الفلاحون: «الكوسة» عملت عمايلها.. واللى يدفع ياخد صاحب مزرعة: لم تكن هناك معاينات.. وآخر: أخى صرف تعويضًا ولم يلحقه ضرر مزارع فى وادى النطرون: موظفو الإدارة الزراعية تربحوا من أزمة الناس.. كانوا بيظبطوا على 850 جنيهًا للفدان الزراعة: على الفلاحين الإبلاغ عن المرتشين.. ومن يثبت تورطه سيحول للنيابة قبل ما يقرب من شهر ونصف، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تخصيص مليار جنيه من صندوق تحيا مصر، كتعويضات للفلاحين، عن خسائر غرق أراضيهم ومحاصيلهم من الأمطار الغزيرة التى سقطت فى عدة محافظات، على رأسها البحيرة والإسكندرية، إضافة إلى تحسين حالة المصارف الزراعية ورفع قدراتها، حتى تستطيع استيعاب أى تصرفات مائية كبيرة أو مفاجئة. لكن عددًا من المزارعين وممثليهم من النقابات المهنية، أكدوا عدم وصول أى تعويضات إليهم حتى الآن، مشيرين إلى أنهم حذروا وقتها من التلاعب فى تنفيذ قرار صرف تعويض ال2000 جنيه لكل المتضررين من السيول بالبحيرة ووادى النطرون والإسكندرية، بحيث تصل هذه التعويضات إلى مستحقيها من الفلاحين المتضررين، وليس غيرهم. مزارعون فى محافظة البحيرة، تظاهروا طلبًا لصرف تعويضاتهم، نظرًا لتأخرها عن الموعد المخصص لها، حيث تجمَّع العشرات من الفلاحين المتضررين من قرى مركز كفر الدوار وسيدى غازى، فى وقفة احتجاجية أمام مبنى ديوان عام محافظة البحيرة احتجاجًا على عدم صرف التعويضات المقررة لهم. وقال الفلاحون «مبلغ ال2000 جنيه تعويضًا للفلاحين عن الفدان، أقل بكثير من الخسائر التى لحقت بهم، ولكن هذا المبلغ لم يتم صرفه حتى الآن»، مؤكدين عدم استجابة المسئولين فى المحافظة لهم، بداية من وكيل وزارة الزراعة هناك إلى محافظ البحيرة. «الصباح» التقت بعدد من المزارعين فى العامرية ووادى النطرون، ومناطق مختلفة فى محافظتى البحيرة والإسكندرية، لتكون البداية مع أحمد، وهو صاحب مزرعة فى وادى النطرون على الطريق الصحراوى، تدعى مزرعة خليل المالكى، يقول «والله عارفين إن السيول قضاء وقدر من عند الله، لكن إننا نعرف إن ناس أخدت فلوس تعويضات، وناس تانية اتظلمت فده مش عدل أبدًا»، مشيرًا إلى أنه تقدم بكل المحاضر والبلاغات المتعلقة بالخسائر الموجودة فى مزرعته منذ شهر تقريبًا، لكن لم يأت أى من الموظفين لمعاينة الأرض حتى الآن، ولم يحصل على أى تعويضات، بالرغم من أن مزرعته من أكثر المزارع تضررًا. وأشار إلى أن الموظفين الذين نزلوا لحصر الخسائر فى المزارع القريبة، لم يتجولوا فى الأرض، ليتأكدوا من وجود آثار للزراعة، واكتفوا بالمعلومات التى حصلوا عليها من أصحاب المزارع، موضحًا «يمكن أن يمتلك صاحب مزرعة 100 فدان، لكن لم يكن مزروعًا منها سوى 40 فدانًا فقط، وفى تلك اللحظة يستغل الموقف ويخبره بأن الأرض كلها كانت مزروعة، ويقوم الموظف بتسهيل الإجراءات فى مقابل اتفاق مبرم بينهما». وتابع أحمد «كان أهون أن التعويضات تتوقف عن الجميع، أحسن ما بعض الموظفين الفاسدين ينهبون فلوس التعويضات، بالرغم من إن الخسائر كانت أصعب من أن يتحملها أصحاب المزارع، وتلك الخسائر لا ترتبط بهم وحدهم، حيث تعد تلك المزارع مصدر رزق لكثير من الشباب الذين يقدمون من محافظات كثيرة للعمل فيها، وبعد تلك الخسائر تم تسريح العمالة كلها، حيث تم تدمير الأرض بالكامل، وإعادة التعمير فى تلك المزرعة ستتكلف مئات الآلاف من الجنيهات». وأضاف رمضان عبدالله، صاحب مزرعة أيضًا، بالإسكندرية، «عملية التعويضات لم تتم بشفافية، أخويا معندوش حاجة تضررت فى مزرعته، بس دفع فأخد تعويضات». وأشار إلى أن كل ما قام به أصحاب المزارع فى سبيل الحصول على تعويض هو إجراء محضر فى قسم شرطة وادى النطرون، ثم محضر آخر فى الإدارة الزراعية فى المدينة نفسها، حيث تسير كل الإجراءات بصورة عادية، ويتقدم صاحب المزرعة بكل الأوراق المطلوبة، ومنها عقد ملكية الأرض، وغيره من الأوراق الرسمية. وعن آلية توزيع التعويضات كشف رمضان «فى الإدارة الزراعية بتظبط نفسك مع الموظف، يعنى تقوله عندى 50 أو 60 فدانًا، وهو يقول لك: ألف جنيه تعويض على الفدان، وبتقبضهم 850 جنيهًا، فعلى الرغم من عدم وجود خسائر فى كثير من المزارع إلا أن أصحابها حصلوا على تعويضات». بينما أكد مرزوق جويدة، من منطقة مريوط فى العامرية بالإسكندرية، فلاح، «نسبة من تم تعويضهم نصف نسبة المتقدمين بمحاضر تتعلق بخسائر فى مزارعهم، أما النصف الآخر من المتضررين فلم يتمكنوا من الحصول على أموال التعويضات، وفيه ناس كانت متضررة فعلاً وأخدت تعويض، بس أقل بكتير من التعويض اللى مصروف لهم من الصندوق، وعارفين إن الموظف نصب عليهم، بس مكانش قدامهم حل تانى». وأفاد «مفيش أى فرصة دلوقتى لتعويض مزارعين آخرين، حيث تم غلق الباب، والموظف اللى خدم أصحاب المزارع غير المتضررة للحصول على تعويضات، ميقدرش يخدم ناس تانية دلوقتى، لأن مفيش فرصة، باب التعويض اتقفل خلاص، هو كان ممكن يساعد فى وقتها». ويردف «فيه 40 فدانًا فى منطقة اسمها البحر الفارغ فى وادى النطرون، صاحبها حصل على تعويضات، رغم إن الأرض ماكانتش مزروعة، وضياع حقوق أصحاب المزارع يرجع إلى فساد بعض الموظفين فى الإدارة الزراعية الذين استغلوا الكارثة الإنسانية التى حلت بالمنطقة، وأوجدوا منها وسيلة للتربح من خلال مساومة أصحاب المزارع للحصول على جزء كبير من أموال التعويضات». ويتابع «بلغت المساومة أحيانًا الحصول على نصف مبلغ التعويض، والفساد الإدارى اللى حصل فى التعويضات أمر متوقع، لأننا نواجه الأزمة نفسها فى توفير السماد من الإدارة الزراعية، ناس بتجيلها عربيات السماد مباشرة، وناس تشتريه من بره بالإجبار». ويقول آخر، صاحب مزرعة فى وادى النطرون، رفض ذكر اسمه، «تقدمت بكل المحاضر فى مركز شرطة وادى النطرون، لكن لم يأت أحد لمعاينة خسائر المزرعة، أو لعمل حصر لها»، مؤكدًا أن هناك أصحاب مزارع ومزارعين صرفوا تعويضات على أراضٍ غير مزروعة، قائلًا «والعيب على الموظفين اللى استغلوا الفرصة واتربحوا من أزمة الناس». ويؤكد نادى أيوب، عضو مجلس نقابة الفلاحين بالبحيرة، أن أغلب الفلاحين فى المحافظة كانوا يزرعون نبات البنجر، الذى استفاد بشدة من مياه السيول، وزاد محصوله بشكل غير مسبوق بسبب غمر المياه له، ومع ذلك يصرف مزارعو البنجر آلاف الجنيهات من الحكومة كمتضررين. وأوضح «تواطؤ عدد من موظفى الزراعة مع مزارعى البنجر شجعهم على ذلك، إذ يقرر الموظف أن الفلاح متضرر، على أن يأخذ ربع ما يصرف له»، مشيرًا إلى أن عدد المزارعين الذين سُجّلوا كمتضررين ولا يستحقون التعويض، يزيد على 30 ألفًا، ما يعنى أنهم سيصرفون عدة ملايين دون وجه حق، فى حين لم تسجل أسماء معظم المتضررين الحقيقيين»، مطالبًا الحكومة بمراجعة كشوف المستحقين للتعويضات. لكن حسن خبيلة، رئيس جمعية الصاعدة الزراعية، فى العامرية بالإسكندرية، يرى «أن المتضررين وغير المتضررين صرفوا تعويضات، لأن جميع المزارعين تقدموا لصرف تعويضات، سواء لضرر لحق بهم أم لا، وهناك كشوفات بأسماء المزارعين الذين أبلغوا الإدارات الزراعية بوجود ضرر وقع عليهم جراء الأمطار. وتابع خبيلة ل«الصباح»: «دى سبوبة، وقرار صرف التعويضات خاطئ، لأن حجم الضرر ليس كبيرًا، وإحنا بنستنى سقوط الأمطار بفارغ الصبر، ويا ريت تمطر كل يوم، بس يا ريت وزارة الرى وجهاز تحسين الأراضى التابع لوزارة الزراعة يشتغلوا». الدكتور عيد حواش، المسئول الإعلامى لوزارة الزراعة، علق «هذه هى التعويضات التى أقرها الرئيس للمزارعين، أما المخالفين والمرتشين فى الإدارات الزراعية، المسئولة عن عمليات الحصر، فعلى الفلاحين الإبلاغ عنهم لتحويلهم للنيابة العامة، وسيعاقب من يثبت فساده». أكد حواش، ل«الصباح»، أن الوزير ومدير مكتبه خالد الحسنى بابهما مفتوحًا لأى فلاح، وهذه التعويضات لابد من توزيعها بعدالة للمزارعين المتضررين، وليس غيرهم من أصحاب المزارع غير المتضررين، وأى موظف يخالف ذلك يتم محاسبته». وأشار مسئول الوزارة الإعلامى، إلى أن عمليات الحصر جرت بدقة لصرف التعويضات للمزارعين بالتعاون مع المحافظات، باعتبارها جهة إدارية مشاركة فى الأزمة، مضيفًا «المواضيع دى مفيهاش هزار». كانت محافظة البحيرة، قد قدرت الخسائر التى تعرضت لها بحوالى 56 ألف فدان على امتداد المحافظة، وأعلنت عن توزيع التعويضات على مراحل، المرحلة الأولى شهدت إنفاق 35 مليون جنيه على 22 ألف متضرر، بينما تم تحديد 12 مليون جنيه للمرحلة الثانية التى ستكون مخصصة لأراضى الإصلاح الزراعى التى يبلغ عدد المتضررين فيها 56 ألف مزارع.