12 مليار دولار حجم تجار قطع الغيار المغشوشة فى مصر والشرق الأوسط 15 فى المائة بالمئة من حوادث الطرق بسبب التلاعب فى احتياجات السيارات ظهرت فى الفترة الأخيرة حيل كثيرة للغش والخداع فى جنوط السيارات، حيث يتم تغيير الجنوط الأصلية بأخرى صينى يأتى أغلبها عبر التهريب من ميناء بورسعيد، وغير مطابقة للمواصفات المصرية أو مقلدة، مما يعرض حياة المواطنين للخطر. ولا يقتصر الخداع فى بيع الجنوط على الورش الصغيرة فقط، بل يصل الأمر إلى معارض السيارات الكبيرة، التى تقوم باستبدال الجنوط المستوردة مع السيارة بأخرى صينى. فى هذا التحقيق تكشف «الصباح» طرق غش وخداع المستهلكين وبيع الجنوط الأصلية بأخرى مقلدة (للسيارات الجديدة المستوردة من الخارج) فى أكثر من مكان، وهو ما كان عاملًا فى زيادة حوادث السيارات فى الفترة الأخيرة، بحسب شكاوى قدمها متضررون من تلك الأزمة ل«الصباح». الشكوى الأولى جاءت من عبد الرحمن حامد، أحد قاطنى شارع مصطفى النحاس، بمدينة نصر، فقال إنه كان أحد ضحايا عمليات الخداع من أحد أكبر المعارض لبيع السيارات فى مدينة نصر (س.ر). وبدأت قصته بعد اكتشافه أن السيارة التى اشتراها من ماركة «لانسر شارك» بها جنوط مقلدة، «وليس الجنوط التى تأتى مع السيارة من الخارج وفقا للكتالوج، وتم تركيب طاسة (غطاء بلاستيكى يوضع على الجنت من الخارج) عليها لإخفاء ملامح التغيير. عبدالرحمن أكد أنه اكتشف بعد ذلك أن هناك «جراج» مهجورًا فى آخر شارع مصطفى النحاس هو بمثابة مكان لبيع تلك الجنوط المقلدة فى مدينة نصر، ويقوم المعرض بإرسال سياراته إلى هناك وتغيير الجنط بآخر مستعمل، ثم عرض السيارة مرة أخرى وكأنها جديدة، لكنه لم يقدم شكوى لأى جهة رسمية. أحمد مصطفى، هو الآخر كان من ضحايا قطع الغيار المقلدة بعد شرائه «جنط» من سوق الوكالة، وتعرض لحادث بعد أسبوعين فقط على طريق مصر إسكندرية الزراعى، إثر انفصال إطار السيارة الذى به الجنط الذى لم يمض عليه أسبوعان. فيما وقع إبراهيم جاد فى نفس الفخ بعد أن قرر الهروب من أسعار التوكيل المبالغ فيها على حد قوله، فذهب إلى التوفيقية واشترى جنطًا لسيارته لتوفير ما يقرب من 2500 جنيه، إلا أنه اضطر للعودة إلى التوكيل ليصدم بعد ذلك بأنه تعرض لعملية نصب. وبحسب أحد الفنيين بورشة قطع غيار سيارات فى وكالة البلح بوسط القاهرة، فإن أول شىء عليك أن تقوم به لتركيب جنط قديم على أنه جديد هو غسيل الجنط جيدًا واستخدام السنفرة لإزالة الصدأ عن الحديد تمهيدًا لتغيير اللون، ويفضل تغيير لون الجنط إلى لون آخر ورش «الجنط» باللون الفضى أو الأسمر، الخطوة التالية هو تركيب قرطاس «طاسة» فوق الجنط وهى موجودة فى السوق بأسعار مختلفة وبجودات متفاوتة جدًا، لكن أغلب الجنوط المقلدة تكون باللون الفضى أكثر من مرة حتى يعود لون الجنط كالجديد تمامًا. بدأت رحلة «الصباح» فى تتبع «جنوط» السيارات المقلدة من سوق قطع غيار السيارات بالوكالة، حيث تجد هناك كل قطعة غيار تحتاجها سيارتك، وكل قطعة منها تحتاج إلى تحقيق استقصائى مستقل، قمنا بالتركيز على ما دخلنا السوق من أجله فقط. دخل محررا «الصباح» متظاهرين بانعدام الخبرة، فتسابق الجميع إلى خدمتيهما وتلبية ما يحتاجان إليه أيًا ما كان.. وبأى سعر، وكانت المحطة الأولى عند شاب يبلغ 17 عامًا يفهم جيدًا أساليب تصريف بضاعته. عرض على المحررين خدماته وعندما طلبنا منه «جنط سيارة» وتظاهرنا بأننا لا نعرف الفارق بين الجنط والطاسة، قال لنا أيًا كان طلبكم لأنكم جادين فى الشراء سأوفره لكم، وعرض علينا ما لديه، وكانت المفاجأة أن الجنوط المقلدة التى يتم صناعتها فى الورش المصرية فى الوكالة يكون سعرها النصف تقريبًا مقارنة بسعر ال«جنط الصينى» الذى يصل إلى 2000 جنيه، أما ما لديه فلا يتخطى 1000 جنيه، و«علشان خاطرنا» سيصبح ب 800 جنيه فقط. المحطة التالية كانت فى ورشة أخرى فى نفس المنطقة، فتحت لنا بابًا آخر فى التحقيق، ففى هذه الورشة أكد لنا البائع أن كل ما لديه من «جنوط» مستوردة، لكنها فقط مستعملة وسعرها 400 جنيه. ولكى نختار ما يناسبنا ذهبنا مع «صبى الورشة» إلى المخزن، وفى الطريق أكد لنا أن ما لديه من جنوط جميعها تعتبر «صناعة مصرية»، حيث يتم تجميع الجنوط من الحوادث وإعادة صناعتها وبيعها على أنها مستوردة، وأن هذا ليس فقط فى الوكالة وإنما فى التوفيقية أيضًا. سر الصنعة وأكد لنا أن الجنوط يتم تجميعها من السيارات بعد الحوادث والسيارات القديمة، والمفاجأة أنهم أيضا يحصلون عليها من السيارات المتهالكة التى يتم تحريزها أمام أقسام الشرطة لمدة طويلة، دون أن يأتى أحد لإنهاء الملف الخاص بها، بالتعاون مع بعض أمناء الشرطة. بعد الحصول على الجنط يتم غسله جيدًا واستخدام الصنفرة لإزالة الصدأ، أما إذا كان قد تعرض لحادث وأصبح «جنط ملووح» يمر بمرحلة قبل ذلك لإعادته إلى طبيعته، ثم الرش لثلاث مرات تقريبًا حتى يظهر وكأنه جديد، ويتم إخفاء أية عيوب به، ويكون اللون فى الغالب هو اللون الفضى، ثم تركيب «طاسة» فوق الجنط لتختفى عيوبه تمامًا. اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، قال إنه يورد للجهاز شكاوى كثيرة بسبب قطع غيار السيارات المغشوشة، وأنه تم القبض من قبل على شركة ورد للجهاز أنها تبيع قطع غيار سيارات مقلدة لشركة نيسان الأصلية حيث تم ضبط 97 كشافًا أماميًا مقلدًا للكشاف ماركة نيسان صنى موديل 2015، حيث أثبت على الكرتونة الخارجية عبارة NASSIV CHINA، بجانب قطع غيار أخرى مغشوشة. من جانبه قال شلبى غالب، رئيس شعبة قطع غيار السيارات، أن مراكز الصيانة غير المعتمدة والورش المنتشرة فى أرجاء القاهرة، والتى تعنى بتركيب قطع غيار السيارات المستعملة أو بيع القطع الصينى على أساس أنها أصلية، فتندرج تحت بند الغش التجارى، لأن القطع فى أغلبها تكون غير مؤهلة للاستعمال فى السوق والطرق المصرية، حيث لا تكون مطابقة للمواصفات القياسية العالمية والمصرية لمثيلتها الأصلية، كما أن قطعة الغيار الصينى أو المقلدة عمرها الافتراضى يكون بنسبة 10 فى المائة مقارنة بمثيلتها الأصلية، وبالتالى تنكسر وتهلك وتؤدى إلى الكوارث وحوادث الطرق. وأضاف شلبى أن هناك مستوردين دون ضمير، يعملون على تهريب قطع السيارات الصينى، وتضع عليها ماركات السيارات الأصلية. ويقول الدكتور أحمد صبرى، خبير الطرق والكبارى، أن أغلب حوادث الطرق يكون سببها الرئيسى قطع غيار السيارات المغشوشة، وتكون أيضا سبب اشتعال السيارات واحتراقها على الطرق، مما يتسبب فى أكثر من حادثة، وأكد على أهمية دور الجهات الرقابية المعنية بالأمر. وأوضح أن مؤتمرًا للتعريف بمخاطر قطع الغيار المقلدة لعام 2015 كشف أن إجمالى تجارة قطع غيار السيارات وبلغ حجمها حوالى 12 مليار دولار سنويًا فى مصر والشرق الأوسط.