200 مليون جندى يتواجهون فى هرمجدون ليكتبوا سفر النهاية نابليون وبوش ونيوتن وكارتر مشاهير آمنوا ب"هرمجدون" آيات وأحاديث عن صلح بين المسلمين والمسيحيين وتحالف لمقاتلة عدو مشترك.. قبل أن تقع الملحمة الكبرى 51 ٪ من الأمريكيين يؤمنون بالنبوءة والأحايث الإسلامية التى تتحدث عنها ضعيفة كل شىء يبدو جاهزًا لقرع طبول حروب آخر الزمان. هكذا ينظر كثيرون إلى الأوضاع السياسية والعسكرية المتوترة فى مناطق ملتهبة من العالم، وسط سيل من النبوءات والروايات التى تتحدث عن حروب نهاية العالم، بكل ما فى هذا التوصيف من دلالات وأبعاد دينية. يتعين القول إن النبوءة بآخر الزمان ذات أبعاد دينية واضحة، تجدها فى عدد من الكتابات والمقولات والنصوص فى أديان سماوية عدة، خصوصًا عقيدة الملحمة القتالية الكبرى والتى تسمى (هرمجدون) أو أرمجدون، وارتبطت بنهاية العالم. أصبحت هذه الأسطورة مركز اهتمام العديد من الباحثين الاستراتيجيين والسياسيين، خصوصًا من الحزب الجمهورى الأمريكى بسبب تحالفهم مع الإنجيليين المتشددين، حيث يعتمدون على سفرين من العهد القديم هما: (نبوءات حزقيال ورؤى دانيال) لكونهما يؤرخان لفترة حرجة من تاريخ بنى إسرائيل تمثلت بفترة السبى البابلى وعلاقته بعودتهم آخر الزمان. واليوم هناك عدد كبير من الأمريكيين يؤمنون بنهاية العالم وقرب خروج المسيح الدجال، يؤكد ذلك استطلاع أجرته مجلة «تايم» سنة 1998 أكد أن 51 فى المائة من الشعب الأمريكى يؤمن بهذه النبوءة، (انظر: كتاب «نبوءات نهاية العالم عند الإنجيليين وموقف الإسلام منها»، لمؤلفه: محمد عزت محمد، نشر دار البصائر، القاهرة 2009)، والتاريخ الغربى يثبت أن عددًا من المشاهير كانوا ينطلقون عقائديًا من هذه الأسطورة، مثل نابليون، الذى زار بنفسه سهل هرمجدون، وعالم الفيزياء نيوتن، الذى تنبأ بوقوعها بعد 57 عامًا، ناهيك عن الفاتيكان وملوك أوروبا فى العصور الوسطى، وتؤكد جريس هالسل فى دراسة حول تأثير هذه النبوءة فى السياسة الأمريكية، أن جورج بوش، وجيمى كارتر، ورونالد ريجان كانوا من المؤمنين بها، بل إن الأخير كان يتخذ معظم قراراته السياسية أثناء توليه الرئاسة على أساس النبوءات التوراتية (انظر كتبها: «النبوءة والسياسة»، «الإنجيليون العسكريون فى الطريق إلى الحرب النووية»، ترجمة: محمد السماك، نشر دار الشروق، 2002). وهذا ما يجعل أمر الأساطير والنبوءات بنهاية العالم تثير القلق فى الشرق والغرب، وتكمن الخطورة فى أنها قد تصل لتكون المحرك والدافع لسياسات وحروب تدخل العالم فى دمار جديد. وهرمجدون هى كلمة جاءت من عبرية هار-مجدون أو جبل مجدو، حسب المفهوم التوراتى هى المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان وتكون على إثرها نهاية العالم. وتقع هضبة «مجيدو» فى فلسطين على بعد 90 كلم شمال القدس و30 كلم جنوب شرق مدينة حيفا، وكانت مسرحًا لحروب ضارية فى الماضى، كما تعتبر موقعًا أثريا مهمًا أيضًا. وهى عقيدة مسيحية ويهودية مشتركة، تؤمن بمجئ يوم يحدث فيه صدام بين قوى الخير والشر، وسوف تقوم تلك المعركة فى أرض فلسطين فى منطقة مجدو أو وادى مجدو، متكونة من مائتى مليون جندى يأتون لوادى مجدو لخوض حرب نهائية. فى «التلمود» نطالع: « قبل أن يحكم اليهود نهائيًّا : لا بد من قيام حرب بين الأمم، يهلك خلالها ثلثا العالم، ويبقون سبع سنين يحرقون الأسلحة التى اكتسبوها بعد النصر». وجاء فى «الإنجيل « - سِفر رؤيا يوحنا 16 : 15، 16 - على لسان عيسى عليه السلام واصفًا مجيئه المفاجئ فى آخر الزمان: «ها أنا آتى كلص! طوبى لمن يسهر، ويحفظ ثيابه، لئلاَّ يمشى عريانًا، فيروا عريته، يجمعهم إلى الموضع الذى يدعى بالعبرانية «هرمجدُّون». يذكر أنه فى عام 1984 أجرت مؤسسة يانكلوفينش استفتاءً أظهر أن 39 فى المائة من الشعب الأمريكى، أى نحو 85 مليونًا، يعتقدون أن حديث الإنجيل عن تدمير الأرض بالنار - قبل قيام الساعة - سيكون بحرب نووية فاصلة. وعند المسلمين فإن هناك إيمانًا بمعركة كبرى فى آخر الزمان تقع بين المسلمين واليهود دون الإشارة إلى اسم هرمجدون تحديدًا، وينتهى الأمر بانتصار المسلمين فى المعركة، بالإضافة إلى أنها ستكون حربًا مدمرة تقضى على معظم أسلحة الدمار الشامل. وهى فى روايات أخرى تمهيد للملحمة الكبرى، إذ يستعين الروم -أمريكا وأوروبا- بالمسلمين للقضاء على الشر -الصين وروسيا وإيران ومن معهم، ويتم لهم ما أرادوا، ثم يشحذون سيوفهم للقضاء على المسلمين فى الملحمة الكبرى. وقد ثبت فى صحيح السنَّة أنه سيقع فى آخر الزمان صلح بين المسلمين والمسيحيين، ثم يقاتلان معًا عدوًّا، ثم يتقاتل الطرفان فى «ملاحم كبرى» عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ذِى مِخْمَرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِى تُلُولٍ فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الرُّومِ فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ وَيَقُولُ أَلَا غَلَبَ الصَّلِيبُ فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَتَكُونُ الْمَلَاحِمُ فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْكُمْ فَيَأْتُونَكُمْ فِى ثَمَانِينَ غَايَةً مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشْرَةُ). رواه أبو داود (4292) وابن ماجة (4089)، وصححه الألبانى فى «صحيح أبى داود». ثبت عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، تسمية موضع الملحمة أو المواجهة الكبرى بأنه «الأعماق»، أو «دابق» - موضعان بالشام، قرب حلب. وفى صحيح مسلم تفصيل لهذه الموقعة: عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق (وهذا موضع قرب حلب فى الشام فيكون هناك موضع الملحمة) فيخرج له جيش من المدينة من المسلمين من خيار الأرض يومئذ فإذا تصافوا أمام بعض قالت الروم : خلو بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم (وهذا يدل أنه وقعت حروب سابقة بين المسلمين والروم وانتصر المسلمون وسبوا الروم وأسلم السبى وجاء يجاهد) فيقول المسلمون: لا والله لا نخلى وبين إخواننا: فيقاتلونهم: فيهزم ثلث (أى: من الجيش المسلمين) لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلث (أى: من المسلمين) أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث (يعنى الثلث الأخير يفتح البلاد ويغنم) لا يفتنون أبدا فيفتتحون قسطنطينية، وبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح (أى الدجال) قد خلفكم فى أهليكم (أى يريد إفزاعهم وتخويفهم) فيخرجون (أى يتوجهون إلى الدجال) وذلك باطل (أى يكون كلام الشيطان هذا باطل) فإذا جاءوا الشام خرج (أى المسيح الدجال). وفى الرواية : «فبينما هم يعدون لقتال الدجال بعد أن قاتلوا الروم وما استطاعوا أن يقتسموا الغنائم ويسوون الصفوف إذا أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم؟..» رواه مسلم (2897). تفصيل الغزوة برواية أخرى: قال صلى الله عليه وسلم: «إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام (قال ابن مسعود: الروم) وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب فيقتتلون حتى يمسوا فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام (أى يجتمع أهل الإسلام من الأماكن المختلفة) فيجعل الله الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة - إما قال: لا يرى مثلها وإما قال: لا يرى مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد فبأى غنيمة يفرح؟! أو أى ميراث يقسم ؟1 فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك ! فجاءهم الصريخ: إن الدجال قد خلفكم فى ذراريكم فيرفضون ما فى أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة قال صلى الله عليه وسلم: إنى لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على الأرض يومئذ - أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ». (رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبى وأقره المنذرى). ومجمع الجيش الإسلامى للملحمة الكبرى يومئذ مدينة دمشق فى الغوطة وهم خير جيش على ظهر الأرض آنذاك ينصرهم الله عز وجل على الروم. وعن أبى الدرداء رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام». وفى رواية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ» (رواه مسلم). وفتح القسطنطينية على المسلمين بدون قتال وسلاحهم يومئذ التكبير والتهليل وبقيادة المهدى. ففى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سمعتم بمدينة جانب منها فى البر وجانب منها فى البحر ؟ قالوا: نعم يا رسول الله قال: «لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفًا من بنى إسحاق فإذا جاءوها فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها - قال ثور بن يزيد: لا أعلمه إلا قال: الذى فى البحر- ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج فيدخلونها فيغنمون فبينما هم يقتسمون المغانم إذا جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال خرج فيتركون كل شىء ويرجعون». (انظر: حمود التويجرى، اتحاف الجماعة بما جاء فى الفتن والملاحم وأشراط الساعة، 1980). بالجمع بين روايات المسيحية والإسلام، واستكمال الصورة، فإن تلك الملحمة الكبرى تتسم، إذًا، بالآتى: تكون بعد «أرمجدون» العالمية، وفى أعقابها. هى لقاء مباشر بين الغرب والمسلمين. تكون فى سوريا وتحديدًا فى مكان بالقرب من دمشق. إن أحوال آخر الزمان وردت فيها نصوص دينية تحتاج إلى تثبّت، فى صحة دلالتها على النص وصحة النقل مما ورد فى السُنة، لأن هناك الكثير من الروايات الضعيفة والموضوعة أُدرجت فى كتب الفتن وآخر الزمان، وهى غيب كلها، وما يقع منها يحتاج إلى توافق أفهام العلماء فى صحتها ووقوعها، وأنها أصبحت رأى العين لا يكذّب بها إلا جاهل، وهذا يندر وقوعه فيما يحصل من ملاحم وفتن معاصرة، خصوصًا ادّعاء المهدية، أو عودة الخلافة على منهاج النبوة، أو قتال الروم واليهود مع عيسى عليه السلام، وانتفاء ذلك يُصيّرها أوهامًا وشكوكًا. وقد حصلت مثل تلك الأخطاء التأويلية الشنيعة فى عصرنا الحاضر، والتى تبين أنها مفاهيم مغلوطة لحقائق آخر الزمان، مثل ما حصل من جهيمان العتيبى فى هجومه على الحرم المكى وادعاء القحطانى أنه المهدى فى نوفمبر 1979 (انظر: كتاب «أيام مع جهيمان» لمؤلفه ناصر الحزيمى، نشر الشبكة العربية للأبحاث والنشر 2011)، أو قصة السفيانى الذى يخرج آخر الزمان ويقتل الروم ويهزمهم، وإسقاطه على شخصية الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين (انظر كتاب «البيان النبوى بانتصار العراقيين على الروم أمريكا وبريطانيا والترك وتدمير إسرائيل وتحرير الأقصى، لمؤلفه فاروق الدسوقى، نشر المكتبة التوفيقية للطبع والنشر والتوزيع، 1997). ومثله ما يتداول هذه الأيام من أحاديث الرايات السود، وتنزَّل على أصحاب جماعة «داعش» الإرهابية، ونصه: «إذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض ولا تحركوا أيديكم ولا أرجلكم! ثم يظهر قوم ضعفاء لا يؤبه لهم، قلوبهم كزبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد ولا ميثاق، يدعون إلى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكنى ونسبتهم القرى، وشعورهم مرخاة كشعور النساء حتى يختلفوا فيما بينهم ثم يؤتى الله الحق من يشاء». وهذا الحديث وغيره ورد فى كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزى، وأجمع أغلب المحققين على عدم صحتها. يقول الإمام الذهبى عن نعيم بن حماد: «لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب (الفتن) فأتى فيه بعجائب ومناكير» (سير أعلام النبلاء 0ا/ 609).