«الحق فى الدواء»: الصحة تتعاقد على العقاقير بنظام المناقصات.. واحتمال وصوله لمحافظات أخرى وارد الأفاستين مسجل فى مصر لعلاج الأورام وليس للعيون.. والعبوات لم تعرض على الرقابة الدوائية ما زالت الاستهانة بحياة وصحة المواطن مستمرة، ويوم بعد يوم تتكشف الكوارث عن مدى الإهمال الذى يضرب قطاع الصحة، وكان أحدثها فقد عدد من المواطنين لبصرهم بعد تلقيهم لعقار «الأفاستين» بمستشفى رمد طنطا، وكان سبب الإصابة مشكلة فى تعقيمه من قبل الشركة الموردة، وهو ما كشفه وزير الصحة الدكتور أحمد عماد، بأن العقار دخل إلى المستشفى بشكل غير شرعى، وهو ما يؤكد ضعف منظومة الرقابة بالوزارة خاصة فيما يتعلق بالعقاقير التى تدخل مستشفياتها. وبحسب محمود فؤاد، مدير مركز الحق فى الدواء، فإن «الأفاستين» مسجل بوزارة الصحة، ويتم استخدامه فى أغلب دول العالم لمعالجة مرضى الرمد بما فيها أمريكا، ولكن منظمة الغذاء والدواء الأمريكية fda لم تعتمد هذا العقار لأسباب طبية، وكذلك منظمة الصحة العالمية، إلا أنه يتم استخدامه نظرًا لانخفاض سعره عالميًا، وتلجأ له معظم وزارات الصحة فى الدول المختلفة، وفى مصر يتم استخدامه ضمن قائمة مثائل الأدوية». وبعيدًا عن أن التساؤل عن تسجيل عقار الأفاستين فى وزارة الصحة وعن اعتماده دوليًا، يكشف فؤاد أن «العقار مسجل فى مصر لعلاج الأورام، وليس للحقن فى العيون»، مشيرًا إلى أن كارثة أخرى تتضمنها القضية، وهى أن المستشفى الذى حدث فيه حالات العمى، حكومية، وهى تلجأ للتعاقد على العقاقير عن طريق المناقصات الرسمية التى تعقدها وزارة الصحة، بمعنى أن الأفاستين الذى تسبب فى عمى المواطنين بمستشفى طنطا، هو نفسه الموجود فى مستشفيات الرمد بباقى المحافظات، من الإسكندرية حتى أسوان، مستنكرًا قول وزير الصحة بأن (هذا العقار دخل مستشفى رمد طنطا دون علم وزارة الصحة)، ومشددًا على أن العقار فى صيدليات وزارة الصحة، والأطباء يسحبونه من الصيدليات عبر (أورنيك) شخصى لإعطائه للمرضى». ويشير فؤاد إلى أن هناك خطوات للتسجيل حتى يصل العقار للمرضى، تتقدم أولًا الشركة بطلب للوزارة، وبعد الموافقة تطالب الوزارة الشركات ب500 ألف عبوة من العقار، لتحضّر الشركة عبوات خاصة حسب القانون، خاصة بوزارة الصحة، لأن الشركة يتم منعها من طرحه فى الصيدليات، وهنا تقوم هيئة الرقابة الدوائية بالكشف عليه والتفتيش أيضًا وهذا ما لم يحدث». ويوضح الدكتور أحمد الدمرداش، خبير صيدلى فى تركيبات الأدوية، أن «هناك خطأ كبيرًا تسبب فى عمى المرضى فى مستشفى رمد طنطا، حيث يجب أن يتبع تكتيكًا معينًا فى تعاطى العقار، فعقار الأفاستين يأتى فى زجاجات كبيرة، وبعد ذلك يوضع فى مكان معقم، ويتم نقله من الزجاجات الكبرى إلى عبوات صغرى عن طريق حقن مخصصة له، وكل هذا فى مكان على درجة عالية جدًا من التعقيم، وهذا ما لم يحدث فى نقل العقار، وتسبب فى تلوثه، وبالتالى أصيب المرضى بالعمى نتيجة انتقال ميكروب معين». وفى السياق ذاته، يرى هشام عادل أستاذ طب وجراحة العيون بقصر العينى، أن الأزمة تتلخص فى عملية التعقيم التى يقوم بها المورد، حيث إنها تتم فى مراكز خاصة ذات مواصفات معينة، والمستشفيات تستلم الكميات معقمة جاهزة، ويستعملها الطبيب مباشرة. وأضاف عادل: «وزارة الصحة يجب أن تختبر عينات من هذه الحقن التى تخفف فى المعامل، نظرًا لحقن المريض الواحد بعشرة مليمترات فى العين، لأن العقار يقوم بمنع وصول الدم للأجزاء الضارة، كما يستخدم فى علاج السرطان».