الزراعة عصام فايد، والتى جاء بها أن هذه المذكرة مقدمة إلى وزير الزراعة؛ لتوضيح الأخطاء التى تحدث فى مكتب التسجيل بمحطة الزهراء، والمتسبب فيها رئيس المكتب تيرهان متوكل وأيمن سعد. وأكدت المذكرة أن هذه الأخطاء أدت إلى الإضرار بسمعة مصر عالميًا وفقد المصداقية لدى المنظمة العالمية للخيول العربية الأصيلة، فلقد وصفت هذه المنظمة الخطابات المزورة بالتزوير الفج وطلبت من الوزارة سرعة التحقيق واتخاذ الإجراءات الرادعة لمن قاموا بأعمال التزوير، موضحة أن ما حدث يؤثر سلبًا على الحظر على تصدير لخيول ويعوق الإجراءات التى تم اتخاذها من قبل الوزارة برفع الحظر عن تصدير الخيول العربية، الصناعة التى تدر سنويًا اثنين ونصف مليار دولار فى حالة نجاح الوزارة فى تصدير الخيول العربية المصرية، مؤكدين أن حجم صناعة الخيول فى مصر يصل إلى عشرين مليار دولار سنويًا. وكشفت المذكرة عن العديد من المخالفات التى تجرى فى مكتب التسجيل بمحطة الزهراء، منها التأخير فى سحب العينات من المزارع رغم تسديد المربين للمصاريف الخاصة بتحاليل «D N A»، بالإضافة إلى سحب العينات من المزارع والتأخر فى إرسالها للمعامل المختصة بهذا العمل. وشملت المخالفات عدم إبلاغ المربين بنتائج العينات، والتأخر فى إرسالها من المعامل بالسلب أو الإيجاب، وعدم إبلاغهم بأى تغيير فى قيمة ال «D N A»، أو الرسوم المستحقة على الاشتراكات السنوية، وعدم الإبلاغ بشكل رسمى أن المهلة المتاحة لتسديد ال «D N A» من تاريخ المواليد للفرسات، وإهدار شهادات أنساب لبعض الخيول دون التأكد من صحة بعض تلك الأنساب، ووجود أخطاء فى تحاليل البصمة الوراثية الخاصة ببعض الخيول، وعدم وجود تنسيق بين مكاتب التسجيل ومعظم المربين، وعدم تقديم الخدمات الواجب تقديمها لأصحاب المزارع وذلك مقابل الاشتراك السنوى. وأكدت المذكرة أن وزير الزراعة حول المربين إلى الدكتور مسعد قطب رئيس الهيئة الزراعية المسئولة عن محطة الزهراء للخيول، والذى أكد أنه اتخذ كافة الإجراءات اللازمة، لكن تم تجميد هذه القرارات والتى على رأسها جرد فورى لمكتب التسجيل من قبل المسئولين لحين دراستها بالوزارة. وأكد أحد أصحاب مزارع الخيول المتقدمين بالمذكرة إلى الوزير طلب عدم ذكر اسمه، أن رئيس الهيئة الزراعية مسعد قطب اتخذ قرارًا بتسليم إدارة التسجيل إلى لجنة للحصر ووقف المسئولة عن الإدارة المتهمة بالتزوير، ولكن بدون إبداء أى أسباب جمدت الوزارة القرار فى محاولة منها للتكتم على الفساد. وتساءل صاحب مزرعة خيول: من وراء التستر على هذه المهزلة التى تهدد مستقبل تراث مصر من الخيول المصرية الأصيلة؟، وهل يعقل أن يسند إلى المزورين مهمة تعتمد على الأمانة وهى تسجيل الأنساب؟ خاصة وأن هؤلاء المتهمين بالتزوير صدرت ضدهم أحكام للتلاعب فى أنساب الخيول من قبل ولكن الواضح أن الوزارة لها رأى آخر غير المصلحة». وفى السياق نفسه، أكدت مستندات حصلت «الصباح» على نسخة منها، أن الدكتور مسعد قطب رئيس الهيئة الزراعية شكل لجنة بالقرار رقم 267 بتاريخ 17 يوليو 2016، لجرد وتفتيش أعمال الإدارة العامة لتسجيل الخيول، برئاسة الدكتورة شيرين إدوار فهمى مدير عام الإدارة العامة للتربية؛ لجرد جميع الأعمال المتأخرة بالإدارة العامة لتسجيل واقتراح جدول زمنى لإعادة تنظيم العمل بالإدارة مع رفع اللجنة محضرها لرئيس الهيئة للاعتماد. وعلى الرغم من مجازاة الدكتورة تيرهان متوكل عبد العزيز موسى بالخصم 15 يوما من راتبها، وفقًا للقرار رقم 462 لسنة 2013، والذى أشار إلى إنهاء عملها بقسم التسجيل بمحطة الخيول العربية الأصيلة بالزهراء بسبب مخالفة القوانين وإصدارها شهادات نسب لبعض الخيول المباعة بالمزادات الخاصة بالمحطة دون التأكد من صحة هذه الأنساب، وتسببها فى وجود أخطاء فى تحليل البصمة الوراثية الخاصة بالخيول بالنسبة للأب والأم معًا، إلا أنها عادت من جديد إلى القسم بتدخلات من مسئولين كبار، وكررت نفس المشكلات. حيث كشفت مذكرة صادرة عن مدير عام الإدارة العامة للتربية بتاريخ 13\7\2016، عن وجود أخطاء وردت فى قائمة العائلات التى تقدمت بها الدكتورة تيرهان متوكل المكلفة بأعمال مدير إدارة التربية بالإدارة العامة للتربية. شمل الفساد بالهيئة أيضًا وفقًا للمستندات التحقيقات الجارية مع الطبيب البيطرى أيمن سعد عبدالحميد بشأن استخدام بيانات الإدارة العامة لتسجيل الخيول والمشاركة فى مهرجانات خيول خارج الهيئة الزراعية المصرية بدون موافقة الهيئة على ذلك. سرقة السائل المنوى للخيول المميزة لقاء صدفة أثناء عرض خيول بالمحطة بين رئيس الهيئة الزراعية مسعد قطب، وأحد مربى الخيول يدعى طارق حمدى صاحب مزرعة الفريدة للخيول، كشف مصدر حضر الاجتماع عن تفاصيل هذا اللقاء، والتى تدور حول وجود قضية فساد كبرى داخل المحطة، وهى سرقة السائل المنوى للخيول المميزة بالهيئة. طارق حمدى صاحب المزرعة، قال إنه أبلغ رئيس الهيئة استعداده؛ لتجميع السائل المنوى لذكور الهيئة المميزة، مشيرًا إلى أن هذ الاقتراح ليس الأول من نوعه، لكن معمل مزرعة الفريدة قام بتجميع 3600 «استروة»، و«الاستروة» عبارة عن أسطوانة بلاستيك صغيرة تحتوى على السائل المنوى، وهو ما أثار رئيس الهيئة مسعد قطب. وكشف المصدر، أن محطة الزهراء أرسلت لصاحب مزرعة الفريدة أهم 3 طلائق لديها هى «رواح وسراج الدين وبيضون» منذ عام ونصف العام، مؤكدًا أن هذه الطلائق لا تقدر بثمن وسبق أن عرضت إسرائيل شراء أحد هذه الطلائق بأى مبلغ، وبعد الانتهاء من تجميع السائل المنوى حضر طبيب من الهيئة الزراعية دون خطاب رسمى للمزرعة وأخذ السائل المنوى، ومن وقتها لا يعرف أحد عنه شيئًا. وأضاف المصدر، أن معمل مزرعة الفريدة قام بتجميع السائل المنوى بدون أى مقابل للمساهمة فى الحفاظ على جزء من تاريخ مهم لمصر حيث لا يوجد بالمحطة معمل لتجميع السائل المنوى، وقال حمدى لرئيس الهيئة إن محطة الزهراء أرسلت له منذ عام أحد الأطباء استلم تلك الكميات الكبيرة من السائل المنوى وأن رئيس المحطة اتصل به وطلب منه تسليم السائل شفويًا». وأكد المصدر أن الواقعة اكتشفت بالصدفة فى منصف شهر يونيو الماضى، وأن رئيس الهيئة أعطى تعليماته للعميد طارق وفا رئيس المحطة بالبحث عن السائل المنوى، ومن الشخص الذى استلمه شفويًا من مزرعة الفريدة، لكن الأخير تقاعس فى عمليات البحث، مما دفع رئيس الهيئة الزراعية مسعد قطب إلى تشكيل لجنة من 5 أطباء اثنين من معهد تناسليات الهرم و3 أطباء من المحطة، وأرسل اللجنة فى ذلك الوقت للقائم بأعمال الهيئة الزراعية عصام مطاوع إلا أن اللجنة لم يتم تفعيلها. وأكد المصدر أن تجميع السائل المنوى وحفظة فى النيتروجين يجعله يعيش أكثر من 100 عام ويمكن استعماله فى أى وقت، متسائلًا «هل سوف تظهر نتائج التحقيقات ويتم تحويل الموضوع إلى النيابة العامة أم سيختفى الأمر كما حدث منذ عام ونصف العام؟».