كمال حبيب: الصفقات لا تعلن مرة واحدة.. خالد عكاشة: المشهد لا يعكس توافقات.. ورفعت السعيد: تقرير بريطانيا يدعم عدم التصالح سامح عيد: هدنة تتضمن الإفراج عن 80 فى المائة من الصف الثانى بالجماعة يبدو أن المشهد الراهن فى مصر بات ملتبسًا إلى حد كبير، فما بين القول بأن الدولة تسعى للمصالحة مع الجماعة والنفى، باتت الأزمة محل جدل بشكل يومى، وهو ما جعل الأطراف المعنية تنتظر أى موقف لتفسره بأنه بوادر لعملية التقارب وإبرام مصالحة مع قيادات الجماعة، وقد تكون الإشارة الأخيرة هى الأقرب لهذا الترجيح، خاصة بعدما اتضح الأمر جليًا عقب موافقة السلطات الأمنية بنقل الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب السابق، والقيادى الإخوانى المعروف من السجن إلى مستشفى المنيل، بعد إجراء فحوصات طبية له، لحين مثوله الكامل للشفاء. ما أثار القضية هى تأكيدات سابقة لمحمد الدماطى محامى الكتاتنى بأن موكله ليس به مرض جسدى بسبب الصورة التى نشرت له بمواقع التواصل الاجتماعى، وظهر خلالها فاقدًا كمية كبيرة من وزنه، مشيرًا إلى أن هناك سوء تغذية داخل السجن وهو ما أثر على حالته الصحية، وجعله يخسر الكثير من وزنه، ورغم ذلك خرج الكتاتنى من السجن الأسبوع الماضى للعلاج. بعض رموز السياسة تحدثوا ل«الصباح» عن تلك الصفقة، وإن كانت بوادر ظهور لها أنها مجرد شائعة لا قيمة لها، وأن الدولة ماضية فى طريقها ولا مصالحة إلا بشروط. الدكتور كمال حبيب، الباحث فى الإسلام السياسى، قال «نقل الكتاتنى للمستشفى لا يعد بندًا لصفقة بين الدولة والجماعة، لأنها لو كانت صفقة لكانت محدداتها ظهرت بشكل أكبر من ذلك، شاملة إجراءات أكثر شمولًا من نقل الكتاتنى للمستشفى، ولن تخرج للعلن مرة واحدة، وما حدث للكتاتنى جاء كاستجابة للضغوط، خاصة بعد انتشار صورة للكتاتنى بشكل يكشف تأثير السجن عليه من قلة فى الوزن ومرض شديد، كما أن منظمات حقوقية دولية استهجنت التعامل مع المسجونين». المنشق عن جماعة الإخوان سامح عيد، فسر الموضوع بأنه «هدنة بين الدولة والجماعة، لأن الحكومة لا تريد أن تورط نفسها فى وفاة السجناء، مثلما حدث مع عصام دربالة، القيادى بالجماعة الإسلامية، خاصة أن الكتاتنى شخصية شهيرة ولها ثقل سياسى فهو رئيس البرلمان السابق، منوهًا بأن الهدنة بين الطرفين شملت خروج 80 فى المائة من القيادات الوسطى للجماعة من السجون فى الفترة الماضية، وخاصة فى المحافظات على ذمة قضاياهم أو براءة»، مشيرًا إلى أن أحداث 25 يناير المقبلة دفعت الدولة والإخوان إلى التهدئة، وعقد هدنة غير مركزية، أى أن على الإخوان فى كل محافظة التعامل مع الواقع». من جانبه، أوضح العقيد خالد عكاشة، الخبير الأمنى، أنه لا يمكن الاستدلال من هذا الأمر على وجود صفقة بين الدولة والجماعة، وأن هذا الإجراء طبيعى ومن حق أى مسجون أن يقوم بعمل الفحوصات أو ينقل إلى المستشفى حال مرضه، خاصة أن هذا الأمر لم يكن الأول من نوعه، فقد تم نفس الإجراء مع فريد إسماعيل من قبل ومع بعض القيادات الأخرى. وتابع عكاشة «الدولة تقوم فى الوقت الراهن بحملات أمنية للقبض على بعض المحرضين أو المتورطين فى العنف، وهو ما يستبعد فكرة المصالحة خلال الفترة الراهنة، نظرًا لتمادى الجماعة فى العنف والعداء ضد الدولة وعدم اعترافها بجرائمها، وهو الأمر الذى يستحيل معه المصالحة التى عادة ما تكون مشروطة». وشدد عكاشة على أن الأجهزة الأمنية تشدد الإجراءات فى الوقت الراهن قبيل ذكرى 25 يناير، التى عادة تتجدد معها دعوات الجماعة للعنف والشغب فى أرجاء الوطن، ما جعل الجهات الأمنية تقوم بضربات استباقية هذا العام». الدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشارى بحزب التجمع، قال «مثل هذه الخطوة لو تمت، فستكون تلاعًبا من جانب جماعة الإخوان، ولكن الدولة لن تتجه إلى الصفقات أو المصالحات مع الجماعة خلال تلك الفترة». وأضاف السعيد «من الصعب جدًا خلال هذه الفترة عقد أية صفقات، خاصة بعد إعلان بريطانيا عن ثبوت علاقة الجماعة ببعض أحداث العنف ودعمها لبعض الجماعات المتطرفة»، مؤكدًا على أن بعض الدول العربية ستصعد من الإجراءات ضد الجماعة خلال الفترة الراهنة، بعدما أدانت معظم الدول الأوربية نشاطات الجماعة. وتابع السعيد «قيادات الجماعة التى تتمارض يكون الهدف من ذلك الأمر استغلال المشهد حالة عدم نقلهم للمستشفيات من خلال بعض مراكز حقوق الإنسان التى تعمل ضد صالح الوطن ولا تعى الحيل التى تقوم بها الجماعة لتشويه صورة مصر فى المجتمع الدولى». وشدد السعيد على أن كل ما قيل خلال الفترة الماضية بأن هناك خطوات تقارب بين الحكومة وجماعة الإخوان فى الداخل لم يعد متوقعًا الآن، خاصة أن هناك توجهات من الدولة للسير قدمًا بعيدًا عن مشهد عودة الجماعة مجددًا للمشهد تحت أى شروط. فيما يرى الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن «هذه التوقعات فى الوقت الراهن ليست صائبة، خاصة أن الظروف والمعطيات الحالية تدل عكس ذلك نهائيًا، ومثل هذه الشائعات تشير إلى أمر خطير وهو أن الكثير من المواطنين، سواء من الإخوان أو الجانب الآخر، فقدوا إنسانيتهم لدرجة جعلت كل منهم يعلى الخلاف السياسى على الآدمية، التى تفترض أن أى إنسان قد يمرض، من حقه العلاج والرعاية». وأضاف عبد المجيد «هذه الوحشية التى أصبح يعانى منها المجتمع تنذر بعواقب وخيمة على كل المستويات»، مؤكدًا على أن الدولة لن تتجه لصلح مع الجماعة، بناء على تلك الخطوة أو عدمها. نقل الكتاتنى إلى المستشفى تزامن مع نشر بريطانيا للتقرير الخاص بالجماعة والتى أقرت فيه بأن بعض فرق الجماعة متورطة فى دعم العنف وتقود إلى التطرف، ورغم أن تضاربًا اشتمله التقرير ذاته، بقول الحكومة البريطانية إنه لا يجب حظر الجماعة أو إعلانها جماعة إرهابية، إلا أن عددًا من المطلعين بالشأن الإسلامى رأوا أنه سيكون بمثابة خطوة إضافية لتشدد الدول العربية من الإجراءات ضد جماعة الإخوان المسلمين ولاسيما فى مصر، وهو ما يستبعد عقد النظام المصرى لأية مصالحة فى الوقت الراهن.